ومؤخرا، دخلت تلك الطائرات حلبة الصراع والمنافسة بين واشنطن وموسكو في الساحة الأوكرانية، حيث أعلنت أميركا، يوم الأربعاء، تقديم مساعدات أمنية إضافية لأوكرانيا بينها 100 مُسيّرة من طراز “سويتش بليد” الانتحارية، فيما قالت روسيا، يوم الأحد، إنها أسقطت نحو 200 مسيرة أوكرانية من بدء عملياتها العسكرية.
دعوة أوكرانية
ولأهمية سلاح المُسيّرات في الحرب، وجّهت أوكرانيا، مطلع مارس الجاري، الدعوة لهواة الطائرات المسيرة للمشاركة في دعم الجهود الحربية.
وعلى إثر هذا القرار تحول مشغلو تلك الطائرات المسيرة من تصوير حفلات الزفاف وتسميد الحقول أو السباقات من أجل المتعة، إلى تشكيل قوة متطوعة لمساعدة بلادهم، وفقا وكالة “أسوشيتد برس”.
وخلال الحرب، أنشأ هواة هذه الطائرات مجموعة على “فيسبوك” تضم أكثر من 15 ألف عضو، يتداولون نصائح حول كيفية مساعدة القوات الأوكرانية، حيث تمتلك كييف مجتمعا مزدهرا من الخبراء في هذا المجال، بعضهم تلقى تعليمه بجامعة الطيران الوطنية أو جامعة كييف التقنية.
وتلك الخبرة ترسخت لدى الأوكرانيين، بسبب النزاع طويل الأمد مع الانفصاليين بشرق البلاد، وهو ما يجعلهم قادرين على نقل تلك الخبرات للصراع الحالي مع روسيا.
والمسيرات لدى المدنيين قد تُستخدم في رصد القوافل الروسية ونقل الصور وإحداثيات الـ”جي بي إس” للقوات الأوكرانية، وقد تتزايد أهميتها حال إطالة أمد الحرب، بحسب تقارير غربية.
ويقول المحلل الاستراتيجي، بي دبليو سينجر، مؤلف كتاب عن “روبوتات الحرب”: “تلك الطائرات رأيناها من سوريا إلى العراق واليمن وأفغانستان، وهي مثل العبوة الناسفة أو زجاجة المولوتوف”.
ويضيف: “لن تتمكن هذه الطائرة من تغيير مجرى المعركة بأوكرانيا لكنها ستجعل الأمر صعبًا على الروس”.
“كاميكازي” و”بيرقدار” بحرب أوكرانيا
تتميز الطائرات المُسيّرة بأن تكلفة تشغيلها أقل من الطائرات الحربية التقليدية، ويمكنها تنفيذ هجمات ضد أهداف حيوية في مهام انتحارية، أو حتى ضرب العدو والعودة إلى قواعدها، لكنها تتفاوت في قوتها وفقا لعدة معايير، والتي من أبرزها مدى الطائرة وزمن التحليق المتواصل والتسليح، إضافة إلى تقنيات الرصد والاستطلاع.
وقالت شبكة “سى إن إن” الأميركية إن واشنطن ستزود أوكرانيا بطائرات بدون طيار من طراز سويتش بليد “Switchblade” وهي طائرات صغيرة محمولة تسمى بطائرات “كاميكازي”، ويطلق عليها اسم المسيرات الانتحارية، وتحمل رؤوسا حربية وتنفجر عند الاصطدام.
ويمكن أن يصل أصغر طراز من تلك الطائرة إلى هدف على بعد 6 أميال، وفقا للشركة المنتجة، وتمت إضافتها إلى القائمة المطلوبة من الأسلحة العسكرية والمساعدات التكنولوجية لأوكرانيا.
أما الطائرة بيرقدار TB2 المقاتلة والتي تنتجها شركة “بايكار” التركية، فتقول التقارير إن أوكرانيا تمتلك الكثير منها.
ويبلغ طول المسيرة التركية 6.5 متر، بمدى انبساط للجناحين يصل 12 مترا، فضلا عن أنها يمكن أن تبقى في الهواء لأكثر من 24 ساعة.
