تحل علينا العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك أيام العتق النار وترقب ليلة القدر، ولفضل الأواخر العشر في شهر الرحمة يلجأ المسلمون في جميع بقاع الأرض إلى التقرب لله بالأعمال الصالحة والقيام بصلاة التهجد في منتصف الليل احتسابًا للأجر والمغفرة.
هل صلاة التهجد هي نفس صلاة قيام الليل؟
صلاة التهجد هي صلاة النافلة في الليل والتي تأتي بعد النوم أو الرقود، أما قيام الليل فهو قضاء وقت من الليل ولو ساعة واحدة بالصلاة أو غيرها من العبادات وقيام الليل يكون قبل النوم وبعده وبالتالي فإن كل صلاة تهجد هي قيام ليل ولكن ليس كل قيام ليل يعدّ صلاة تهجد.
الفرق في عدد الركعات في صلاة التهجد وقيام الليل؟
هل هناك حد لعدد ركعات التهجد وقيام الليل؟ لا فرق بين عدد ركعات صلاة التهجد، وعدد ركعات صلاة قيام الليل، فقد أجمع الفقهاء على أن أقلها ركعتين لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “إذا قامَ أحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلْيَفْتَتِحْ صَلاتَهُ برَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ”، لكن الفقهاء اختلفوا في منتهى عدد ركعاتهما فعند الحنفية ثماني ركعات وعند المالكية عشر ركعات أو اثنتا عشرة ركعة وعند الشافعية لا حصر لعدد ركعاتها.
اقرأ المزيد: طريقة صلاة قيام الليل في العشر الاواخر
الفرق بين صلاة التهجُّد وقيام الليل من حيث الوقت؟
يكون وقت صلاة التهجُّد بعد القيام من النوم، وقد ورد التهجُّد في قوله -تعالى-: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا)، وأفضل وقت للتهجُّد هو ثُلُث الليل الأخير الذي يكون بعد أن يَمضي نصف الليل؛ إذ يقوم الثُّلث الأوّل من النصف الثاني لليل، وينام آخره، وقد ورد ذلك في حديث الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، فقد قال: (أَحَبُّ الصَّلَاةِ إلى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ عليه السَّلَامُ، وأَحَبُّ الصِّيَامِ إلى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وكانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ ويقومُ ثُلُثَهُ، ويَنَامُ سُدُسَهُ، ويَصُومُ يَوْمًا، ويُفْطِرُ يَوْمًا).
الفرق بين صلاة التهجُّد وقيام الليل من حيث الكيفيّة؟
يُعَدّ تبييت النيّة للقيام لصلاة الليل بعد النوم سُنّةً؛ فإن نام المسلم بعد أن نوى ولم يقم، كُتِب له أجر نيّته، وكان النوم صدقة من الله -تعالى- عليه، ويُسَنّ بعد القيام من النوم أن يمسحَ المسلم وجهَه بيده، ثمّ يقرأ عشر آيات من سورة آل عمران؛ وبدايتها قوله -تعالى-: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)، ثمّ يستاك، ويتوضّأ، ويبدأ صلاته بركعتَين خفيفتَين؛ لقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا قامَ أحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلْيَفْتَتِحْ صَلاتَهُ برَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ)، ثم يُصلّي ركعتَين ركعتَين؛ يسلّم بين كلّ ركعتَين منها؛ فقد ورد ذلك عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ اورد ابن عمر -رضي الله عنه- ذلك، فقال: (إنَّ رَجُلًا قالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، كيفَ صَلَاةُ اللَّيْلِ؟ قالَ: مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ، فأوْتِرْ بوَاحِدَةٍ).
قبل صلاة التهجد
يجب على المسلم أن يصدق النية للنهوض من نومه وأداء صلاة التهجد ، ثم ما أن يستيقظ حتى يتوضأ ويحسن وضوءه ويفتتح صلاته بركعتين خفيفتين على نية الصلاة، ومن ثم يصلى ركعتين ركعتين، كما ثبت عن صلاة النبى عليه أفضل الصّلاة والسلام مثنى مثنى.
فضل التهجُّد وقيام الليل
بيّن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ قيام الليل في ثُلثه الأخير أفضل وأحبّ عند الله -تعالى- من القيام في غيره من الأوقات، وقد ورد ذلك في الحديث الذي أورده أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يقولُ: مَن يَدْعُونِي، فأسْتَجِيبَ له مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له)، وهذا الوقت أدعى للسكون، وعدم الانشغال، فيتفرّغ المُصلّي للصلاة، والدعاء دون أن يكون هناك ما يصرفه عن ذلك من مشاغل الدُّنيا، وقد حَثّ الله -تعالى- في الحديث السابق على قيام الليل، ومناجاته -سبحانه-، ووعد من قامه بإجابة سؤاله، وتلبية حاجاته، وأثنى على من يقومه بأنّ تركه لذّة النوم والراحة والانشغال عنها بما تتلذّذ به روحه يُصفّي قلبه؛ قال -تعالى- في ذلك: (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً)، وقد وصف النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- المداومة على قيام الليل بأنّ ذلك من صفات الصالحين، كما أنّه قُربة إلى ربّ العالمين؛ فقال: (عليكمْ بقيامِ الليلِ فإنَّه دأبُ الصالحينَ قبلكمْ، و قربةٌ إلى اللهِ تعالى، و منهاةٌ عنِ الإثمِ، و تكفيرٌ للسيئاتِ، و مطردةٌ للداءِ عنِ الجسدِ).