واعترف الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بأن مطالب روسيا بحياد أوكرانيا وعدم انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي، الناتو، تُدرس بجدية.
وكان الكرملين أعلن موافقة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتن، على إجراء مفاوضات مع زيلينسكي بعدما أبدى الأخير استعداده لبحث حياد كييف.
وانتهت جولة مفاوضات اليوم الأول بين الوفدين الروسي والأوكراني في إسطنبول، الثلاثاء، بينما أعلنت موسكو اعتزامها تقليص نشاطها العسكري في المناطق القريبة من كييف، وذلك عقب المحادثات التي وصفها الوفد الروسي بـ”المفيدة”.
أبرز الصعوبات
كان الرئيس زيلينسكي عبّر عن استعداده لمناقشة الوضع المحايد لأوكرانيا، مؤكدا تصريحاته في 15 مارس الجاري، التي قال فيها “يجب الاعتراف بأن أوكرانيا لن تكون قادرة على الانضمام إلى الناتو”.
وقال الرئيس الأوكراني إن بلاده مستعدة لمناقشة تبني وضع محايد في إطار اتفاق للسلام مع روسيا، لكن بشروط.
وأضاف زيلينسكي، في مقابلة مع وسائل إعلام روسية عبر الفيديو، الأحد، أن بلاده مستعدة لمناقشة تبني وضع محايد في إطار اتفاق للسلام مع روسيا، على أن يتم ضمانه من أطراف ثالثة وأن يخضع لاستفتاء، في إعلان فُسّر على أنه تنازل عن خطة الانضمام إلى الحلف، واعتبره جزء من الشعب الأوكراني غير مقبول.
وفسر زيلينسكي موقفه قائلا: “سمعنا لسنوات أن الأبواب مفتوحة، لكننا سمعنا أيضا أنه لا يمكننا الانضمام، هذه هي الحقيقة ويجب أن نعترف بها”.
وأضاف: “نحن مستعدون لقبول ذلك والمفاوضات تناقش الضمانات الأمنية والحياد، وأن تكون دولتنا خالية من الأسلحة النووية”، وهو أحد مطالب موسكو.
الدستور مع الناتو
ومسألة حياد أوكرانيا تواجه عقبة دستورية وقانونية، إذ ينص الدستور الأوكراني على تطلع البلاد للانضمام إلى الناتو، وهو ما لا يجوز تعديله في ظل القانون العسكري الساري حاليا، أو حتى في أثناء حالة الطوارئ بسبب الحرب الدائرة.
كما يتطلب الموافقة على ذلك في جلستين برلمانيتين بأغلبية 300 صوت من أصل 450، وأن تصادق عليه المحكمة الدستورية الأوكرانية، وهو ما قد يتعذر خلال الحرب.
وتقول أولغا أفازوفسكا، مديرة منظمة “أوبورا” الأوكرانية غير الحكومية والمتخصصة بالانتخابات والاستفتاءات، إن التصريحات حول الناتو “نظرية وليست حلولا عملية”.
وتضيف: “أوكرانيا ليست مرشحة للانضمام إلى الناتو، وليست لديها خطة عمل للعضوية، ولا قيمة قانونية لتصريحات زيلينسكي، بعكس الدستور”.
وأكدت أن “الرئيس الأوكراني يتحدث عن محتوى المحادثات الجارية ومطالب روسيا”، حسب وكالة “فرانس برس”.
وتؤكد أن “الاستفتاءات مثل الانتخابات لا يمكن تنظيمها في أثناء الحرب، لكن يمكن إجراؤها بعد انتهاء تلك المرحلة المحتدمة”.
من جانبه، يقول المختص في الشأن الروسي محمد أبو النور، إن “حياد أوكرانيا صيغة جيدة لتلافي آثار تلك الحرب، وهو اقتراح منطقي ومخرج عملي للأزمة، وأحد المطالب الروسية المشروعة”.
ويضيف لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه: “هذا البند موجود في كثير من الدول ومعمول به مثل النمسا وسويسرا وفنلندا، وهذا سيناريو قد يقي كييف بتحولها إلى دولة محايدة ومنزوعة السلاح صراعات نفوذ ومصالح تقليدية بين القوى العالمية”.
أما الباحث السياسي الأوكراني فولوديمير فيسينكو، فيقول إن “الحياد يحتاج إلى جمع 300 صوت برلماني، وهي مسألة صعبة في ظل الحرب الحالية”.
على غرار السويد
دخلت الحرب الروسية الأوكرانية أسبوعها الخامس مفجرة أزمة دولية حادة ومخاوف من انزلاقها لحرب عالمية ثالثة بين روسيا وحلف الناتو.
ويقول الكرملين الروسي إن حياد أوكرانيا على غرار السويد أو النمسا هو التسوية، التي يناقشها المفاوضون الروس والأوكرانيون حاليا.
وأوضح الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف: “إنه الخيار الذي يناقش حاليًّا والذي يمكن اعتباره تسوية”.
لكن الرئاسة الأوكرانية أعلنت رفض أن تكون كييف محايدة على غرار ستوكهولم أو فيينا، مطالبة بـ”ضمانات أمنية مطلقة” في وجه روسيا.
ويقول الباحث والمحلل السياسي، محمد كلش، إن “موضوع حياد أوكرانيا مرتبط بالضمانات الأمنية، فأوكرانيا تطرح ذلك بجانب شرط الضمانات الأمنية، وبالتالي فهي تريد ضمانات من جانب الغرب وبشكل محدد من حلف الناتو، وهو أمر ترفضه روسيا بشكل قاطع”.
ويضيف لموقع “سكاي نيوز عربية” أن الرئيس الأوكراني قد يغير رأيه في الشكل، لكن يبقي مضمون المفاوضات كما هو أي الضمانات الأمنية قبل الحياد، كما أنه يريد طمأنة روسيا بأن كييف قد تقبل أن تصبح دولة محايدة.
أما المحلل السياسي ميكولا دافيديوك فيقول إن “الأوكرانيين يريدون الانضمام إلى الناتو، لكن إذا ضمنت دول مثل بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة عضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي وعرضت خطة مالية لإعادة إعمارها، قد يُنسى النقاش بشأن الناتو لبعض الوقت”.