وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في مؤتمر صحفي، إنه إثر بعض الإجراءات التي اتخذها حلف شمال الأطلسي، فإن الظروف الأساسية لعمل مشترك لم تعد متوفرة.
وأوضح أن هذه القرارات، التي تعد بنظر مراقبين “طلاقا دبلوماسيا”، بين موسكو والناتو، سيبدأ تطبيقها مطلع نوفمبر المقبل أو ربما يستغرق الأمر بضعة أيام أخرى.
وأضاف لافروف: “تم إنهاء أنشطة المكتب الإعلامي لحلف الناتو في موسكو، والذي تم إنشاؤه في سفارة بلجيكا”.
وتابع لافروف: “إذا كان لدى أعضاء الناتو أي مسائل عاجلة، فيمكنهم الاتصال بسفيرنا في بلجيكا الذي يقوم بتسيير العلاقات الثنائية بين روسيا ومملكة بلجيكا بشأن هذه القضايا”.
وتأتي قرارات موسكو على خلفية ترحيل ثمانية من أعضاء بعثتها لدى الحلف الأطلسي في وقت سابق، يتهمهم الحلف بالتجسس.
والأربعاء الماضي، أعلن الناتو تقليص عدد الأعضاء المعتمدين للبعثة الدبلوماسية الروسية لديه التي تأسست قبل عقدين للمساعدة في تعزيز الحوار والتعاون في المجالات الأمنية المشتركة من 20 إلى 10 أشخاص، وطرد 8 روس بتهمة أنهم ضباط استخبارات متخفيين.
الاضطراب الجديد بين “الناتو” وروسيا يأتي عقب تحولات في علاقة الطرفين خلال الشهور الماضية، إذ ارتفع منسوب التوتر بين الطرفين منذ أوائل العام الجاري، بسبب زيادة التكهنات والإشارات إلى إمكانية انضمام أوكرانيا إلى منظومة الحلف، وهو أمر رفضته روسيا واعتبرته بمثابة خط أحمر لا يُمكن تجاوزه.
لكن الأمور عادت للهدوء خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، بعد إعلان الطرفين إمكانية التعاون الإيجابي داخل أفغانستان، لتحقيق نوع من الاستقرار الحامي للأمن القومي للجانبين.
حالة من عدم اليقين يعيشها العالم وسط تراشقات روسيا وحلف الناتو، ما بين تهديدات بالتصعيد ومحاولات تهدئة، مما أفرز سيناريوهات متضاربة حول مصير العلاقات.
عدة أسباب
طارق فهمي، أستاذ العلاقات الدولية، قال إن ما يحدث ليس تجميدا لكن بطبيعة الحال العلاقة تتوتر نتيجة لأمرين أولهما تصميم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على دفع العلاقة بين الحلف وروسيا إلى حافة الهاوية.
وأضاف فهمي، في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”، أن الأمر الثاني يتعلق بالعقوبات التي فرضتها الإدارة الأميركية حيث أثرت بطبيعة الحال على توجهات الدول الغربية ودول الحلف على العلاقات مع روسيا.
وأوضح أن هناك جملة من القضايا محل الخلاف بين الجانبين أبرزها “الملف النووي الإيراني” و”الملف السوري” و”تعريف الأمن الحقوقي” و”الصراع في القوقاز وشبه جزيرة القرم” و”الملف الأفغاني” مؤخرا.
وتابع: “وبالتالي هناك جملة من القضايا مرتبطة بتعامل دول الحلف مع روسيا ومن ثم موسكو تريد أن تقول إنها ليست دولة ضعيفة وتستطيع أن تناور في مجرى العلاقة مع الحلف بنسختيه الأمريكية والأوروبية”.
وأشار إلى أنه “ليس صحيحا أن الروس يتبنون مقاربة أوروبية مع الحلف على حساب المقاربة الأميركية”.
مشاكل بالناتو
ولفت إلى أن الحلف يمر بمرحلة صعبة ويواجه مشاكل كثيرة حتى في إطار العلاقات الأميركية الأوروبية حيث إن بايدن بات يكرر ما قاله سلفه دونالد ترامب من أن على الأوروبيين أن يدفعوا ثمن الدفاع عنهم”.
ونوه إلى أن الحلف عبء على السياسة الأميركية وروسيا تريد أن تصدر أزمة مستمرة داخله ويأتي ذلك بالتوازي مع التركيز الأمريكي على الملف الأفغاني وآسيا والصين ما يعطي مساحة كبيرة للأطراف الأخرى المناورة”.
السيناريو الصفري
وحول تأثير ما يحدث على الحلف، قال فهمي إن الناتو يعاني خللا بنيويا وفي بنيته الرئيسية ومهامه وفق الإدارة الأميركية وفي كثير من الملفات المعقدة وجزء آخر أن روسيا تناور في محاولة ضرب الحلف من الداخل بمعنى أنها تحاول بناء تحالفات خارج نطاق الحلف”.
وأكد على أن الروس يصعدون بشكل كبير لكنهم لن يستطيعوا أن يخرجوا خارج نطاقات الحلف
وإنما هي رسالة قوية تستهدف الضغط على أوروبا وأمريكا.
وأوضح أن الفترة المقبلة ستشهد مناكفات عسكرية لكن لن تتم انسحابات من الاتفاقيات الأمنية ولن يكون هناك “السيناريو الصفري” عبر صدام مباشر كون موسكو لديها حساباتها الكبرى مع الأمن الأوروبي ولن يتخلوا عنه كما أن دول الحلف لن تستطيع أن تستمر في ضرب السياسات والمصالح الروسية في القوقاز والمنطقة الآسيوية.