صورة من تيليسكوب سبيتزر الفضائي التابع لناسا لسديم كاليفورنيا التي التقطها قبل خمسة أيام من وقف تشغيل مركبته. تُشير الأشرطة المتواجدة باللونين الأحمر والأزرق على جانبي الصورة إلى اثنين من الأطوال الموجية المختلفة للضوء، بينما تُمثل المنطقة الرمادية في المنتصف كلا منهما. الصورة بتاريخ 25 يناير/كانون الثاني 2020.
حقوق الصورة: NASA/JPL/Caltech


استعان العلماء بالكاميرا الحرارية (كاميرا التصوير بالأشعة تحت الحمراء) المحمولة على متن المركبة الفضائية التابعة لتليسكوب سبيتزر، وذلك قبل انتهاء مهمته في 30 يناير/كانون الثاني 2020، لالتقاط عدة صور للمنطقة المعروفة باسم “سديم كاليفورنيا” الذي كان الهدف الملائم للوضع بسبب أن إدارة المهمة والعمليات العلمية تتواجد في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا ومعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا والواقع مقرهما بجنوب كاليفورنيا.

تتكون هذه الفسيفساء من تلك الصور، لتصبح الفسيفساء الأخيرة لسبيتزر، وواحدة من ضمن مئات الصور الأخرى التي التقطتها مركبته طوال مدة مهمته.

إن هذا السديم الذي يبعد عنا بحوالي 1000 سنة ضوئية يحمل لمحات كثيرة من مظهر الولاية الذهبية كاليفورنيا، حيث يبدو مظهره طويلا ضيقاً، و منحنياً جهة اليمين بالقرب من أسفله، عند النظر إليه من خلال تليسكوبات الضوء المرئي، والتي تستعين بأشعة الضوء الصادرة من الغاز المتواجد في السديم والذي يتم تسخينه من قبل النجم العملاق المجاور والمعروف باسم “منكب حامل رأس الغول” أو “Xi Persei”. أما عن مظهره بعيون سبيتزر، فهو يحمل صفة مختلفة، وهي الغبار الدافئ الممزوج مع الغاز، والذي يكون قوامه أشبه برماد الدخان. يقوم الغبار بإمتصاص أشعة الضوء المرئي والأشعة فوق البنفسجية من النجوم القريبة، ثم يُعيد بث الطاقة الممتصة على هيئة ضوء الأشعة تحت الحمراء.

عرض لسديم كاليفورنيا في الضوء المرئي. تُظهر الصورة المدرجة من الجزء الداخلي للسديم القطاع الذي تم تصويره بواسطة تيليسكوب سبيتزر-المتقاعد حديثاً-والذي استكشف الكون من خلال الأشعة تحت الحمراء. ‎حقوق الصورة: NASA/JPL_Caltech/Palomar Digitized sky Survey

عرض لسديم كاليفورنيا في الضوء المرئي. تُظهر الصورة المدرجة من الجزء الداخلي للسديم القطاع الذي تم تصويره بواسطة تيليسكوب سبيتزر-المتقاعد حديثاً-والذي استكشف الكون من خلال الأشعة تحت الحمراء. ‎حقوق الصورة: NASA/JPL_Caltech/Palomar Digitized sky Survey

تعرض علينا تلك الفسيفساء عمليات رصد سبيتزر بأقرب طريقة يراها بها علماء الفلك، ففي الفترة من عام 2009 إلى عام 2020، قام سبيتزر بتشغيل جهازي كشف قام كلاهما برصد السماء المحيطة في آن واحد، و بأطوال موجية مختلفة من الأشعة تحت الحمراء (وهما 3.6 المعروضة باللون الأزرق المخضر و 4.5 ميكرومتر المعروضة باللون الأحمر). إن تلك الأطوال الموجية المختلفة تكشف عن خصائص وأشياء مختلفة. يقوم سبيتزر بفحص السماء ويلتقط العديد من الصور لمنطقة سديم كاليفورنيا ويضعها في نمط شبكي، لكي يتمكن كلا الكاشفين من تصوير منطقة الشبكة المركزية. وعند دمج جميع الصور ذات الأطوال الموجية المختلفة في فسيفساء، كان بالإمكان معرفة ما تبدو عليه منطقة ما، كما هو الحال في المنطقة الرمادية الظاهرة في الصورة أعلاه.

رشح الفريق العلمي التابع للمهمة سديم كاليفورنيا -والذي لم يدرسه سبيتزر مسبقاً- من بين قائمة الأهداف المقترحة التي تقع ضمن مجال رؤية سبيتزر، ليكون هو غايته في أسبوع ختام مهمته؛ إذ وقع عليه الاختيار نظراً لاحتمالية احتوائه على سمات فريدة في ضوء الأشعة تحت الحمراء، مما قد يجعله يعود بنفع علمي كبير.

