صورة فنية لزوج ثنائي من الأقزام الحمراء من المرجح أنهما يحنيا الزمكان، مشوهان نظرتنا على نجم آخر أبعد بكثير.
حقوق الصورة: M. Rębisz
يقوم النجمان بتحويل المسافة بينهما إلى حقل من العدسات المكبرة الكونية، وهذا يشوه الضوء القادم من نجم آخر أبعد بكثير.
في صيف عام 2016، لاحظ العلماء وميض من نجم على بعد 2500 سنة ضوئية في كوكبة الدجاجة Cygnus، كما لو كان على وشك الانفجار على شكل مستعر أعظم Supernova. في اليوم التالي، لوحظ عودة النجم لطبيعته. لا إهتياج ولا تفجير! وفي غضون بضعة أسابيع، كررت الدورة الغريبة نفسها، نجم يسطع فجأة ثم يخفت مرة أخرى خلال يوم. وفي السنة التالية، تكررت هذه الدورة خمس مرات خلال 500 يوم.
“كان هذا حقاً سلوكاً غريباً!” هذا ما وصفه عالم الفلك لوكاش وازكاوسكي Łukasz Wyrzykowski الذي درس سلوك النجم الغريب في المرصد الفلكي لجامعة وارسو، بولندا. وأضاف في بيان: “بالكاد يقوم أي نوع من المستعرات العظمى أو غيرها من النجوم بهذا.”
الآن، ووفقاً لدراسة نُشرت في 21 يناير/كانون الثاني في مجلة Astronomy and Astrophysics، فقد أتضح أن سلوك النجم الغريب، والذي سُمي بـ Gaia16aye، لم يكن بالغريب! بل عوضاً عن هذا كتب مؤلفوا الدراسة أنه من الواضح أن هناك نجم ثنائي (أي نجمين يدوران حول مركز جاذبية مشترك) يحني نسيج الزمكان أمام النجم Gaia16aye، وبالتالي ينتج هذان النجمان حقل من العدسات المكبرة الكونية. إذ تكبر هذه العدسات ضوء النجم في كل مرة يمر خلفها. وقد كان هذان النجمان غير مرئيان بالنسبة للأرض.
يُعرف هذا التأثير المكبر للنجوم، الذي يحدث عندما تقوم الأجسام العملاقة بحني نسيج الزمكان حولها، باسم التعدس الجاذبي Gravitational Lensing، وقد تنبأت به نظرية النسبية العامة لأينشتاين. استغل العلماء هذه الظاهرة لدراسة بعض من أقدم النجوم والمجرات والأجسام الكونية. لكن يمكن للتأثير الكشف أيضاً عن خواص الأجسام الأكثر قرباً وخفتاناً.
فعلى سبيل المثال، النجمان الثنائيان اللذان يشوهان ضوء Gaia16aye. مع أنهما غير مرئيان، فإن قوة وتردد تعدس جاذبيتهما قد مكنا الباحثين من العمل على تحديد “كل شيء في الأساس” عنهما. وفقاً لما قال برزيميك مروز Przemek Mróz، مؤلف مشارك في الدراسة، وباحث في مرحلة ما بعد الدكتوراه في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا.
استنتج الفريق أنه من أجل إنتاج سطوع متكرر لـ Gaia16aye، فيجب على النجم الثنائي أن ينتج عدة تجاويف تكبير (التي تُدعى التعدس الجاذبي الميكروي Gravitational Microlensing). وهذا يعني أن النجمين على الأرجح هما زوجان من الأقزام الحمراء الصغيرة، بكتلة 0.36 و0.57 ضعف كتلة الشمس، وتفصل بينهما مسافة تعادل ضعف المسافة بين الأرض والشمس.
إذا تمكنت أحداث التعدس الميكروي مثل هذه من الكشف عن النجوم غير المرئية، فإن مثل هذا الأحداث ستكشف عن ظواهر كونية أكثر ندرة. قال الباحثون أنهم يأملون أن يشمل ذلك الثقوب السوداء، والتي عادةً لا تُكشف إلا عندما تبتلع المادة المجاورة وتنفث حزماً من الغاز المتوهج. قد تضم مجرة درب التبانة ملايين الثقوب السوداء القائمة بذاتها، والبعيدة عن أي نجوم مجاورة، وذلك وفقاً لما قال الباحثون، ويمكن للتعدس الجاذبي أن يكون مفتاح اكتشافها. فإذا قام ثقب أسود غير مرئي بإنتاج تأثير تعدس جاذبي يشوه الضوء القادم من خلفه، فهذا سيمكن علماء الفلك من العمل على إكتشاف طبيعته.