التقطت مركبة وكالة ناسا جونو Juno هذا المشهد لنصف الكرة الجنوبي لكوكب المشتري في 17 شباط/فبراير 2020. لدى كوكب المشتري غلاف جوي غني بالهيدروجين، وبينما يعتقد الباحثون أنه لا وجود لحياة على كوكب المشتري، فقد أثبتت دراسة جديدة أنه بإمكان الحياة أن تزدهر في بيئة تتكون بشكل كلي من الهيدروجين.
(حقوق الصورة: © NASA/JPL-Caltech/SwRI/MSSS/Kevin M. Gill, © CC BY)


تتمثل غايتي في دفع علماء الفلك إلى التفكير على نحو أوسع حول نوعية الكواكب التي قد تكون صالحة للسكن.”

أثبتت دراسة جديدة أنه بإمكان الحياة الإزدهار في غلاف جوي يتكون بنسبة 100% من الهيدروجين. بإمكان هذه النتائج تغيير مفهومنا لكيفية ومكان احتمال ازدهار الحياة في الكون.
أما فيما يتعلق بالدراسة، فقد قامت مجموعة من الباحثين بإشراف سارة سيغر Sara Seager عالمة الفيزياء الفلكية والكواكب بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بإجراء تجارب على بكتيريا الإشريكية القولونية Escherichia coli أو E. Coli والخميرة، ثم قاموا بوضع هذه السلالات في بيئة تتكون بنسبة 100% من الهيدروجين. و خلافا لما كان متوقعا، بقي الميكروب على قيد الحياة مثبتا بذلك قدرته على العيش في مثل هذه البيئة المعادية (على خلاف الأرض التي يؤلف الهيدروجين أقل من جزء واحد في المليون من تركيبة غلافها الجوي المتكون أساسا من النيتروجين)

وأفادت سيغر في رسالة إلكترونية أرسلتها إلى موقع Space.com “أهدف إلى جعل علماء الفلك يوسعون نطاق أبحاثهم حول نوعية الكواكب التي قد تكون صالحة للسكن. إذا فكر علماء الأحياء في البيئات الغنية بالهيدروجين، فإنهم سيذهبون إلى الإعتقاد بإمكانية وجود حياة فيها لأن الهيدروجين ليس معروفا بأنه سام للحياة. ولكنها أشارت قائلة ”إن علماء الفلك لا يدركون أنه من الممكن للحياة أن تزدهر في بيئة غنية بالهيدروجين، لذلك تتمثل مهمتنا في توفير دليل تجريبي واضح و موجز يؤكد هذه الفرضية.”

وتضيف سيغر ” لذلك على الباحثين التفكير في دراسة الكواكب التي تقع خارج نظامنا الشمسي التي لم يفكروا في دراستها عند بحثهم عن العوالم الدخيلة التي قد تحتوي على الحياة. إضافة إلى ذلك، ونظرا إلى أن الأغلفة الجوية الغنية بالهيدروجين الثقيل تكون في العادة أكثر سمكا وتمتد خارج مساحة كواكبها، فإنه سيكون من السهل رصدها بالإعتماد على بعض وسائل الرصد.”

دراسة الميكروبات


أفادت سيغر أن الميكروب الذي قامت هي و فريقها بدراسته في المختبر نمى بنسق أبطأ في البيئة التي تتكون بنسبة 100% من الهيدروجين من النسق الذي يتخذه في بيئة ”عادية” أرضية. وتضيف ”يكون النسق أبطأ ببضع مرات بالنسبة للاشريكية القولونية و مئات المرات أكثر بطأ بالنسبة للخميرة.” ولكنها واصلت قائلة ” هذا ليس بالأمر غير المتوقع، لأن الميكروبات تستمد غذاءها من التخمير في غياب الأكسجين، وذلك لا ينتج الكثير من الطاقة.”

قالت سيغر” بينما تثبت هذه الدراسة أنه بإمكان الحياة الإزدهار في بيئة تتألف بصفة كلية من الهيدروجين، فإن العلماء لا يتوقعون العثور على كواكب خارجية يمثل الهيدروجين 100% من غلافها الجوي، ولكنهم مازالوا يتوقعون وجود بعض الكواكب الدخيلة على نظامنا الشمسي التي تتميز ببيئة يهيمن عليها الهيدروجين.

النظر إلى النجوم


لهذه النتائج أهمية كبرى في البحث عن الحياة، فعلماء الفلك يتوقعون أن هناك كواكبا خارجية صخرية كبيرة ذات أغلفة جوية رقيقة غنية بالهيدروجين، رغم أنهم لم يتمكنوا من إيجادها بعد.
قالت سيغر” لم نعثر بعد على كواكب من هذا النوع، تقول النظرية أنها موجودة…ولكن كواكب المشتري، زحل، أورانوس، ونبتون، الكواكب الدخيلة العملاقة و نبتون الصغير، تتكون جميعها من بيئة يهيمن عليها الهيدروجين الجزيئي و الهيليوم، ومع ذلك لا أحد يعتقد أنه توجد حياة داخلها.”

سيكون باستطاعة الباحثين عن طريق المضي قدما وإدراكهم أن الحياة بإمكانها الإزدهار في بيئة تتكون من الهيدروجين أن يوسعوا نطاق دراساتهم لتشمل تلك الكواكب الدخيلة البعيدة وبيئاتها. سيتسع اهتمام الباحثين ليشمل مثل هذه الكواكب التي يمكن أن يكونوا قد تجاهلوها في السابق، مع الإبقاء على تقنيات الرصد المعتمدة حاليا. إضافة إلى ذلك، سيكون بإمكانهم الحصول على نتائج أكثر دقة عندما يتم إطلاق تليسكوب جيمس ويب الفضائي التابع لوكالة ناسا James Webb Space Telescope (من المبرمج أن يكون ذلك في آذار/مارس 2020).

نشرت هذه الدراسة في صحيفة Nature Astronomy بتاريخ 4 أيار/مايو 2020.


nasainarabic.net