وقرر “المجلس الأعلى للمسلمين” في ألمانيا طرد منظمة “الجماعة الإسلامية الألمانية”، إحدى “الواجهات” التي يتستر خلفها تنظيم الإخوان” في البلاد، بعد أن كان قد علق عضوية نفس المنظمة في ديسمبر من عام 2019.
وفي تعليقه على قرار “المجلس الأعلى للمسلمين”، قال الدكتور جاسم محمد رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب ومقره ألمانيا، في حديث خاص لـ”سكاي نيوز عربية” إن “الجماعة الإسلامية” في ألمانيا التي جرى استبعادها تعتبر بمثابة الواجهة التي يتستر خلفها الإخوان لاستلام التبرعات والعمل السري”.
ويوضح جاسم محمد: “قرار المجلس المركزي للمسلمين جاء بعد عملية مراجعة وتدقيق قام بها من أجل الابتعاد عن أي شبهات، وللتأكيد على أنه يعمل بشفافية داخل البلاد”.
وحول ملابسات القرار وتوقيته، أشار رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب إلى أن السلطات تعمل في أعقاب الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها ألمانيا ودول أوربية 2015 و2016، وفقا لسياسة جديدة تستند على مراجعة اجراءاتها الأمنية وتشريعاتها.
الاستبعاد بعد مراجعة وتدقيق
ويتابع: أفرزت عملية المراجعة الأمنية عن اكتشاف السلطات الألمانية وجود منظمات تابعة للإخوان، ولجماعات متطرفة تستلم الإعانات وتعمل في الخفاء وذلك تحت مظلة المجلس الأعلى للمسلمين”.
وفي هذا الصدد، نوه الخبير الأمني، أن وزارة الداخلية طلبت مباشرة من المجلس القيام بعملية مراجعة وتدقيق لجميع المنظمات التي تعمل تحت مظلته حتى يتسنى للوزارة استمرار التواصل مع المجلس، وتقديم الدعم له.
ويواصل: “حذرت الوزارة المجلس من أنه لن يكون هناك تواصل معه ما لم يقم بعملية فرز دقيقة للجماعات المتورطة في نشر التطرف والارهاب”.
تعادي النظام الديمقراطي
وإزاء ذلك، يرى رئيس المركز الأوروبي أن عملية المراجعة من المجلس أفرزت عن قرار لفظ الجماعة الإسلامية الألمانية، مشيرا إلى أن السلطات تربط بين الجماعة في ألمانيا وتنظيم الإخوان.
وتصنف تقارير هيئة حماية الدستور “الاستخبارات الداخلية” في ألمانيا، منظمة “الجالية المسلمة الألمانية” على أنها منظمة قريبة من جماعة الإخوان المسلمين تهدف إلى تحقيق تغيير طويل الأمد في المجتمع، وتعادي النظام الحر والديمقراطي.
وفي دراسة سابقة، سلط المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب، الضوء على أنشطة جماعة الإخوان في ألمانيا.
ووفقا للدراسة فـإن تنامي تنظيم الإخوان على الأراضي الألمانية يمثل تحديا أمام الأجهزة الأمنية والاستخباراتية؛ بسبب اعتماد التنظيم على واجهات وخلايا نائمة لعمله السري.
ومن هذه الواجهات – وفقا للدراسة – المؤسسات التعليمية والمنظمات وتجنيد واستقطاب اللاجئين وشباب الجاليات المسلمة، وهو ما يعقد من مهام أجهزة الاستخبارات بالحصول على دلائل وبراهين على تورط التنظيم وعلاقته المشبوهة بالتنظيمات الإرهابية.
وتؤكد الدراسة أن جمعيات ومنظمات تنظيم الإخوان فى ألمانيا تخضع إلى رقابة مشددة من قبل “الاستخبارات الداخلية الألمانية”.
ونهاية نوفمبر الماضي، صدر تقرير رسمي عن البرلمان الأوروبي، تحت عنوان “شبكات الإخوان في أوروبا”، تناوَل بشكلٍ مفصّل خريطة التغلغل الإخواني في 10 دول أوروبية، وركز التقرير على عدة أفكار تمثل المرجعية الإرهابية لدى التنظيم، وهي مشروع التمكين الإخواني والاختلافات العقائدية ومفهوم الوطنية لدى التنظيم والتمويلات.
واتّهم التقرير، الذي يصدر بشكلٍ رسمي للمرة الأولى من جانب البرلمان الأوروبي، بشكل واضح جماعة الإخوان بتشكيل لوبيات عدائيّة ضد الدول، ونشر الفكر المتطرّف واستغلال القوانين والتشريعات لصناعة اقتصاديات ضخمة بغرض توفير منابع تمويل للتنظيم.
وعلى الصعيد الرسمي، عززت عدة دول أوروبية إجراءات مكافحة الإرهاب والتطرف على أراضيها، في مقدمتها النمسا وألمانيا وفرنسا الذين حظروا نشاطات وشعارات عدة منظمات إرهابية خلال الفترات الماضية بينها جماعة الإخوان والذئاب الرمادية التركية وجماعة أنصار الدودية وغيرهم.
ويبدو أن تنظم الإخوان الإرهابي يواجه مصيرا مظلما داخل القارة الأوروبية التي طالما وفرت حواضن للتنظيم وقدمت كافة أوجه الدعم له، لكنها تيقظت مؤخرا لمدى خطورة الدور الذي يلعبه التنظيم في نشر التطرف والإرهاب.