وأعلن الكريملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن سيعترف باستقلال المنطقتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا، وأنه أبلغ كلا من المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقراره هذا.
وجاء في بيان الكرملين أنه “في المستقبل القريب يعتزم الرئيس توقيع أمر” بالاعتراف باستقلال المنطقتين، مشيراً إلى أن ماكرون وشولتس أعربا لبوتين عن “خيبة أملهما” إزاء القرار خلال محادثات هاتفية بينهما وبين بوتن.
اجتماع بوتن الحاسم
وكان بوتن، قد قال خلال اجتماع على الهواء مع مجلس الأمن القومي الروسي في العاصمة موسكو، أن مسألة استقلال منطقتي “دونيتسك” و”لوغانسك” مرتبطة بالقضايا الدولية المتعلقة بأوكرانيا.
وأشار الرئيس الروسي، إلى عدم وجود أفق لاتفاقات “مينسك” في حل النزاع الحالي مع أوكرانيا، فيما تتزايد نذر التصعيد يوما بعد الآخر.
الصعيد الميداني
وعلى الصعيد الميداني، أكد الكرملين مجدداً أن “الوضع لا يزال متوتراً للغاية” على الجبهة الشرقية لأوكرانيا، بين القوات الأوكرانية والانفصاليين الموالين لروسيا المدعومين من موسكو.
المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف قال إن “هذا الأمر مقلق”، متهما إياها بالرغبة في ارتكاب “إبادة جماعية” في حق السكان الناطقين بالروسية.
ويتهم الغرب موسكو بتصعيد حدة القتال منذ عدة أيام على خط المواجهة ويخشون أن تتذرع روسيا التي حشدت أكثر من 100 ألف جندي عند الحدود الأوكرانية، بذلك لشن هجوم واسع ضد جارتها الموالية للغرب.
وتنفي موسكو نيتها الشروع بغزو أوكرانيا، لكنها تطالب بعدم انضمام هذه الدولة إلى حلف الشمال الأطلسي وانسحاب الحلف من أوروبا الشرقية، ويرفض الغرب كل هذه الطلبات حتى الآن.
الاستعداد الأوكراني
من جهته، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الاثنين، أنه عقد اجتماعا لكبار مساعديه العسكريين والأمنيين بعدما حضّ المسؤولون الروس الرئيس فلاديمير بوتن على الاعتراف باستقلال منطقتين انفصاليتين في أوكرانيا.
وقال زيلينسكي على تويتر: “نظرا للتصريحات التي صدرت خلال اجتماع مجلس أمن روسيا الاتحادية، أجريت مشاورات عاجلة مع (الرئيس الفرنسي) إيمانويل ماكرون و(المستشار الألماني) أولاف شولتس وعقدت اجتماعا لمجلس الأمن والدفاع القومي”.
أما وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا فطالب رسميا من أعضاء مجلس الأمن بالأمم المتحدة إجراء مشاورات فورية بموجب المادة 6 من مذكرة بودابست، لمناقشة الإجراءات العاجلة التي تهدف لخفض التصعيد، واتخاذ إجراءات عملية لضمان أمن أوكرانيا.
كما طالب وزير الخارجية الأوكراني الاتحاد الأوروبي باتخاذ إجراءات حقيقية لدعمها في أزمتها مع روسيا، وتأمل بلقاء قمة بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتن.
وفي حديثه مع نظرائه الأوروبيين في بروكسل، أكد وزير الخارجية الأوكراني أن أفضل قرار استراتيجي يمكن أن يتخذه الاتحاد الأوروبي الآن لتحسين الوضع الأمني هو إرسال إشارة واضحة إلى روسيا مفادها بأن أوكرانيا جزء منا.
أم على الصعيد الميداني، كشف تقرير لصحيفة “غارديان” البريطانية، أن مناقشات سرية تجري على قدم وساق بين الحلفاء الغربيين، بشأن كيفية تسليح “المقاومة الأوكرانية” في حال حدوث الغزو الروسي المرتقب.
وكان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قد لمح إلى مثل هذه الخطوة، في الخطاب الذي ألقاه أمام مؤتمر ميونيخ للأمن، حيث قال إنه "من المصلحة الذاتية الجماعية للغرب أن يفشل أي غزو روسي"، مشددا على أن "أي غزو سيؤدي إلى جيل من إراقة الدماء والبؤس"، حيث سيخوض الأوكرانيون حملة شرسة لمقاومة القوات الروسية.
