عادت سواحلُ البحر الأبيض المتوسّط إلى نشاطها المعتادِ باعتبارها تشكّل المعبر الوحيد “الآمن” بالنّسبة للمهاجرين غير الشرعيين الرّاغبين في الوصول إلى أوروبا؛ فقد تدخّلت البحرية المغربية، الثّلاثاء الماضي، لإنقاذِ 107 مهاجرين قبالة الشّواطئ الفاصلة بين المغرب وإسبانيا.

ووفقاً لإفادات هيلينا ميلانو كارزون، النّاشطة في مجال الهجرة، فقد تمّ “إنقاذ قارب يحملُ مهاجرين غير نظاميين آسيويين وآخرين ينحدرون من دول جنوب الصّحراء، ومن ضمن من تم إنقاذهم 13 امرأة و4 قاصرين، تم نقلهم بأمان صوب ميناءي طنجة والناظور، على متن وحدات تابعة للبحرية الملكية، وتقديم الإسعافات الضرورية لهم”.

وعلى الرّغم من انتشار وباء “كورونا” في أوروبا وإفريقيا، فإنّ حلم “العبور” إلى الضّفة الأخرى ما زال يراود المهاجرين غير الشرعيين. ولا يعرف، إلى حدود اللّحظة، من أين انطلق هذا القارب الذي كان يحملُ عشرات الأشخاص، خاصة أنّ المغرب يشدّد مراقبته على الحدود والممرّات البحرية “السّاخنة” خلال الفترة الحالية.

وتعرفُ سواحل المتوسّط “هدوءاً” نسبياً، بفعلِ تراجع معدّلات الهجرة السّرية خلال هذه الفترة؛ غير أنّ تقارير إعلامية أكّدت أنّه “على الرّغم من إجراءات العزل والإغلاق، فإنّ الشّرطة وعناصر خفر السّواحل المتوسطية تدخّلت غير ما مرّة لتوقيف مهاجرين غير شرعيين كانوا بصدد الإبحار إلى أوروبا”.

ويعكسُ تراجع عدد التّدفقات للمهاجرين غير الشرعيين على أوروبا الدّور الحاسم التي تلعبه المملكة في صدّ “جيوش الحراكة” الذين كانوا ينتظرون “بحر الصّيف” لخوضِ تجربة “الحريك”. وتمثّل إسبانيا باعتبارها “واجهة” أوروبا على إفريقيا، أحد أكبر المستفيدين من مجهودات المملكة في محاربة الهجرة غير الشرعية.

وتعيشُ العلاقات المغربية الإسبانية على وقع “أزمة” صامتة منذ شهور، وقد زادت من حدّتها طرق تدبير الحدود في زمن “كورونا”، حيث إنّ مدريد ترفضُ فتح المعابر البحرية والبرّية في وجه “مغاربة العالم” الرّاغبين في الدّخول إلى المملكة؛ وهو ما زاد من “تعقيد” الوضع بين المملكتين.

ويتوفّر المغرب على ورقة “الهجرة غير الشرعية” التي يمكن التّلويح بها في حال ما وجدت الرباط نفسها أمام خيارات ضيّقة تفرضها مدريد، خاصة أنّ المملكة تلعب دوراً كبيرا في صدّ المهاجرين غير الشرعيين الذين يتوافدون على أرضها أملاً في بلوغ الجنوب الإسباني.

وقد أظهرت التّجارب السّابقة كيف أنّ السلطات المغربية تعاملت بليونة مع مسألة التصدي لتدفقات المهاجرين غير الشرعيين، عندما قرّرت محكمة الاتحاد الأوروبي استثناء الصّحراء المغربية من اتفاق الصّيد البحري.

وقد اعترفت الحكومة الإسبانية، مؤخراً، بأنّ التّعاون الجيد بين المغرب وإسبانيا في مجال محاربة الهجرة غير الشرعية مكّن، بشكل ملحوظ، من تقليص عدد المهاجرين الذين يفلحون في بلوغ تراب مدينتي سبتة ومليلة؛ وذلك منذ سنة 2003.

ومعروف أنّ الرباط أحبطت 76 ألف محاولة للهجرة غير الشرعية؛ كما تم إحباط 30 محاولة عنيفة استهدفت التسلل إلى المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية خلال العام الماضي. كما أنّ السلطات الأمنية المغربية فككت 147 شبكة إجرامية تنشط في مجال الهجرة غير الشرعية، علما أنه منذ سنة 2002 تم تفكيك أزيد من 4300 شبكة إجرامية في هذا المجال، بالإضافة إلى ترحيل أزيد من 36 ألف مهاجر غير شرعي منذ سنة 2004.

hespress.com