لم يكن يدرك الأردني صالح الشرباتي أنه سيصبح متوجًا بفضية أولمبية في طوكيو مانحاً بلاده ميداليتها الثانية فقط في تاريخ الألعاب بعدما قاطع التايكوندو لمدة أربع سنوات في أعقاب وفاة والده.
وتوّج الشرباتي المصنف سادساً عالمياً الاثنين بفضية 80 كلغ بعد خسارته في النهائي أمام متصدر التصنيف العالمي الروسي ماكسيم خرامتشوف المشارك تحت علم محايد بنتيجة 20-9.
وأهدى الشرباتي (23 عامًا) بلاده ثاني ميدالياتها على الإطلاق في الأولمبياد بعدما حصد باكورتها أحمد أبو غوش الذي يعتبره الشرباتي مثاله الأعلى، في التايكوندو أيضاً عندما توج بذهبية وزن 68 كلغ في ريو 2016.
وقال في تصريح لوكالة “فرانس برس” بعد النهائي: أنا سعيد جدًا أني حققت ميدالية فضية للأردن، إنه شعور لا يوصف، هذا حلم وتعب سنوات ولم تذهب الجهود والتدريبات التي قمت بها سدًى رغم أنني كنت أطمح للذهبية.
وتأثر منذ صغره بشخصية جاكي شان، أحد أشهر الوجوه السينمائية في القتال واستخدام أسلحة مرتجلة والحركات البهلوانية المبتكرة، حتى بات يقلد حركاته في المنزل ويحاول تطبيقها من خلال المواجهة مع إخوته.
وقال في تصريح للجنة الأولمبية الأردنية في العام 2018: كنت أتابع باستمرار أفلام جاكي شان، وكنت حريصًا على تطبيق حركاته على إخوتي في المنزل، لذلك قرّر أبي تسجيلي في أحد مراكز التايكوندو ليكون المكان الأنسب لتفريغ طاقتي وتطبيق حركات جاكي شان بكل راحة بعيدًا عن انزعاج والداي وإخوتي.
كما كانت والدته من شجعته على ممارسة الرياضة كي يصبح أكثر هدوءًا، وزاد: كنتُ ولدًا مشاغبًا، وأرادت أمي أن أكون ولدًا مطيعًا، لذا أرسلتني الى مركز التايكوندو.
وبالفعل كان يبلغ من العمر سبع سنوات عندما التحق بالمركز إذ يقول إنها كانت تجربة فريدة، قبل أن يتوقف عن ممارستها في سن الثالثة عشرة إثر وفاة والده.
وقاطع الشرباتي الرياضة لمدة أربع سنوات قبل أن يعود في العام 2015 وتبدأ رحلة جديدة من النجاحات بلغت ذروتها في أعرق حدث رياضي في التاريخ.
وبعد حفل التتويج قال الشاب صاحب الشعر الأصفر: أوّل من فكرت به هو والدي ، أخوتي ووالدتي. كنت بعيدًا عنهم دومًا بسبب التدريبات، ولكن آمل أن يكونوا سعداء أكثر مني الآن بهذه الميدالية.
ومثل الشرباتي المنتخب الوطني للتايكوندو للمرة الأولى في بطولة الأقصر الدولية في مصر في 2016 حيث نجح بتحقيق الميدالية البرونزية.
وكان حلم اللاعب المتخصص في مجال التسويق التأهل الى أولمبياد طوكيو من دون أن يعي أن الميدالية ممكنة، إذ قال في تصريح في العام 2018: أُريد اللعب في طوكيو وتمثيل بلدي خلالها والسعي نحو تكرار ما فعله زميلي أحمد أبو غوش مثلي الأعلى في ريو عندما منح الأردن الميدالية الذهبية التاريخية.
وبنت الأردن آمالها على الشرباتي لحصد ميدالية من أي لون في أولمبياد طوكيو، نظرًا للمستويات التي قدمها في الآونة الاخيرة وفرض نفسه لاسيما على الصعيد القاري.
فإلى جانب ارتقائه الى المركز السادس في التصنيف العالمي، توج هذا العام في العاصمة اللبنانية بيروت بلقب بطولة آسيا للتايكوندو بعد أن فاز بالبرونزية في مدينة هو شي مين في فييتنام عام 2018.
كما حصد الميدالية البرونزية في دورة الألعاب الآسيوية الاخيرة التي استضافتها العاصمة الإندونيسية جاكارتا في 2018.
وانتزع في العام 2019 ذهبية بطولة الجائزة الكبرى في العاصمة البلغارية صوفيا بعد فوزه على المصري سيف عيسى المصنف سادسًا على العالم حاليًا الذي حصد برونزية الفئة ذاتها في طوكيو قبل حوالي الساعة فقط من تتويج الشرباتي.
وبالنسبة للخطوات المقبلة رأى الشرباتي بعد حصده الفضة: لقد حققت 120 نقطة في الأولمبياد وآمل أن أتمكن من الحفاظ على مكاني في تصنيف الستة الاوائل والتأهل مباشرة إلى أولمبياد باريس 2024.
وفي طريقه إلى نهائي طوكيو، أقصى الشرباتي من طريقه المغربي أشرف محوبي من ربع النهائي والمصنف سابعاً عالمياً الأوزبكستاني نيكيتا رافالوفيتش من دور الأربعة في مباراة مثيرة حسمها الأردني بالنقاط الذهبية 13-11 بعد انتهاء الجولات الثلاث الأولى بالتعادل 11-11.