وتبعا لذلك، ستكون حركة طالبان حاضرة في أول اجتماع دولي منذ سيطرتها على أفغانستان قبل قرابة ثلاثة أشهر، في خطوة يقال إنها تعبيرٌ عن المخاوف والحسابات الروسية الخاصة بشأن أفغانستان.
ممثل الرئيس الروسي لم يُسمِ حركة طالبان بشكل مباشر، بل أعلن ذلك بشكل موارب “سيُطلب من أعضاء المجموعة الحاكمة في أفغانستان حضور محادثات موسكو”، وهذا الاجتماع الدولي الثاني الذي تدعو إليه روسيا بشأن الأوضاع في أفغانستان.
وكانت روسيا قد عقدت اجتماعاً في شهر مارس الماضي، قبل أن تُسيطر حركة طالبان على أفغانستان بشهور، ودعت إليه حركة طالبان وقتئذ.
على المستوى الروسي، فإن الاجتماع المأمول يأتي في وقت تتفاقم فيه مخاوف روسيا بشأن إمكانية توسع الفوضى والصراع المسلح بين حركة طالبان والتنظيمات المُتطرفة داخل أفغانستان، حيث ازدادت عمليات العُنف طوال الأسبوعين الماضيين.
وتثير هذه التطورات مخاوف روسيا من إمكانية تحويل المُتطرفين أفغانستان إلى قاعدة تمركز بالنسبة لهم، والتسرب منها إلى روسيا والجمهوريات الحليفة لها على حدود أفغانستان.
وكانت روسيا قد أجرت مناورات عسكرية مع طاجكستان لأجل ذلك الأمر، ودعت العديد من الدول المحيطة بأفغانستان إلى تكريس آلية للتعاون الأمني والسياسي لأجل أفغانستان.
جدل الاعتراف
أما حركة طالبان، فتلاقي صداً دولياً بشأن الاعتراف الدولي بشرعية حُكمها لأفغانستان. إذ رُفض طلبها بالمشاركة في الاجتماعات الأخيرة لمنظمة الأمم المُتحدة، كما أن مختلف المؤسسات الاقتصادية والتنموية والأمنية الدولية ترفض الاعتراف بها بشكل رسمي.
في غضون ذلك، تؤكد منظمات الأمم المُتحدة التعاون مع الحركة من باب “الأمر الواقع” فحسب، الظرف الذي يُزيد من تفاقم الأوضاع الصحية والتعليمية والاقتصادية داخل أفغانستان.
ولم تُحدد الولايات المُتحدة ولا أي من الدول الأور,بية موقفاً ناجزاً بشأن إمكانية مشاركتها في مؤتمر موسكو من عدمه، كما لم تحدد موقفها من مُشاركة حركة طالبان فيه، وهو أمر أرجعه الكاتب والباحث همبر سليم إلى اختلاف في الأولويات في أفغانستان، بين هذه القوى العالمية من طرف، وبين روسيا من طرف آخر.
مساومة روسية
وتابع الباحث “تعتقد الاستراتيجية الروسية أن خطراً أمنياً داهماً يأتى من أفغانستان راهناً، وأنه سيتعاظم بالتقادم، لذلك فإن مساومة ما مع حركة طالبان، قائمة على مبادلة الاعتراف المشروط بالتعاون التام في الملف الأمني العسكري، يُمكن أن يُلبي تلك المخاوف تماماً”.
يضيف سليم في حديثه لسكاي نيوز عربية “في هذا الوقت، تريد الولايات المُتحدة والدول الأوربية تعهداً والتزاماً سياسياً من حركة طالبان بعدد من المُحددات المتعلقة بحقوق النساء والحريات العامة وحقوق الإنسان وشكل اللعبة السياسية في أفغانستان”.
وأردف “ذلك الالتزام وحده قد يمنحها نوعاً من الاعتراف والشرعية الإقليمية. وهذا الشرط لا يُمكن لمؤتمر موسكو أن يُحققه، أو حتى وضعه ضمن جدول الأعمال، لأنه ليس أولوية روسية، وقد يدفع حركة طالبان لعدم المشاركة من طرف آخر”.
وكانت الصين بدورها لم تُعلن عن أي موقف نهائي من مؤتمر موسكو، حينما سُئل المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية بشأنه. وهو أمر عزاه المتابعون إلى مشاورات ثنائية معمقة تخوضها الصين مع باكستان، وذلك لتنسيق المواقف بين البلدين بشأن آلية التعامل المستقبلي مع حركة طالبان وحُكمها لأفغانستان، فالدولتان تنتهجان السياسة الأكثر إيجابية مع حركة طالبان في كامل المحيط الإقليمي لأفغانستان.