جدل علمي تجدّد في المنصات الإخبارية الدولية بشأن النموذج الأنجع للتصدي لفيروس “كورونا” المستجد، في ظل تفرّد بعض الفواعل الوطنية بإستراتيجيتها الصحية زمن الجائحة، إذ نجحت السويد في السيطرة على الحالة الوبائية بفضل سياسة “المناعة الجماعية”، بينما أدى اعتماد “الإغلاق الصارم” في الصين ونيوزيلندا إلى ضبط الوضع العام.

ولم تعد ستوكهولم تتعدى 700 إصابة في اليوم الواحد طيلة الأسبوع الأخير، رغم حملة الانتقادات الواسعة التي طالت البلد الإسكندنافي في منتصف فترة الجائحة، لأنه الوحيد الذي لم يُشدّد تدابير الوقاية في أوروبا، ما أفضى إلى تضاعف الإصابات، لكن سرعان ما عادت الحالة الوبائية إلى مستواها الطبيعي في الأسابيع الماضية.

بذلك، دعت مجموعة دولية من العلماء والباحثين في مجال الفيروسات، عبر وثيقة نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية حيثياتها، إلى تطبيق “المناعة الجماعية” على الشباب لاحتواء المرض، في ظل استحالة الإغلاق الكلي للبلدان، ما يستدعي، بحسبها، السماح بانتشار الفيروس وسط الناس.

وفي المقابل، نبهت منظمة الصحة العالمية إلى “عدم أخلاقية” اتباع الإستراتيجية سالفة الذكر، لافتة إلى أن “المناعة الجماعية” لم يسبق أن اعتمدت عبر التاريخ للتصدي لأي وباء عالمي، ومؤكدة أن التلقيح هو السبيل الذي من شأنه الحد من تأثيرات فيروس “كورونا”.

ولم ينجح المغرب، إلى حد الآن على الأقل، في احتواء الجائحة، جراء تسجيل أرقام مرتفعة من الإصابات في الأسابيع الماضية، إذ توزعت إستراتيجيته الصحية بين مرحلتين؛ ففي البداية نهج “الحجر الصحي الشامل” الذي أعطى نتائج إيجابية، لكنه طبق بعدها “الحجر الصحي الجزئي” الذي يستهدف “المناطق الموبوءة”.

وفي نظر جمال الدين البوزيدي، طبيب اختصاصي في الأمراض التنفسية، فإن “ما تسمى المناعة الجماعية تأتي بعد تفشي فيروس كورونا بين أكثر من 70 في المائة من المواطنين”، مبرزا أن “بريطانيا أرادت تطبيق هذه الإستراتيجية، لكن العملية الحسابية الأولية أثبتت عجزها عن أجرأة الخطة الصحية”.

وأوضح البوزيدي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المملكة المتحدة وجدت أن المناعة الجماعية تتطلب مضاعفة أعداد الأطر الطبية وشبه الطبية والتقنية ثلاثين مرة؛ وهو أمر مستحيل من الناحية المادية، فإذا توفرنا مثلا على 100 ألف طبيب فإن تطبيق هذه الإستراتيجية يتطلب توفير 3 ملايين طبيب”.

وشدد محدثنا على أن “50 في المائة من المصابين بالمرض بدون أعراض، و30 في المائة يعانون من أعراض خفيفة، و20 في المائة من أعراض شرسة، بينهم 5 في المائة يرقدون في أقسام العناية المركزة؛ في حين يموت 85 في المائة من المرضى الذين وصلوا إلى مصالح الإنعاش”.

وأشار الطبيب المغربي إلى أن “المغرب اعتمد الحجر الصحي الكلي، ثم بعده نهج الحجر الصحي الجزئي حسب المناطق الموبوءة”، مردفا: “نتوفر على 6000 سرير للإنعاش والعناية المركزة، ما يستدعي عدم تجاوز سقف 30 ألف إصابة، بينما نقترب الآن من 19 ألف حالة”.

وأكد المصدر عينه أن “الهرم العمري تطغى عليه فئة الشباب في بلدنا، فإذا أردنا تطبيق سياسة المناعة الجماعية على القاعدة السكانية سنجد أن الفئة المستهدفة هي 22 مليون شاب تقريبا”، موردا أن “الخطة الصحية المذكورة ستعطي 7 في المائة من الحالات الشرسة، لكنه يبقى عددا كبيرا لا يمكن استيعابه من طرف منظومتنا الصحية”، على حد قوله.

hespress.com