وأكد أمينه العام، ينس ستولتنبرغ، عدم نية الحلف إرسال قوات إلى أوكرانيا رغم أنها شريكة لحلف شمال الأطلسي لكنها ليست عضوا فيه، بعدما غزت القوات الروسية أوكرانيا برا وجوا وبحرا الخميس لتؤكد أسوأ مخاوف الغرب بأعنف هجوم تشنه دولة على دولة أخرى في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
توترات غير مسبوقة
المحلل السياسي الإيطالي، دانييلي روفينيتي، قال إنه في الوقت الحالي هناك أعمال “حرب حقيقية” على حدود الناتو لم يكن الوضع أبدًا متوترًا إلى هذا الحد في العقود الأخيرة.
وأضاف روفينيتي، في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”، أن الاجتماع سيناقش قضية رئيسية وستكون أولوية الحلف الفترة المقبلة وهي منع ما نراه للأسف في كييف ومنع إعادة إنتاجه داخل دولة عضو في الحلف لأنه سيؤدي إلى استجابة جماعية، وهو ما يعني في مواقف معينة مواجهة محتملة وهو ما لا يريده أي من الناتو ولا بوتن.
وأشار إلى أن هناك خطرا من أنه قد ينتهز بوتين هذه الفرصة للمضي قدماً، لتصفية حسابات ما يسمى بـ “الحروب المجمدة” في جورجيا ومولدوفا، أي أنها مطروحة على الطاولة، وإن كانت لا تزال في معسكر المضاربة.
وأكد على أن الناتو سيعزز وجوده العسكري في الدول الأعضاء مثل دول البلطيق ورومانيا وبولندا “يجب أن تكون رؤية العلم الأميركي في تلك الدول كافية حتى لا يذهب بوتن بعيدًا، سيكون الخطر هائلا. أبعد من ذلك، لا أرى أي طريق آخر قابل للتطبيق”.
أوكرانيا هي البداية
الأكاديمي المختص بالشأن الدولي، طارق فهمي، قال إن الهجوم الروسي وضع الغرب وأميركا وحلف الناتو في مأزق كون واشنطن أعادت انتشار بعض قواتها في دول أوروبية لكنها غير كافية حيث لا تتخطى 8500 جندي وضابط، وبالتالي لا تملك الرد العسكري وكذلك أوروبا.
وأضاف فهمي، لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن الأوروبيين لا يملكون بدائل كثيرة وحلف الناتو مشتت وهو في موقف دفاعي وليس عسكري أو هجومي، مؤكدا أن اجتماع الجمعة أو ما بعده سيكون فقط لتسجيل مواقف لا يفهمها الجانب الروسي جيدا، فبوتن يتحدث عن عودة الاتحاد السوفيتي والفضاء الاستراتيجي للدولة السوفيتية العظمى ويتحدث عن رؤى أخرى وبالتالي فإن أوكرانيا هي البداية وما سيلي جمهوريات البلطيق وجورجيا.
وأشار إلى أن “القوى التي كان يمكن أن تلعب دورا في الأزمة كفرنسا وألمانيا وهما من يقودا قاطرة الاتحاد الأوروبي فشلا في التعامل مع المشهد، إذن لا توجد قوة أخرى، بريطانيا تريد عملا عسكريا لكنها غير قادرة على فرض هذا الخيار لأنها لا يمكن أن تدخل بقوات كونها لا تملك قواعد ارتكاز أو انتشار في الدول الأوربية، هي تريد أن تقول إنها بديل عن الأميركان في العمل العسكري ولكن ليس لديها قدرات خاصة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي“.
وأكد على أن “الأزمة ستستمر في التصاعد، أوكرانيا هي البداية لما هو قادم جورجيا تستعد ودول البلطيق ومخاوف من تكرار السيناريو، إذن نحن متجهين لعسكرة السياسة الخارجية الروسية في مناطق نفوذها للسيطرة على منطقة البحر الأسود“.
الردع والدفاع
وقال “ستولتنبرج” إنه سيتخذ خطوات إضافية لتقوية تدابير “الردع والدفاع” بعد بداية الغزو الروسي لأوكرانيا لكنه أكد أن الحلف لا ينوي إرسال قوات إلى هناك.
وأضاف بعد اجتماع طارئ لسفراء دول الحلف “دعونا إلى قمة عبر الفيديو الجمعة لتحليل المسار الذي يجب سلوكه وفعّلنا الخطط الدفاعية بهدف التمكن من نشر قدرات قوة الرد حيث يلزم الأمر”.
وقال ينس ستولتنبرغ الأمين العام لحلف في مؤتمر صحافي “تحطم السلام في قارتنا. روسيا تستخدم القوة لمحاولة إعادة كتابة التاريخ وحرمان أوكرانيا من مسارها الحر والمستقل”. وأضاف أن التدابير الجديدة “ستمكننا من نشر قدرات وقوات بما في ذلك قوة الرد التابعة للحلف”.
وتحدد المادة الخامسة من معاهدة شمال الأطلسي مبدأ الدفاع الجماعي، وتضمن أن موارد الحلف بأكمله يمكن استخدامها لحماية أي دولة عضو، وهذا أمر بالغ الأهمية بالنسبة لعديد من الدول الصغيرة التي ستصبح دون دفاعات بدون حلفائها.
تخوفات من مصير أوكرانيا
سلطت وكالة “أسوشيتد برس” الأميركية الضوء على الأحداث الجارية في أوكرانيا، مؤكدة على أن الأمر يبدو أسوأ بكثير بالنسبة لدول البلطيق “بالنسبة للإستونيين واللاتفيين والليتوانيين، لا سيما أولئك الذين عاصروا سيطرة الاتحاد السوفيتي على بلادهم، فإن الهجوم الروسي على أوكرانيا يثير قلق البعض من احتمال أن يكونوا الهدف التالي”.
وأوضحت أن “دول البلطيق الثلاث التي ضمها بالقوة من قبل قائد الاتحاد السوفيتي السابق، جوزيف ستالين، خلال الحرب العالمية الثانية قبل أن تحصل على الاستقلال مرة أخرى مع انهيار الاتحاد في عام 1991، انضمت إلى حلف شمال الأطلسي في عام 2004، ووضعت نفسها تحت الحماية العسكرية للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين”.
وأشارت إلى أن “قادة حكومات دول البلطيق قاموا في الأسابيع الأخيرة برحلات متعددة إلى العواصم الأوروبية، محذرين من أن الغرب يجب أن يجعل بوتين يدفع ثمن مهاجمة أوكرانيا، وإلا فإن دباباته ستستمر في التحرك نحو أجزاء أخرى من الإمبراطورية السوفيتية السابقة”.