وأعلن الجيش الروسي، الجمعة، انتهاء المرحلة الأولى من عمليته العسكرية في أوكرانيا، مشيرا إلى أن جهوده من الآن فصاعدا ستركز على “التحرير الكامل” لإقليم دونباس، جنوب شرقي أوكرانيا.
واعتبر البعض أن الإعلان الروسي إشارة محتملة على تقليص روسيا لحملتها العسكرية في مواجهة المقاومة الأوكرانية الشرسة، التي كانت أكبر من المتوقع.
لكن موقع “ناشونال إنترست” الأميركي المتخصص في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، رأى أنه ما من دليل على أن روسيا تخلت عن أهدافها “المتشددة” من الحرب التي أعلنها الرئيس، فلاديمير بوتن.
وأشار إلى تصريح نائب رئيس الأركان العامة الروسية، سيرغي رودسكوي، بأن موسكو مستمرة في التزام “نزع سلاح” أوكرانيا و”اجتثاث النازية فيها”.
وعند وضع هذا التصريح في سياق الإعلانات المتتالية من كبار المسؤولين في الكرملين، خلال الأيام الأخيرة، فهذا يظهر أن الإعلان لا يعني أن روسيا قلّصت من أهدافها، لكنها تراجعت تحسبا من صراع طويل المدى.
وقال الموقع الإخباري الأميركي إن الإعلان الروسي ربما يأتي نتيجة لحاجة موسكو لتعزيز سيطرتها على دونباس، قبل استئناف الهجوم البري نحو العاصمة كييف والتقدم غربا في أوكرانيا.
وتحدثت تقارير عن تحقيق القوات الروسية نجاحات كبيرة في الأيام الماضية، خلال تقدمها صوب مدينة ماريوبول الساحلية، وثمة معلومات غير مؤكدة عن تراجع القوات الأوكرانية إلى داخل المدينة.
لكن سقوط ماريوبول في أيدي القوات الروسية، الذي وصفه الموقع الإخباري الأميركي بـ”شبه المؤكد”، يعني أن موسكو أصبحت تسيطر على 80 بالمئة من الساحل الأوكراني، مما يمهد الطريق نحو جيشها صوب “الجائزة الكبرى“: مدينة أوديسا الاستراتيجية، نظرا لوجود ميناء هام فيها.
الاستنتاج المبكر
وسيقضي هذا الأمر على مواقع المقاومة الأوكرانية في الجنوب الشرقي، مما يؤفر للروس ممرا بريا من دونباس إلى القرم، ويعزز سيطرتها على المناطق الواقعة شرقي نهر دنيبر.
وفي المجمل، وبعد النظر إلى بقية ساحات المعارك في أوكرانيا مثل خاركيف وكييف بعد مرور شهر على الحرب، يظهر أن أداء الجيش الروسي كان ضعيفا.
لكن الاستنتاج من هذا أن أوكرانيا ستنتصر أو أن روسيا قد خسرت بالفعل، مبكر للغاية.
والخسائر الأكبر من المتوقع التي مني بها الجيش الروسي ستعيق العمليات البرية على المدى القصير، لكن لن تدفع الكرملين لتغيير مساره في أوكرانيا، فالثقافة الاستراتيجية الروسية والخطاب السياسي أظهرا درجة كبيرة من التسامح مع الخسائر، خاصة في النزاعات التي تحظى بتأييد شعبي.
وفاجأ صمود القوات الأوكرانية توقعات الغرب وروسيا على حد سواء، لكن الواقع الاستراتيجي لم يتغير، فروسيا لا تزال مقتنعة بأن مصالحها الوجودية معرضة للخطر، ولديها الموارد والإرادة السياسية لمواصلة الحرب حتى النهاية المريرة.
وصحيح أن المحادثات بين الطرفين مستمرة، لكن من غير المرجح أن تسفر عن شيء في الوقت الراهن، فكلا الجانبين يعتقد أن الوقت غير مناسب للوصول إلى تسوية، فموسكو لم تحقق قواتها انتصارات هائلة تجبر أوكرانيا على الاستسلام، وكييف من جانبها، ترى أنها تحقق تقدما في القتال بما لا يدفعها إلى تقديم تنازلات كبيرة، وهو ما يعني أن الحرب بعيدة عن النهاية.