وربط أكاديميون ومحللون؛ تحدثوا لموقع سكاي نيوز عربية؛ نجاح فترة آبي أحمد الجديدة التي تمتد إلى 5 سنوات؛ بقدرته على إدارة الملفات الثلاثة.
سيسعى آبي أحمد لمواصلة استراتيجيته القائمة على التركيز على البعد القومي كبديل لاستراتيجية الفدرالية الإثنية التي ظلت سائدة حتى تسلمه السلطة في 2018.
لكن المعضلة الحقيقية التي سيواجهها تتمثل في الخلل البنيوي السياسي المجتمعي الكبير في البلاد والذي لا ينفصل عن الواقع الكلي السائد في معظم بلدان القارة الإفريقية.
وفي هذا السياق يقول لوكا بيونق؛ الأستاذ والعميد الأكاديمي في مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية في جامعة الدفاع القومي في واشنطن؛ إن أي جهود لإنجاح الممارسة السياسية في أيا من بلدان القارة الإفريقية لا بد أن تستند إلى أربع عناصر مهمة تشمل الإدارة المثلى للتنوع الإثني، وتحويله إلى نعمة بدلا عن كونه سببا في التفرقة والاقتتال؛ إضافة إلى ترسيخ مبادئ الحوكمة المؤسسية والقيادة الرشيدة، وتعزيز الأطر الأمنية المستندة إلى مهنية تخدم الدولة وليس النظام الحاكم.
ويؤكد بيونق لموقع سكاي نيوز عربية أن هذه العناصر الأربعة هي التي تحدد فرص نجاح أو فشل أي نظام في إفريقيا.
وتسلط أزمة إقليم التيقراي المندلعة منذ نوفمبر 2020؛ إضافة إلى النزاعات العرقية الأخرى في مختلف المناطق الإثيوبية؛ الضوء على حجم التحدي الذي يمكن أن يواجهه أبي أحمد في إدارة التنوع الإثني خلال السنوات المقبلة.
ووفقا للكاتب والباحث في الشأن الإفريقي عبد المنعم أبو أدريس فإن لإثيوبيا تاريخ طويل من النزاعات الأهلية المتفاقمة.
ويقول أبو أدريس لموقع سكاي نيوز عربية إن مسالة إدارة التنوع وحل النزاعات العرقية ستأخذ حيزا كبيرا من اهتمامات أبي أحمد خلال الفترة المقبلة لأنها تشكل معضلة محلية وإقليمية حقيقية نظرا للتداخل القبلي الكبير بين اثيوبيا والسودان واريتريا والصومال.
وتعيش على أرض إثيوبيا التي يبلغ تعداد سكانها نحو 120 مليون نسمة أكثر من 90 مجموعة عرقية؛ أكبرها الأرومو والأمهرة والصومال والتيقراي.
البعد الإقليمي
يشكل البعد الإقليمي واحد من العناصر المهمة التي يتوقع أن تتصدر ملفات إدارة أبي أحمد الجديدة.
وإضافة إلى العلاقة الشائكة والمتأرجحة مع كل من الجارتين إريتريا والصومال؛ وأزمة سد النهضة المتفاقمة مع السودان ومصر والأزمة الحدودية مع السودان؛ أفرزت الحرب في إقليم التيقراي توتر دولي وإقليمي كبير.
ويقول الباحث الإثيوبي موسى شيخو لموقع سكاي نيوز عربية إنه وخلافا للتأييد والترحيب الإقليمي والدولي الواسع الذي اكتسبه أبي أحمد بعد وصوله للسلطة في 2018؛ والذي توج بمنحه جائزة نوبل للسلام؛ فقد تغيرت الأوضاع تماما مع بدء ولايته الثانية.
ويوضح شيخو “هناك تحديات كبيرة تتمثل في أزمة إقليم التيقراي والتداخلات الإقليمية والدولية المرتبطة بها؛ إضافة لخلافات سد النهضة مع دولتي المصب السودان ومصر والحدود مع السودان”. ويتوقع شيخو أن تتبنى الحكومة الإثيوبية استراتيجية الحوار في التعامل مع الملفات الثلاثة.
ويشير موسى إلى أن آبي أحمد سيكون حريصا على تحقيق المصالح الإثيوبية مع التركيز على تعزيز الاستقرار في القرن الإفريقي ودول الجوار الإثيوبي. ويشدد موسى إلى أن أبي أحمد سيستند إلى التفويض الشعبي العريض الذي حصل عليه في الانتخابات الأخيرة مما سيعزز موقفه في التعامل مع التحديات المحلية والإقليمية.
التحدي الاقتصادي
سيكون أمام آبي أحمد تحدي تحسين الاقتصاد الذي تأثر بشكل لافت بالإنفاق الضخم على الحرب في إقليم التيقراي والخسائر الناجمة عنها والمقدرة بنحو مليار دولار؛ وفقا للأمم المتحدة.
وفي الواقع كان الاقتصاد الإثيوبي قبل الحرب واحدا من أسرع الاقتصادات نموا في العالم؛ بمتوسط بلغ 10 في المئة خلال الفترة ما بين 2010 و2019 وفقا لبيانات البنك الدولي. لكن معدل النمو تراجع إلى 6.1 في المئة خلال العامين الماضيين.
وانعكس التراجع الاقتصادي سلبا على معدلات التضخم؛ فقد سجل مؤشر أسعار المستهلك في يوليو ارتفاعا بمقدار 25 في المئة؛ وهو أعلى مستوى ارتفاع شهري منذ عقود.
وأثرت الحرب أيضا على مؤشر الثقة في الأعمال وعلى قيمة العملة الوطنية التي تراجعت 23 في المئة حيث يبلغ سعر الدولار حاليا 46 برا مقابل 35 بر في أكتوبر الماضي؛ كما ارتفعت معدلات البطالة إلى أكثر من 17 في المئة.
لكن في الجانب الآخر؛ هنالك العديد من أوراق القوة التي يمكن أن يستخدمها أبي أحمد؛ فعلى الرغم من ظروف الحرب الداخلية وجائحة كوفيد 19 العالمية ارتفع الاستثمار الأجنبي بمقدار 3.9 مليار دولار العام الماضي وفقا لما أعلنه وزير الاقتصاد في سبتمبر.