حيث أوضح شون كاري Sean Carey مدير مركز علوم سبيتزر بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في مدينة باسادينا، والذي ساعد في اختيار السديم قائلاً: “سيتمكن العلماء من الإستفادة من تلك البيانات لإجراء تحليل غاية في الأهمية في المستقبل” وأضاف: “فسجل بيانات سبيتزر متوفر للاستخدام من قبل الوسط العلمي، وهذا السديم هو رقعة أخرى من السماء نقوم بمشاركتها ليتمكن الجميع من دراستها.”

صورة التقطها تيليسكوب سبيتزر الفضائي التابع لناسا لسديم كاليفورنيا، والتي تسلط الضوء على مجرة في خلفية الصورة (المحاطة بدائرة حمراء) ذات أذرع لولبية واضحة المعالم. ‎حقوق الصورة: NASA/JPL/Caltech

صورة التقطها تيليسكوب سبيتزر الفضائي التابع لناسا لسديم كاليفورنيا، والتي تسلط الضوء على مجرة في خلفية الصورة (المحاطة بدائرة حمراء) ذات أذرع لولبية واضحة المعالم. ‎حقوق الصورة: NASA/JPL/Caltech

عمليات الرصد الختامية


أجرى فريق سبيتزر عمليات رصد أخرى لم تمثل الإمتاع البصري بمثل سديم كاليفورنيا، وردت قبل يوم من إتمام المهمة (يوم 29 يناير/كانون الثاني)، وقد تضمنت قياسات لدرجة الوهج المنبعث من جزيئات الغبار المتناثر في جميع أنحاء نظامنا الشمسي المعروفة باسم “غبار الأبراج”، وهي تظهر على هيئة سحب رقيقة، وتنشأ إما بسبب تفكك المذنبات أو كنتيجة لاصطدام بين الكويكبات. إن هذا الغبار يُتيح لنا إلقاء نظرة عبر الماضي، إذ تعد المذنبات والكويكبات بمثابة مستحاثات تحتفظ بالتركيب الكيميائي للمواد التي ساهمت في تشكل الكواكب.

عادة ما يكون رصد إجمالي الوهج المنبعث من غبار الأبراج مهمةً صعبة لمرصد يدور حول الأرض؛ بسبب تجمع بقع منه حول كوكبنا، لكن موقع سبيتزر من مدار الأرض قد هيأ له فرصة لحمله على بعد يُعادل أكثر من 600 مرة المسافة بين الأرض والقمر. (158 مليون ميل/254 مليون كيلومتر)، وبهذا أصبح سييتزر على بعد مميز من جزيئات الغبار.

أتاح هذا الإنجاز للعلماء فرصة لإصدار قياسات أكثر دقةً لكل بقاع الكون التي تحظى باهتمامهم، عن طريق رصد وطرح التأثيرات غير الملحوظة لأدوات سبيتزر على قياسات الضوء الصادر من الأجرام البعيدة. ‎وبهذا يوقف فريق المهمة تشغيل كاميرا سبيتزر لأول مرة طوال فترة بقائها والتي استغرقت 16 عاماً.

يمكنك معرفة المزيد حول سبيتزر وبعض من أهم اكتشافاته عبر الموقع الخاص به عن طريق التحقق من تطبيق “NASA’s Exoplanet Excursions” أو “جولات ناسا حول كواكب خارج المجموعة الشمسية”، وهو تطبيق واقع افتراضي مجاني أطلقته ناسا لمستخدمي أجهزة “أوكيلوس ريفت” و “HTC Vive”. تمد تلك التجربة مستخدميها بخاصية جديدة تتيح لهم التحكم بشكل تفاعلي بنسخة تحاكي سبيتزر. يوجد أيضاً أثنان من الأنشطة الأخرى غير التفاعلية في إطار الواقع الافتراضي، والتي يمكن تجربتها كمقاطع فيديو بتقنية 360 درجة على الصفحة الخاصة بسبيتزر على موقع يوتيوب.

لا يزال المجتمع العلمي يواصل تحليل بيانات سبيتزر عبر أرشيف بياناته المتاح في أرشيف علوم الأشعة تحت الحمراء Infrared Science Archive في مركز “IPAC” الواقع بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا.

يُدير معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا مختبر الدفع النفاث التابع لناسا، حيث ساعد مختبر الدفع النفاث في سير عمليات سبيتزر العلمية لصالح مديرية البعثات العلمية بمقر وكالة ناسا في واشنطن، وقد أجريت تلك العمليات بمركز سبيتزر للعلوم في “IPAC” بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، أما عن عمليات تشغيل المركبة الفضائية فقد كان مقرها شركة “لوكهيد مارتن” بمدينة ليتلتون في كولورادو.


nasainarabic.net