يعيش المركب الاجتماعي باب الخوخة بمدينة فاس، كغيره من مؤسسات الرعاية الاجتماعية، شهر رمضان لهذه السنة على إيقاع مختلف عن غيره في الأعوام الماضية، بعد أن رسمت جائحة “كورونا” شكلا جديدا لهذا الشهر الكريم داخل هذه المؤسسة لم يسبق أن عهده نزلاؤها من قبل.

لقد غيرت الإجراءات المتخذة في مواجهة الوباء، وعلى رأسها فرض الحجر الصحي وتقييد حركة تنقل الأشخاص، أجواء رمضان داخل “خيرية باب الخوخة”، التي كانت، خلال كل شهر رمضان، تبهج نزلاءها موائدُ الإفطار الجماعي المنظمة من قبل الجمعيات الخيرية، تجسيدا منها لروح التضامن والتكافل الاجتماعي مع هذه الفئة الخاصة من المجتمع.

“نحن نزلاء واعون بخطورة وباء “كورونا”، ونلتزم بكل تدابير الوقاية داخل المركب”، تقول إحدى نزيلات دار العجزة بالمركب الاجتماعي باب الخوخة، وهو ما أكده مسن آخر في حديثه مع هسبريس قائلا: “هذا الوباء خطير، ونرجو أن يرفعه الله عنا ببركة هذا الشهر الفضيل”.

من جانبه، قال أحد الشباب من نزلاء المركب الاجتماعي باب الخوخة، إن الجميع ملتزم بالحجر الصحي وباحترام التباعد الاجتماعي والتكثيف من النظافة، مبرزا في حديثه مع الجريدة أنه رغم خصوصية رمضان لهذا العام، لم تتضرر موائد الإفطار وباقي وجبات التغذية داخل المركب الاجتماعي باب الخوخة.

“بسبب الحجر الصحي ولتفادي انتقال العدوى إلى النزلاء، امتنعنا عن استقبال الجمعيات لتنظيم عملية الإفطار الجماعي داخل المؤسسة في رمضان الحالي، في المقابل واصلنا استقبال عطاءات هذه الجمعيات والمحسنين”، يوضح محسن وهابي، مدير المركب الاجتماعي باب الخوخة بمدينة فاس.

وشدد متحدث هسبريس على أن الجمعية الخيرية المكلفة بتسيير المركز الاجتماعي باب الخوخة، توفر جميع مستلزمات الإفطار والسحور والتغذية لغير الصائمين من النزلاء بالجودة والكم المطلوبين، موردا أن “الخير موجود”، والمؤسسة في تواصل مستمر، في هذه الظرفية الخاصة، مع المنسقية الجهوية لإدارة التعاون الوطني، التي قال إنها لا تبخل عليهم بالتوجيهات والمواكبة.

“صحيح، لقد افتقد النزلاء أجواء حضور صلاة التراويح بالمساجد خارج المؤسسة، وزيارة الجمعيات لهم في كل رمضان، إذ شاركت، مثلا، في رمضان العام الماضي حوالي 60 جمعية في تنظيم موائد الإفطار الجماعي داخل المركز”، يقول مدير خيرية باب الخوخة، مشيرا إلى أن عملية التغذية تتم في المركز باحترام مبدأ التباعد الاجتماعي والمسافة الآمنة.

وأضاف المسؤول الاجتماعي ذاته موضحا: “يحاول النزلاء والمستخدمون، في ظل هذه الظروف، خلق أجواء رمضانية خاصة بهم، في احترام تام للإجراءات الوقائية من فيروس كورونا والتزام كامل بالحجر الصحي، موازاة مع المراقبة الصحية المستمرة لهم، يسهر عليها أطباء تعبئهم إدارة التعاون الوطني، وآخرون منتسبون إلى جمعية الأطباء المتقاعدين بفاس”.

المتحدث ذاته أوضح أن نزلاء المركب، بمن فيهم العجزة والمسنون، واعون بخطورة وباء كورونا بفضل تحسيسهم بذلك من طرف المستخدمين، ومتابعتهم أخبار الوباء على شاشة التلفزيون، وملاحظتهم لتغير العادات التي كانت سائدة داخل المؤسسة، مثل تجنب المستخدمين مصافحتهم والجلوس بجانبهم، كما كان يتم ذلك قبل تفشي الوباء.

وزاد وهابي قائلا: “جميع النزلاء، البالغ عددهم نحو 450 مستفيدا، يواظبون على الدعاء لرفع هذا الوباء حتى تعود تلك الأجواء العائلية إلى المؤسسة، وتفتح أبوبها أمام الجمعيات التي كانت لا تنقطع زيارتها إليها لاحتضانهم وإدخال البهجة على نفوسهم”.

من جهته، قال أحمد مفيد، رئيس الجمعية الخيرية المشرفة على تسيير المركز الاجتماعي باب الخوخة، إنه لم تسجل أية حالة إصابة بالفيروس في صفوف النزلاء والمستخدمين، مشيرا، في حديثه مع هسبريس، إلى أنه بعد وصول الوباء إلى مدينة فاس، تم منع خروج النزلاء من المؤسسة لتفادي نقل المرض إلى داخلها.

وأردف متحدث الجريدة أنه تم، إثر ذلك، وقف ولوج الجمعيات إلى داخل المركب لتنظيم موائد الإفطار الجماعي والأنشطة الرمضانية، موردا أنه اقتُصر على تسلم المساعدات العينية منها ليستفيد منها النزلاء.

وأشار مفيد إلى أن احتياجات المركب الاجتماعي باب الخوخة لشهر رمضان الجاري، تمت تغطيتها بشكل وافر من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وإدارة التعاون الوطني، فضلا عن دعم الجمعيات الخيرية والمحسنين وعدد من المصالح العمومية، مثل الأمن الوطني والجمارك.

hespress.com