وتصل سرعتها القصوى لنحو 220 كيلومترا في الساعة، وتتميز بأنها أرخص من الطائرات الغربية المنافسة، وفق خبراء.
ويقول فولف غانغ ريشتر، الخبير العسكري بالمعهد الألماني للشؤون الأمنية: “حتى لو تلقت كييف جميع تلك الطائرات، فقد تلحق خسائر بالجانب الروسي، لكن سيظل تأثيرها محدودا مع القتال البري”، بحسب إذاعة “صوت ألمانيا”.
“حرب المُسيّرات”
وتم إجراء أول اختبار لهذا النوع من الطائرات في مارس1917، حيث كانت طائرة صغيرة يتم التحكم فيها عن طريق الراديو، بينما حلقت الطائرة الأميركية المعروفة باسم “كيترنغ باج” في أكتوبر 1918.
ومع التطور العسكري، كانت الطائرات المسيرة الأميركية مثل “إم كيو 1 بي” براديتور، والمسيرة “إم كيو 9″ ريبر، و”آر كيو 4” غلوبال هوك، من أشهر الدرونز المستخدمة.
لكن طائرات أخرى متطورة بدأت تظهر حول العالم، من بينها: “درونز” أخوتنيك الروسية، و”بيراقدار” التركية و”هيرون تي بي” الإسرائيلية و”سي إتش-5″ الصينية.
ومن أبرز الطائرات المسيرة الأميركية: “إم كيو-1” بريداتور لمهام المراقبة والقتال، وهي قادرة على حمل 500 كيلوغرام من الأسلحة، ويصل مداها إلى 1100 كلم وقادرة الطيران على ارتفاع 7620 مترا.
أما “إم كيو-9″، فهي من أحدث الطائرات الأميركية وتضم مواصفات تكنولوجية عالية، منها نظام رادار متطور وكاميرات ومستشعرات عالية الدقة تستطيع مسح منطقة قطرها 360 درجة، كما تحمل كمية كبيرة من الصواريخ والقنابل الموجهة بالليزر، ويصل مدى تحليقها نحو 3 آلاف كيلومتر، وقد تحلق إلى 40 ساعة، بحسب شركة “جنرال أتوميكس”.
وبالنسبة للطائرات الروسية، فأبرزها “كرونشتات جروم” وهي شبحية قادرة على حمل 2200 إلى 4400 رطل، بينها القنابل الموجهة بالليزر، ويمكنها التحليق بسرعة تصل إلى 660 ميلاً في الساعة على ارتفاعات تصل إلى 40000 قدم.
وهناك “سوخوي-70″ الروسية فهي مقاتلة شبحية يبلغ مداها 2500 ميل، و3700 ميل كحد أقصى، وقادرة على حمل 4400 رطل من الأسلحة، وجرى إنتاجها بهدف تنفيذ ضربات حاسمة بأسلحة نووية أو صواريخ دقيقة، وتم اختبارها على صواريخ “جو-جو”.
ويقول اللواء فايز الدويري، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن “الطائرات المسيرة تتميز بتكلفتها الرخيصة بحسب نوعها وحجمها، ومنها المصمم لمهام الاستطلاع، وآخر انتحاري”.
ويضيف لـ”سكاي نيوز عربية”: بعض الطائرات قد تحمل 25 كيلوغراما من المتفجرات، وأخرى قد تحمل 7.5 طن من الأسلحة، بحسب الغرض منها”.
وتابع: “طائرات الدرونز المتطورة يتم قيادتها والتحكم فيها بنظام الطيار الآلي، لكن يكون هناك طيار فعلي وحقيقي في مركز القيادة والسيطرة يحدد مسارها ويقدم المعلومات على عكس الطائرات المقاتلة التقليدية”.
وأردف: “المُسيّرات أصحبت عنصرا أساسيا خاصة بالمناطق الملوثة بالإشعاعات النووية مثلا أو لمتابعة الأعاصير وهي أدوار لا يمكن فيها المغامرة بالطائرة المقاتلة التقليدية”.
واستطرد: “خلال المعارك العسكرية قد يتم استخدامها في توجيه الصواريخ ونيران المدفعية، بعكس الطائرة التقليدية، فمداها واسع بالمعارك الحديثة ولا يمكن للطائرات التقليدية الإنابة عنها”.