وبعد 7 سنوات من بروتوكول “مينسك” بين روسيا وجارتها السوفيتية السابقة، الذي وضع حدًا رسميًا للحرب لم يتم تنفيذ الاتفاقية بشكل كامل بعد.
وفي بيان، طالبت السفارة الروسية في واشنطن، الولايات المتحدة باستخدام نفوذها والضغط على كييف لإقناعها بتنفيذ الاتفاق.
أما الكرملين فقال إن “الخلافات الرئيسية بين روسيا وأوكرانيا تتعلق على وجه التحديد بتعثر تنفيذ اتفاقيات مينسك من قبل كييف”.
وفي أحدث تطور للأزمة، أعلنت روسيا تنفيذ مناورات حربية واسعة النطاق، بعضها مع دول أخرى، وتبادلت التراشق مع الغرب على خلفية الأزمة ذاتها.
وقالت وسائل إعلام روسية: “إن البحرية الروسية ستجري سلسلة مناورات في يناير وفبراير”.
وفي محاولة لإسكات طبول الحرب بين البلدين، طرحت دول غربية مثل ألمانيا العودة إلى صيغة “نورماندي” 2015؛ فما هو سر اتفاقيات ميسنك؟ وهل هي قادرة على إخماد لهيب الحرب؟
هدنة فاشلة
في 5 سبتمبر 2014، وقّع ممثلون عن روسيا وأوكرانيا وجمهورية دونيتسك الشعبية، وجمهورية لوغانسك الشعبية، اتفاقية “مينسك1” لإنهاء الحرب بمنطقة دونباس بأوكرانيا.
وجاءت تلك الاتفاقية على وقع محاولة الانفصاليين بشرق أوكرانيا، الاستقلال والانضمام إلى روسيا التي بدورها ضمت جزيرة القرم عام 2014.
ومع انتشار سيطرة الحركة الانفصالية على مدن أوكرانية عدة، نشبت مواجهات مسلحة مع القوات الأوكرانية، وشكلت تلك التطورات أساس إبرام اتفاق “مينسك 1” بين روسيا وأوكرانيا؛ لفرض هدنة وإحلال السلام، لكن سرعان ما تم اختراقها فاندلعت اشتباكات أوسع مرة أخرى.
لم تُنهِ اتفاقية “مينسك 1” الأعمال العدائية والمناوشات في دونباس، فاجتمع قادة أوكرانيا وروسيا وفرنسا وألمانيا خلال “قمة مينسك” في فبراير 2015 غربي فرنسا، واتخذوا سلسلة إجراءات تنهي الحرب بمنطقة دونباس، وسمي هذا الاتفاق حينها بـ”مينسك 2″.
وتتضمن تلك الاتفاقية خريطة طريق مفصلة لحل النزاع في أوكرانيا، عبر خطة تحتوي على 13 بندًا؛ تبدأ بوقف إطلاق النار وتسليم الانفصاليين الأسلحة الثقيلة من الخطوط الأمامية، وتبادل الأسرى، والتمهيد لانتخابات محلية مع العفو عن العسكريين والمقاتلين الانفصاليين.
وحينها تعهدت أوكرانيا بتنفيذ تغييرات دستورية تنص على “اللامركزية”؛ مقابل سحب جميع القوات الروسية لاستعادة النظام بالبلاد.
وفي هذا الصدد، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أن “أوكرانيا تنتهج سلوكًا غير لائق تجاه دونباس، وتتعمد التجاهل التام لاتفاقات مينسك لتسوية الأزمة بجنوب شرق أوكرانيا”، بحسب وسائل الإعلام الروسية.
وتعليقًا على تصاعد الأزمة وإمكانية نشوب الحرب، يقول الباحث محمد حامد، مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية: “أعتقد أن الرئيس الروسي لن يغزو أوكرانيا، لأنه أذكى من الوقوع بفخ أميركي منصوب له”.
ويضيف في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”، قائلا: “بوتن سيُبقي على هذه المناوشات لتحقيق أكبر مكاسب من خلال الحوار مع الغرب؛ بهدف إبعاد شبح انضمام أوكرانيا لحلف الناتو، وبالتالي إبعاد الناتو عن الحدود الروسية”.
النورماندي أم مينسك؟
وهناك “صيغة النورماندي” التي تعود منذ سنوات كحل للخلاف بين موسكو وكييف.
وطرحت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، العودة إلى “صيغة نورماندي” لحل الأزمة الأوكرانية.
بيربوك قالت لنظيرها الروسي سيرغي لافروف: “المهم لأمن أوروبا عقد اجتماع مقبل بصيغة نورماندي أي بين أوكرانيا وروسيا بوساطة ألمانية-وفرنسية”.
وهنا رد لافروف: “روسيا غير مهتمة بعقد اجتماعات في صيغة نورماندي لمجرد إصدار بيانات سياسية”.
و”النورماندي” صيغة مستوحاة من اسم أكبر عملية غزو بحري في التاريخ خلال الحرب العالمية الثانية عام 1944، حيث بدأت عملية تحرير مناطق شمال غرب أوروبا التي احتلتها ألمانيا النازية وقد أسهمت في انتصار الحلفاء على الجبهة الغربية.
وخلال العصر الحديث تمت استعادتها خلال قمة رباعية ضمن قادة دول: ألمانيا وفرنسا وروسيا وأوكرانيا، عام 2015.
وفي إطارها تقوم ألمانيا وفرنسا بالوساطة في الصراع الدائر بين أوكرانيا وروسيا، منذ عام 2014 في إقليم دونباس الصناعي القريب من الحدود الروسية.
ومعلقًا على تصاعد الأزمة، يقول المحلل السياسي والخبير في الشئون الروسية محمد فراج أبو النور، لموقع “سكاي نيوز عربية”: “إن تطور تلك الأوضاع مؤشر خطير على الدخول في صراع أكبر بين القوى الدولية في تلك المنطقة”.
وعن التوصل لتلك الاتفاقية بالقوة، يضيف أن “اتفاقيات مينسك لم يتم التوصل إليها بالقوة على غرار صيغة اتفاقيات نورماندي خلال الحرب العالمية الثانية بل كانت باتفاق جميع الأطراف الألمانية والفرنسية والروسية والأوكرانية، لذا لا يمكن سحبها على الوضع الحالي”.
أبو النور يؤكد أن “روسيا تريد ضمانات أمنية من الغرب لعمقها الاستراتيجي بعد انتشار آلاف الخبراء الأميركيين والبريطانيين على حدودها مع أوكرانيا”.
وفي قرار قد يقلب الطاولة على روسيا، سمحت وزارة الخارجية الأميركية لكل من ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا بإرسال صواريخ أميركية الصنع وأسلحة أخرى إلى أوكرانيا، في الوقت الذي تنبأ فيه الرئيس الأميركي جو بايدن بهجوم روسي عليها.
وأطلقت روسيا مناورات حربية في 3 مواقع داخل البلاد، شاركت فيها مقاتلات حربية، كما تحركت سفن إنزال حربية روسية من بحري الشمال والبلطيق بشكل مفاجئ.