وتساءلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، حول سبب تعثر الجيش الروسي في السيطرة على العاصمة الأوكرانية كييف، رغم تفوقه الواضح من حيث العتاد والمقاتلين.
وذكر المصدر أن السيطرة على كييف كانت هدفا مهما بالنسبة لروسيا، فسعت طيلة أسابيع لأن تحكم القبضة على المدينة الاستراتيجية.
وتكتسي كييف أهمية بالغة، نظرا لكونها مقر الحكومة، فيما كانت موسكو تسعى إلى تغيير ما تقول إنها “نخبة حاكمة نازية وفاسدة” في أوكرانيا.
وحاول الجيش الروسي أن يتقدم صوب كييف من ضفتي نهر دنبير، لكن المحاولات لم تتكلل بالنجاح، فيما تقول أوكرانيا إنها أبدت مقاومة شديدة في الدفاع عن العاصمة.
عقبات أمام الروس
ومن بين العراقيل التي اعترضت الروس؛ مساحة كييف، فهي مدينة مترامية الأطراف، حتى أنها أكبر من مدينة نيويورك الأميركية، وتعادل خمسة أمثال مدينة ماريوبول.
وكتبت صحيفة “نيويورك تايمز”، أن الروس لم يتوقعوا أيضا أن يستميت الأوكرانيون على نحو كبير في الدفاع عن الأرض، لكن “الانهيار السريع” لم يحصل.
ومن العوامل المؤثرة أيضا، أن الجيش الروس له خبرة في القتال بأماكن مفتوحة، ولم يكن مستعدا لخوض معارك وسط المدن.
وتقول الصحيفة إنه حتى لو كان الجيش مدربا على نحو جيد، فإنه ليس من السهل أن يخوض المعارك في كل أرجاء كييف حتى يستطيع تأمين المدينة، ولذلك، فإن “الجيش الروسي لم ينجح حتى في تطويق العاصمة”.
“خطأ مبكر”
وتضيف “نيويورك تايمز”، أن الأمور سارت على نحو خاطئ منذ اليوم، أي في الرابع والعشرين من فبراير الماضي، عندما بدأت العمليات العسكرية الروسية.
وأوردت أن هذا الخطأ وقع عندما هاجمت مروحيات روسية مطار “هوستوميل” في أوكرانيا، فجوبهت بمقاومة شرسة، وهو الأمر الذي أعاق تجهيز قوات محمولة جوا حتى تقتحم العاصمة كييف.
وبعد ذلك، أرسل الجيش الروسي قوات محدودة صوب كييف، في مسعى لسيطرة سريعة على المدينة، لكن هذا المسعى لم ينجح، لأن الاستيلاء على مدينة كبرى، أمر صعب ومعقد، كما تشوبه “إسالة دماء” غزيرة”، ويستغرق وقتا طويلا.
وتقدمت دبابات وعربات مدرعة روسية بالفعل إلى شارع يأخذ لمركز العاصمة كييف، لكن هذه الخطوة لم تنجح.
ويقول الخبراء العسكريون إن الجيوش تستفيد من الدبابات والعربات المدرعات عندما تكون مسنودة بقوات جوية أو بالمشاة، لكن الأمر مختلف تماما في حالة الرتل العسكري الروسي الذي كان معتمدا على نفسه فقط.
وهوجمت الكثير من الدبابات والعربات العسكرية الروسية، من أماكن عليا، ثم اضطر الجيش الروسي إلى التراجع، وفق صحيفة “نيويورك تايمز”.
“خدعة الانهيار السريع”
ويقول المحلل والخبير في الشؤون العسكرية بمعهد “رويال يونايتد” للخدمات، ريك راينولد، إن “القيادة الروسية خُدعت بأن أوكرانيا ستنهار بمجرد اندلاع أول إشارة للقتال”، وسرى الاعتقاد بأن الرئيس فولوديمير زيلينسكي سيهرب من البلاد، وهذا الأمر لم يحصل.
ووصف الباحث عدم فهم المجتمع الأوكراني والدولة الأوكرانية بـ”الفشل الكارثي”، فيما كان المقاتلون الروس يفوقون أعداءهم الأوكرانيين من حيث العدد، بواقع عشرة مقابل واحد.
ويرى محللون أن روسيا أخفقت في التنسيق بين القوات الموجودة على الأرض، وبين المخابرات والقوات الجوية والأقسام الهندسية.
وعندما وجد الروس أنفسهم غير قادرين على الوصول إلى قلب كييف، قرروا أن يطوقوها عبر إقامة دائرة ضيقة، حتى يقطعوا الطريق أمام أي إمدادات، لكن هذه الخطة لم تنجح أيضا، بحسب “نيويورك تايمز”.
وحتى لو استطاع الجيش الروسي أن يتقدم إلى شرق كييف، فإن الأمور ما كانت لتسير على النحو الذي أراده، لأن الأوكرانيين بوسعهم أن يقوموا بتفجير الجسور، وعندئذ، ينقطع عنهم الإمداد.