استقر غزراوي مع عائلته حاليا في مدينة إسطنبول التركية، ويقول غزراوي لموقع  “سكاي نيوز عربية”: “كُنت أملك مركزاً لتدريب الشُبان واليافعين على العمل المهني في مجال الكهرباء، في المنازل والشركات”.

وأضاف “كل طالب يخضع لدروس عملية ونظرية لمُدة عام كامل في المعهد الذي كُنت أديره مع زوجتي، حيث كلينا من خريجي الدراسات العُليا في الهندسة الكهربائية”.

وقال: “منذ أن سيطرت حركة طالبان على بعض المناطق جنوب البلاد، وبعد توارد الأنباء عن نيتهم ملاحقة جميع المتعاونين مع الأجانب، وباعتبار أن معهدنا كان يتلقى مساعدات وتأييداً من بعض المؤسسات الدولية، وخشية على مستقبل عائلتي، غادرنا جميعاً نحو إيران، ومنها وصلنا لتركيا، وننتظر إعادة توطيننا في دولة أخرى”.

متعلمون يغادرون أفغانستان

تشكل حالة عائلة غزراوي نموذجاً عن مئات الآلاف من المواطنين الأفغان، من ذوي الشهادات العليا والمهارات التقنية والاقتصادية، الذين راكمهم المُجتمع الأفغاني طوال السنوات الماضية، وصاروا يشكلون الرأسمال الاجتماعي والمعرفي للبلاد، ويُديرون المؤسسات العامة والقطاع الخاص المعرفي في البلاد.

لكن هذه الأدمغة تناقصت بشكل رهيب في الأيام الأخيرة، إن شكلت الكفاءات نسبة كبيرة من الذين يغادرون أفغانستان عبر كابل، ويعتقد أن تأثير رحيلهم سيكون له تداعيات ضخمة على البلاد.

“طالبان تفضل ذلك”

ويقول الباحث السياسي الأفغاني، سرئاد مجمعي، لموقع “سكاي نيوز عربية”: “تعرف حركة طالبان تماما أن هذه الطبقة ستكون من أكثر المجموعات الأفغانية اعتراضاً على حُكم الحركة، وخلو البلاد منهم يجعل المجتمع الأفغاني في ظلال حُكم حركة طالبان سيكون أكثر قابلية للخضوع”.

ويضيف: “تفضل حركة طالبان ذلك، بالرغم من الصعوبات التي ستواجهها في إدارة البلاد والعلاقات الدولية والبُنية التحتية والمؤسسات في الدولة دون هذه النُخب المعرفية الأفغانية”.

ومنذ خمسينيات القرن المنصرم وحتى السبعينيات منه، كانت أفغانستان تشهد نهضة تعليمية في مختلف المجالات، لكن مع الغزو السوفيتي أواخر السبعينيات، دفع بالآلاف من المتعلمين الأفغان للفرار من البلاد، حتى أن أفغانستان كانت خالية تماماً من ذوي الشهادات الجامعية العُليا مع سيطرة طالبان شبه التامة على البلاد خلال عام 1996.

يتوقع الخبراء أن يتكرر الأمر نفسه هذه الأيام، تحت ضغوط حركة طالبان، فضلا عن إمكانية اندلاع حربية أهلية.

أرقام عن التعليم

كما توقعوا أن أفغانستان ستخسر ما أنجزته من نهضة تعليمية بعد العام 2001، حينما ارتفعت نسبة التعليم وجودتها ونوعيتها في مختلف القطاعات، حتى أن النساء صارت تممثل 2 من أصل كل خمسة خريجين جامعيين في البلاد.

كانت ميزانية التعليم العالي الأفغانية تقارب حوالى نصف مليار دولار سنوياً خلال الأعوام الماضية، تأتي أغلبها من الدول المانحة ومن الميزانية الحكومية، يستفاد منها أكثر من 120 ألف طالب أفغاني، في مختلف الاختصاصات الجامعية، بما في ذلك الدراسات العُليا، كانت 35 ألف منهم من الطالبات، خصوصاً في مجالات العلوم الإنسانية والتعليم والآداب.

الأرقام التي توزعها وزارة التعليم العالي الأفغانية، كانت تقول إنه فيه البلاد ثمة أكثر من 2500 مُدرس جامعي، وثمة ما يقارب من نصف ذلك العدد من خريجي الجامعات العالمية.           

لكن الرقم الأكثر دلالة هو أعداد خريجي الجامعات الأفغان، الذين قدرتهم منظمة اليونسكو بقرابة 600 ألف أفغاني، وأن أغلبهم لا يرضون الخضوع لأحكام حركة طالبان، وأن الأغلبية العُظمى منهم تفكر بالفرار من البلاد.

skynewsarabia.com