وتم التأكيد على الرسالة في اجتماع بين جونسون والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، على هامش المؤتمر ذاته، حيث توقع الزعيمان "مقاومة شرسة" للغزو، بحسب الصحيفة البريطانية.
وتجري مناقشات مماثلة في الولايات المتحدة، حيث تشير التقارير إلى أن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان أخبر أعضاء بمجلس الشيوخ، أن أميركا "مستعدة لتسليح المقاومة، ولن تقبل انتصارا عسكريا روسيا يمحو الحق القومي بتقرير المصير".
وحتى الآن، اقتصر النقاش العام على العقوبات الاقتصادية الهائلة التي سيفرضها الغرب على الاقتصاد الروسي والدائرة المقربة من الرئيس فلاديمير بوتن، كما اتخذت خطوات لحماية الجناح الشرقي للناتو، بشكل أساسي في بولندا ورومانيا ودول البلطيق.
وقد استبعد الرئيس الأميركي جو بايدن إرسال قوات من بلاده إلى أوكرانيا، لأن الولايات المتحدة ليس لديها التزام قانوني بمساعدة أوكرانيا يمتد ليشمل تقديم المساعدة العسكرية.
ومع ذلك، أوضح جونسون أن الغرب "يجب أن يقف إلى جانب أوكرانيا من خلال ضمان صد روسيا في نهاية المطاف".
وقد تنبأ رئيس وزراء بريطانيا بإمكانية إرسال مزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا، عندما أضاف: "علينا أن نحضر أنفسنا لاحتمال حدوث أزمة طويلة الأمد، مع استمرار روسيا في الضغط والبحث عن نقاط الضعف على مدى فترة طويلة، وعلينا معا أن نرفض أن يتم استنزافنا".
ولا تزال طبيعة المساعدة العسكرية والكشف عنها علنا قيد المناقشة، ويعتمد نطاقها جزئيا على تطور الأحداث على الأرض.
علنا، قال جونسون حتى الآن فقط إنه "من الممكن توريد أسلحة"، مضيفا أنه "لن يستبعد ذلك"، إلا أن الغرب لن يرغب في أن يُنظر إليه على أنه يدعم "مقاومة دموية"، تخاطر بنشوب صراع أوسع بين الناتو وروسيا.
وفي الولايات المتحدة، وافقت إدارة بايدن على تقديم حوالي 650 مليون دولار من المعدات العسكرية إلى كييف في العام الماضي، ومؤخرا، سمحت بتقديم حزمة بقيمة 200 مليون دولار لأوكرانيا، تضمنت صواريخ جافلين المضادة للدبابات، وغيرها من الأنظمة العسكرية، وقاذفات قنابل وذخائر.
كما سمحت الولايات المتحدة لدول البلطيق بإرسال أسلحة، بما في ذلك الصواريخ المضادة للطائرات.
وبالعودة إلى الاجتماع المهم في ميونيخ، حذر جونسون من "معركة مطولة بعد أي غزو لا يمكن لروسيا احتواؤه".
وتابع: "الحرب الخاطفة ستتبعها فترة طويلة وبشعة من الانتقام والتمرد، وسيحزن الآباء الروس على فقدان الجنود الشباب، الذين هم أبرياء تماما مثل الأوكرانيين الذين يستعدون الآن (لتلقي) للهجوم".
واستطرد: "إذا تم اجتياح أوكرانيا بالقوة الغاشمة، فأنا أفشل في رؤية كيف يمكن لدولة تغطي ما يقرب من ربع مليون ميل مربع – أكبر دولة في أوروبا باستثناء روسيا – أن يتم إخضاعها إلى الأبد".
جاء ذلك في الوقت الذي طالب فيه زيلينسكي بمزيد من الدعم من الغرب في مواجهة العدوان الروسي، والفرض الفوري لعقوبات صارمة على روسيا، التي تعهد القادة بفرضها في حالة حدوث غزو.
” readability=”9.2988929889299″>
وكان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قد لمح إلى مثل هذه الخطوة، في الخطاب الذي ألقاه أمام مؤتمر ميونيخ للأمن، حيث قال إنه “من المصلحة الذاتية الجماعية للغرب أن يفشل أي غزو روسي“، مشددا على أن “أي غزو سيؤدي إلى جيل من إراقة الدماء والبؤس”، حيث سيخوض الأوكرانيون حملة شرسة لمقاومة القوات الروسية.