وأعلنت قوات الإطار الاستراتيجي الدائم (CSP)، المشكّلة من الحركة الأزوادية المسلحة الموقعة على اتفاق السلام مع الحكومة، القيام بعمليات تنشيط بمناطق “أضار أن بوكار” و”إن شنان” و”تاملات” ومدينة “منكا” وضواحيها لطرد إرهابيي “داعش” والمتعاونين معهم، لافتة إلى أنّها توسعت حتى وصلت إلى ما بين مدينتي “أنسنغو وغاوا” مرورًا بـ”تلاتايت” و”أضيلمن”.
وفي نفس الوقت، يحشد قادة الإطار الاستراتيجي الدعم المحلي والدولي له ضد “داعش“، فتوجه لحكومة باماكو والنيجر، وتواصل مع المنظمات المحلية والدولية لمساعدة السكان المتضررين، وقد وصل 3 وزراء ماليين إلى مدينة “منكا” لدعم سكانها.
وخلال مارس، تصاعدت وتيرة المواجهات بين “داعش” والحركات الأزوادية، ومنها حركة الدفاع الذاتي “إيمغاد”، وقالت الأخيرة في بيان إنّها تصدّت لهجوم التنظيم، وأنقذت أرواح مئات المدنيين، وخسرت 15 من أفرادها، بينما تراجَع “داعش” ومعه عشرات القتلى في شاحنتين.
كما استهدف “داعش” مناطق قبيلة “تدكصهاك”، وبلغ عدد ضحايا هجمات “داعش” في “تأملت” و”تينسنانن” و”أضرنبوكار” أكثر من 200 شخص غالبيتهم من المدنيين، بخلاف المفقودين، وتم تهجير عدد كبير من السكان.
تهمة الاستنزاف
يرى الإعلامي الأزوادي والعضو المؤسس في “الحركة الوطنية لتحرير أزواد“، “بكاي أغ حمد”، أن قوات الإطار الاستراتيجي الدائم (CSP) قادرة على مواجهة الجماعات الإرهابية، لكن بشرط أن تكون هذه القوّات جبهة واحدة، وليس عدة جبهات متنافرة.
ويعدّ “أغ حمد” أن نشاط “داعش” في مناطق الأزواد يدل على وجود حرب بالوكالة ضد الأزواد، وبما يخدم قوى محلية وإقليمية ودولية، فاستنزاف قوات (CSP) لصالح حكومة باماكو، حسب قوله، وأرجع ذلك إلى أنه “حين ينخرط الأزواديون في الحرب ضد الجماعات العابرة للحدود فسوف تجد مالي الفرصة لمهاجمة مقرات ومعسكرات الحركات الأزوادية، وتستعيد ما تسميه شمالها الذي لا تريد منه سوى الخريطة”.
وفي تقديره، فإنّ استنزاف المجموعات الأزوادية “يصب كذلك في مصلحة فرنسا والنيجر وبوركينافاسو والجزائر والمجتمع الدولي”.
وأعلنت الحركات الأزوادية المشكّلة من قبائل الطوارق ما وصفته بدولة الأزواد المستقلة في شمال مالي عام 2012، ودخلت على إثر هذا في معارك ضارية مع الحكومة التي رفضت الانفصال، وهدأت هذه المعارك بالوصول إلى اتفاق للسلام في 2015.
المثلث الحدودي
ويتفق الباحث في مركز “راند” الأميركي للاستشارات الأمنية، مايكل شوركين، في أن قوات الإطار الاستراتيجي للأزواد قادرة على مواجهة الجماعات الإرهابية لخبرتها في القتال، ومعرفتها بالبيئة الجغرافية، وأيضًا لتمتعها بدعم من السكان المحليين.
إلا أن شوركين نبه إلى أن بعض الحركات الأزوادية قد لا تصنف على أنها أفضل من “داعش”، قائلًا: “قد تكون (CSP) قادرة على مواجهة “داعش”، ربما يمكن. إلا أنّ إصرارها على أنها تسيطر على تلك المنطقة (شمال مالي)، حتى بعدما ألغوا بشكلٍ فعّالٍ مسؤولياتهم السيادية، فإن حكومة باماكو تنظر للجماعات المسلحة العربية/ الطوارق على أنها ليست أفضل من “داعش”؛ ما يهدد بعودة الصراع بين هذه الجماعات والحكومة”.
لكن الباحث لفت كذلك إلى أنّ التصعيد في شمال مالي، لم يعد تداعياته مقتصرة على ما بين هذه الجماعات والحكومة، لكنّه يهدد كذلك النيجر وبوركينافاسو؛ حيث يشهد المثلث الحدودي بين الدول الثلاثة اشتباكات بين الجماعات المحلية المسلحة والجماعات التابعة لـ”داعش” والقاعدة.