وفي هذا السياق، تتصاعد الخلافات بين كل من صربيا وكوسوفو، ويرى مراقبون أن الحرب في أوكرانيا تهدد من جديد بإشعال برميل البارود في تلك المنطقة ككل، ولا سيما في المناطق التي كانت تتشكل منها يوغوسلافيا السابقة قبل تفككها إلى عدة دول وجمهوريات مطلع تسعينيات القرن المنصرم.
ووصل الأمر حد قيام الجيش الصربي بحشد قوات على الحدود مع كوسوفو، التي ترفض بلغراد الاعتراف باستقلالها عنها منذ العام 2008، ولا تزال مسألة استقلال الإقليم ذي الغالبية الألبانية عن صربيا، قضية خلافية حادة بين الطرفين، ومن خلفهما موسكو وعواصم الغرب.
وتعترف نحو 100 دولة بالإقليم من بينها الولايات المتحدة والعديد من دول الاتحاد الأوروبي.
ويرى المراقبون أن منطقة البلقان المعروفة بتراكيبها وتوازناتها القومية والدينية والطائفية الحساسة والرخوة، مرشحة أكثر من غيرها أوروبيا بالتأثر سلبا بما يحدث في أوكرانيا، خاصة مع التباين في مواقف دولها من الأزمة الأوكرانية ما بين مؤيد لروسيا كصربيا ومؤيد لأوكرانيا كألبانيا.
خلافات مزمنة
وتعليقا على خطر امتداد شظايا الأزمة الأوكرانية إلى منطقة البلقان، يقول مهند العزاوي، رئيس مركز صقر للدراسات، في حوار مع موقع “سكاي نيوز عربية”: “المشكلات والخلافات المتصاعدة الآن بين صربيا وكوسوفو، هي في واقع الأمر انعكاس طبيعي وامتداد لخلافات تقليدية مزمنة بينهما، كدولة، صربيا وكإقليم منفصل عنها، كوسوفو، سيما وأن ثمة بينهما أكثر من 18 ممرا إداريا، ما يزيد في توتير الأوضاع والاحتكاك والتصادم أكثر، والدخول في حال طوارىء في ظل نذر صدام محتمل هو تصعيد خطير ومقلق لا ريب ويرتبط بشكل مباشر بالحرب في أوكرانيا، وإن كان للأزمة هذه خلفيات تاريخية معلومة”.
ويضيف :”ثمة محاولات أوروبية محمومة لمنع اتساع رقعة الحرب الأوكرانية نحو بقية أنحاء القارة الأوروبية، وخاصة في منطقة البلقان شديدة الحساسية، التي تعد العلاقات المتوترة بين كل من صربيا وكوسوفو أبرز قضاياها العالقة والملغومة، التي يمكنها أن تنفجر نزاعا عسكريا واسعا ومدمرا، يعيد ذكريات الحروب الدموية السابقة في هذا الجزء المضطرب من أوروبا”.
نار تحت الرماد
أما الكاتب والباحث السياسي، طارق سارممي، فيقول في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية” :”البلقان بركان خامد نسبيا الآن لكن حمم مشكلاته وأزماته متقدة دوما تحت الرماد، ولعل قضية كوسوفو ورفض صربيا لاعلانها الاستقلال وعدم قبولها في الأمم المتحدة بفعل اعتراض روسيا والصين، هي من أعقد القضايا التي لا تزال بلا حلول متكاملة لها وهي أشبه بصواعق تفجير “.
ومن هنا يضيف سارممي :”تكمن خطورة ما يحدث على الحدود بين صربيا وكوسوفو من حشود ومن ارتفاع نبرة الاتهامات المتبادلة سياسيا بين الجانبين، حيث يتم النبش في الماضي وإثارة العصبيات والحساسيات القومية، حيث الصرب يرون أن رفض الغرب لما يحدث في دونباس كإقليم ضمن أوكرانيا يسعى للاستقلال عنها، يعبر عن ازدواجية المعايير، وإلا فلماذا ساند استقلال كوسوفو عن صربيا ؟”.
ويتابع : “وهكذا فنحن أمام جدل حاد وخلاف عميق يتصل بأبعاد وحسابات جيوسياسية واستراتيجية وعرقية معقدة، وهو يوظف كورقة من مختلف الأطراف المتنازعة الآن في سياق تسجيل النقاط وتصفية الحسابات، ومن هنا خطورة اللعب بالنار البلقانية، وضرورة السعي لمنع وصول شرارات الحرب الأوكرانية للبلقان”.