حذّرت الجامعة المغربية لحقوق المستهلك من عدم تدخل السلطات لحماية المواطنين من الأضرار الصحية الناتجة عن وُجود الرصاص في بعض أنواع الصباغة المتداولة في السوق الوطنية.
وذكرت الجامعة، في بلاغ صحافي توصلت به جريدة هسبريس الإلكترونية، أنها تتابع عن كثب وضعية سوق الصباغة، وبادرت إلى مراسلة السلطات المعنية حول جودتها وسلامتها؛ لكن دون نتيجة.
وأثارت الجمعية المدنية مسألة التسمم الرصاصي، الذي تسببه الصباغة التي تحتوي على نسبة كبيرة من الرصاص؛ وهو أمر سبق أن تم التحذير من مخاطره على صحة الإنسان في عدد من التقارير الوطنية والدولية.
وحسب بوابة المستهلك التابعة لوزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، فإن التسمم الرصاصي بالمغرب يُعتبر مشكلاً صحياً كبيراً، إذ يمكن له أن يتسبب حسب درجة التسمم في فقر الدم واضطرابات في الجهاز الهضمي والإعاقة الذهنية عند الطفل، والوفاة.
وتُشير البوابة ذاتها إلى أن مصادر التسمم الرصاصي متعددة في الحياة اليومية، حيث يُمكن أن يكون عبر الصباغة أو بخار الرصاص في الهواء، والنفايات الصناعية، والمواد المضادة للصدأ، وصناعة البطاريات، وصناعة المواد البلاستيكية.
كما توجد ضمن مصادر هذا التسمم الرصاصي صناعة الإسمنت، والمواد التجميلية التقليدية (الكحل)، ومواد الطلاء المحتوية على الرصاص، وألعاب الأطفال، وشبكات المياه التي تستعمل القنوات المصنوعة من الرصاص.
وتُقدر الأرقام الرسمية لوزارة الصناعة مجموع الرصاص المطروح في المغرب سنوياً بحوالي 1488 طناً، وعلى الرغم من أن المملكة تتوفر على نصوص تنظيمية ومواصفات متعلقة بالرصاص فإن الخطر لا يزال مستمراً؛ وهو ما سبق أن حذره بخصوصه المركز المغربي لمحاربة التسمم ولليقظة الدوائية.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” قد أشارت، في تقرير أصدرته بمعية مُنظمة “الأرض النقية” في غشت المنصرم، إلى أن التسمم بالرصاص يُؤثر على ملايين الأطفال عبر دول العالم؛ ومن بينها المغرب.
وكشف التقرير، وهو الأول من نوعه، إلى أن حوالي 1 من كل 3 أطفال، أي حوالي 800 مليون طفل على مستوى العالم، يُعانون من مستويات الرصاص في الدم تبلغ 5 ميكروغرامات لكل ديسيلتر (ميكروغرام/ديسيلتر) أو أعلى؛ وهو المعدل الذي يتطلب اتخاذ إجراء لمعالجته.
وتُقدر إحصائيات التقرير عدد الأطفال المغاربة الذين يُعانون من هذا المستوى بحوالي 1,8 ملايين طفل. أما الذين يتجاوزون مستوى 10 ميكرو غرامات لكل ديسيلتر، فُيناهز عددهم حوالي 209 آلاف طفل مغربي.
وأوضح التقرير أن الرصاص هو سُم عصبي قويّ يُسبب ضرراً لا يُمكن إصلاحه لأدمغة الأطفال، وهو مُدمر بشكل خاص للرضع والأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات؛ مما يتسبب في إعاقتهم العصبية والمعرفية والبدنية مدى الحياة.
ويقول الخبراء إن التعرض للرصاص في مرحلة الطفولة مرتبط أيضاً بالصحة العقلية والمشكلات السلوكية، وبزيادة الجريمة والعنف، ويُقدر أن يكلّف هذا الأمر البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط تريليون دولار بسبب خسارة إمكانات هؤلاء الأطفال الاقتصادية على مدى حياتهم.