وتأتي هذه التطورات رغم الهدوء النسبي الذي ساد معظم مدن البلاد بعد نشر أكثر من 30 ألف جندي الجمعة في محاولة لاحتواء أعمال العنف التي اعتبرت الأسوأ منذ العام 1994.

وتشهد عدة مدن في جنوب إفريقيا أعمال شغب وقتل ونهب عنيفة احتجاجا على حكم بسجن الرئيس السابق جاكوب زوما؛ وانطلقت تلك الأحداث من مدينة ديربان معقل قبيلة الزولو التي ينتمي إليها زوما والذين يشكلون نحو 30 في المئة من التركيبة السكانية في اليلاد؛ لكنها سرعان ما انتشرت إلى مناطق اخرى خصوصا تلك التي تسكنها المجموعات الأكثر فقرا.

نقص الإمدادات

وقال شاهد عيان تحدث لموقع “سكاي نيوز عربية” عبر الهاتف من جوهانسبورغ إن المدينة تشهد نقصا حادا في إمدادات الوقود والغذاء بسبب توقف عجلة الإنتاج وتعطيل العديد من سلاسل الإمداد خصوصا الوقود والدقيق. وتم نشر المئات من ضباط الشرطة لحماية شحنات المواد الغذائية إلى الأسواق ومحلات السوبر ماركت بعد أيام من أعمال العنف الواسعة النطاق.

خسائر كبيرة

وأدت أعمال العنف الحالية إلى سلب ونهب وحرق أكثر من 3 آلاف متجر ومركز تسوق ومطعم في مختلف أنحاء البلاد؛ كما توقفت العديد من المصانع ومنشآت الإنتاج مما أدى إلى خسالر قدرت بالمليارات؛ بحسب إحصاءات أولية.

وأوضحت بيانات أن عمليات النهب دفعت إلى حالة من الركود الاقتصادي في نحو 60 في المئة من مناطق البلاد.

وأشارت مصادر إلى أن الخسائر المباشرة وغير المباشرة التي طالت الأسواق والمؤسسات الإنتاجية والخدمية نتيجة أعمال النهب وتوقف الإنتاج بلغت أكثر من 15 مليار دولار.

عوامل عديدة

وتتضافر عدة عوامل لتغذي أعمال العنف الحالية في جنوب إفريقيا، من بينها البعد القبلي الذي كان أساس شرارة تلك الأعمال إضافة إلى اتساع رقعة الفقر والبطالة والتي كانت تقدر بنحو 32 في المئة قبل جائحة كوفيد 19، ثم ارتفعت إلى ما يقارب الـ40 في المئة بعد الجائحة.

ويزيد البعد العرقي من مخاطر الأحداث الحالية وقد يطيل من أمدها إلى مدة يمكن أن تصل إلى ثلاثة أسابيع قبل السيطرة عليها. وتدور مخاوف جدية من أن تؤدي موجة العنف الحالية إلى المزيد من التشظي في النسيج المجتمعي الهش للبلاد.

وتبدو ورقة مناصرة الفقراء هي الورقة الرابحة التي يعتمد عليها أنصار زوما في حسم الأزمة الحالية؛ حيث يتميز زوما؛ الذي حكم جنوب إفريقيا من مايو 2009 حتى استقالته في فبراير 2018؛ بشعبية كبيرة وسط الفقراء الذين يشكلون الأغلبية الساحقة.

وتتزايد حدة الاحتقان أكثر في ظل شعور مناطق ولايات كوازولو والكاب الشمالية التي انطلقت منها أعمال العنف بالتهميش. وفي الواقع هناك دولتان في جنوب إفريقيا، الأولى تحاكي الغرب والأخرى نموذج حقيقي للدولة الفقيرة وتظهر في الأحياء الشعبية التي تنقصها الخدمات العامة، مما يزيد من الاحتقان المؤجج للصراع.

skynewsarabia.com