بينما كان العالم ينتظر بفارغ الصّبر الخروج من “غيمة” كورونا بأقلّ الخسائر وتوديعِ سنة كانت عصيبة وقاسية على النّاس، ظهرت طفرة حديثة في “كوفيد 19” جعلته أكثر شراسة من نسخته السابقة وأكثر انتشاراً، وهو ما سيجعلُ العلماء والمنظمات الصّحية أمام تحدّ جديد، بينما تعود أجواء الإغلاق والتّشديد من جديد لتطلّ على المملكة في علاقتها مع العالم الخارجي.

وفيما انكمش معدّل الإصابات في المغرب تدريجيا خلال الآونة الأخيرة، وفي وقت تستعدّ السّلطات لبدء حملة التّلقيح ضّد “كورونا” خلال الأسبوع المقبل، قررت الحكومة، ابتداء من يوم الأربعاء 23 دجنبر 2020 على الساعة التاسعة ليلا، ولمدة 3 أسابيع، اتخاذ إجراءات احترازية مشدّدة من قبيل إغلاق المطاعم والمقاهي والمحلات التّجارية الكبرى.

ودخل المغرب مرحلة “ترويض الفيروس” بإعلانهِ فتحَ عملية تطعيم وطنيّة في وجهِ المغاربة، بعدما أثبتت نتائج الدّراسات السريرية المنجزة أو التي توجد قيد الإنجاز سلامة وفعالية ومناعة اللقاح الصّيني، الذي يبدو أنّه يحملُ في طيّاتهِ مؤشّرات إيجابية على الرّغم من التّحذيرات المحيطة به.

ويبدو أنّ التّطورات الأخيرة التي شهدتها بعض الدّول مع ظهور طفرة حديثة في الفيروس دفعت السّلطات المغربية إلى إعادة الحجر الصّحي الجزئي في عدد من المدن، بينما تستعد السّلطات الصّحية لبدء عملية التّلقيح، التي ستشمل 80 في المائة من المغاربة على مدى ثلاثة أسابيع.

وقال كريم عايش، الباحث في السّياسات العمومية، إنّ “هذه السنة لن تنتهي بسلام، لأن فيروس كورونا مازالت بجعبته المزيد من المفاجئات غير السّارة؛ فإن كان العلماء حددوا أنواعا جديدة منه فقد أفصحوا نهاية الأسبوع السّابق عن طفرة جديدة جد معدية ببريطانيا، ليتحول نظر العالم من الصين موطن الوباء الأول إلى بريطانيا”، وفق تعبيره.

وأضاف عايش في تصريح لهسبريس أنّ “هذه الطفرة صارت أكثر خطورة وسريعة الانتشار، وهو ما يجعل الوباء ينتقل بشكل لافت بين النّاس”، موردا أنّ “هذا المستجد ظهر في وقت كانت المنظمات الدّولية والدّول الكبرى تسارع الزمن للبحث عن لقاح فعّال”.

وشدّد المحلّل ذاته على أنّ “الإغلاق الجزئي المتمثل في حظر التجوال الليلي ومنع التجمعات واستمرار الإجراءات المشددة بالنسبة للمدن التي تعرف معدلات إصابة ووفاة مرتفعة في المغرب يستند إلى هذا المستجدّ المتعلق بطفرة كورونا”، مردفا: “القرار الحكومي كان متوقعا.. مع اقتراب أعياد نهاية السنة وانتشار الحفلات والأمسيات كان لا بد للسلطات أن تعتمد إجراءات مشابهة لتلك المتخذة في أوروبا”.

كما اعتبر المتحدث أنّ “إغلاق المطاعم والحانات والفنادق، مع منع كل أشكال الاحتفال والبهجة، سيجعل أواخر السنة حزينة وصامتة وكئيبة، وأيضا منذرة بمفاجئات لا يعلمها أحد ولا يمكن توقعها، لأنّ الأمر يتعلّق بفيروس فتاك يغلق العالم ويحجب السماء، مغيرا الجغرافيا وإستراتيجيات الدول واقتصادياتها”.

hespress.com