قد تسهم عدسات جديدة رائدة في جعل نظارات الواقع الافتراضي والمعزز (VR وAR) أصغر حجما ووزناً، الأمر الذي يسهم في استبدال شاشات العرض المعقدة ببديل ثوري! بدلاً من تكديس عدة عدسات تقليدية فوق بعضها البعض لتركيز عدة ألوان من الضوء، تستطيع “العدسات الفائقة” (metalenses) القيام بالأمر باستخدام أعمدة نانومترية مشكلة سطح واحد مستوي. يمكن أن تحل هذه العدسات البسيطة المسطحّة محل العدسات المنحنية ضخمة الحجم المستخدمة حالياً في العديد من الأجهزة البصرية.

 

العدسات الفائقة


تختلف العدسات الفائقةعن العدسات التقليدية بقدرتها على التلاعب بالشعاع الكهرومغناطيسي ورقة قوامها. تتكون هذه العدسات من أعمدة نانومترية بطول 600 نانومتر فقط مرتبة في أنماط محددة، تعمل هذه الأعمدة كأدلة موجية تتحكم باستقطاب الضوء وطوره وسعته.

 

حقوق الصورة: Image: Jared Sisler/Harvard SEAS

حقوق الصورة: Image: Jared Sisler/Harvard SEAS
حقوق الصورة: COURTESY OF THE CAPASSO LAB

حقوق الصورة: COURTESY OF THE CAPASSO LAB

 

مشكلة عدسات أجهزة الـAR  والـVR  الحالية


بالرغم من كل هذا التقدم في تكنولوجيا نظارات الواقع الافتراضي والمعزز إلا أن الخصائص المختلفة للأطوال الموجية للضوء تجعل من تركيز العدسات التقليدية للضوء في المجال المرئي والضوء الأبيض أمراً صعباً.

 

فعلى سبيل المثال فإنّ الأطوال الموجية للون الأزرق أبطأ نسبياً من الأطوال الموجية لللون الأحمر عند اختراق الزجاج. بالتالي، لا يصل اللون الأحمر والأزرق للعين بنفس الوقت ويحدث ما يعرف بالزيغ اللوني (Chromatic Aberraiton) نتيجة لذلك (تشوه للصورة وظهور عدة بؤر).  لحل هذه المشكلة، اعتاد العلماء استخدام عدة عدسات بسماكة ومواد ومنحنيات مختلفة وتكديسها فوق بعضها بحيث يظهر الأداء البصري لجميع الأطوال الموجية المعنية.

 

العدسات الفائقة لحل مشكلة الزيغ اللوني


ساهم العالم فيديريكو كاباسو Federico Capasso مع فريقه في جامعة هارفرد بتطوير عدسة خارقة تستخدم صفائف من الأعمدة النانومترية المصنوعة من أوكسيد التيتانيوم لتركيز أطوال الضوء الموجية بشكل متساو وإزالة الزيغ اللوني. أوضحت الأبحاث الأوليّة في هذا المجال إمكانيّة تركيز عدة أطوال موجية للضوء ولكن على مسافات مختلفة عن طريق تحسين شكل وعرض ومسافة وارتفاع الأعمدة النانومترية المكونة للعدسات الفائقة.

 

ابتكر الباحثون مؤخراً وحدات من الأعمدة النانومترية التي تستطيع التحكم بسرعة الأطوال الموجية المختلفة بالوقت نفسه. تتحكم الأعمدة النانومترية المقترنة بمعامل الانكسار على السطح ويتم ضبطها لتؤدي إلى تأخيرات زمنية للضوء الذي يعبر تلك الأعمدة، الأمر الذي يضمن وصول جميع الأطوال الموجية إلى النقطة البؤرية بالوقت ذاته.

 

يكمن التحدي الكبير التالي بمطابقة كامل الأطوال الموجية التي تستطيع العين البشرية رؤيتها وزيادة حجم العدسات الفائقة لتكون عمليّة لنظارات الواقع الافتراضي والمعزز والكاميرات.  بالنسبة للأخيرة، يجب أن يكون قطر العدسة حوالي عشرة مليمترات على الأقل.

تمكّن فريق العالم كاباسو من تطوير عدسة خارقة تعمل ضمن كامل نطاق الطيف المرئي وبدون زيغ لوني. لكن بلغ قطر العدسة عشرات الميكرونات فقط، أي أنها صغيرة جداً للاستخدام العملي في أجهزة الواقع الافتراضي والمعزز.

 

طوّر الباحثون مؤخراً عدسة خارقة بقطر 2 مليمتر قادرة على تركيز الضوء الأحمر الأخضر والأزرق بدون حدوث الزيغ اللوني. كما طوروا أيضاً شاشة مصغرّة لتطبيقات الواقع الافتراضي والمعزز.

 

الشاشة مستوحاة من تقنيات التصوير الحيوي بالمنظار القائم على المسح بالألياف الضوئية، تستخدم الشاشة أليافاً ضوئية عبر أنبوب كهرضغطي. عند تطبيق فرق بالكمون الكهربائي على الأنبوب، يقوم طرف الليف بالمسح بكافة الاتجاهات، يميناً يساراً إلى الأعلى وإلى الأسفل لعرض أنماطاً مشكلاً شاشة مصغرة. تتمتّع هذه الشاشة بدقة وسطوع عاليين ونطاق ديناميكي وتدرج لوني واسعين.

 

في جهاز الواقع الافتراضي والمعزز، تأخذ العدسة الفائقة موضعاً أمام العين مباشرة بينما تتوضّع الشاشة بالبعد البؤري للعدسة الفائقة. تتركّز الأنماط الممسوحة من الشاشة على شبكية العين حيث تتشكل الصورة الافتراضية بمساعدة العدسة الفائقة. بالنسبة للعين البشريّة، تظهر الصورة كجزء من مشهد في وضع الـAR  على بعد مسافة من أعيننا.

 

يعمل الباحثون حول العالم حاليا على تطوير عدسات خارقة ذات أقطار سنتيمترية لدمجها بأجهزةVR/AR  تجارية. إذ من المتوقع استخدام العدسات الفائقة في أجهزة VR/AR بكثرة في المستقبل القريب. بالإضافة إلى ذلك، فإن تقنيات المسح بالألياف الضوئية المستخدمة ليست مفيدة فقط لتقنيات العرض القريبة من العين بل أيضاً لأنظمة تتبع حركة العين، قد تشهد العدسات الفائقة تطبيقات أيضاً بالالكترونيات وعدسات الهواتف الخليوية.


nasainarabic.net