توصل علماء إلى تقنية أساسية تجعل الجيل الجديد من مسرعات الجسيمات أمراً ممكناً.
تستخدم مسرعات الجسيمات لسبر أغوار تكوين المادة مثل ما يفعله العلماء بمصادم الهدرونات الكبير، وكذلك لقياس التركيب الكيميائي للعقاقير، بالأضافة إلى علاج السرطان، وحتى في صنع رقائق السليكون الدقيقة.
حتى الأن، الجسيمات المستخدمة في المسرعات هي البروتونات، والإلكترونات، والأيونات في حزم مركزة، إلا أن فريق دولي يدعى (MICE)، والذي يضم باحثين من كلية إمبريال كوليدج في لندن، يحاول إنشاء حزمة ميون.
الميونات هي جسيمات شبيه بالإلكترونات، لكن ذات كتلة أكبر، وهذا يعني أنه يمكن إستخدامها لإنشاء أشعة تزيد طاقتها بمقدار عشرة أضعاف عن مصادم الهدرونات الكبير.
يمكن إستخدام الميونات أيضاً في دراسة التركيب الذري للمواد، وكذلك كمحفز للإنصهار النووي، وللرؤية من خلال المواد بالغة الكثافة التي لا يمكن حتى للأشعة السينية إختراقها.
نجاح خطوة حاسمة
أعلن فريق MICE اليوم عن نجاح خطوة حاسمة في خلق حزمة ميون، وذلك عن طريق جمع الميونات في حيز صغير بما يكفي لزيادة فرصة التصادمات. وقد نُشرت النتائج اليوم في مجلة نيتشر.
أجريت التجربة بواسطة خط حزمة الميونات في منشأة حزم النيوترونات والميونات إيزيسISIS Neutron and Muon Beam facility الموجودة في مجلس العلوم والتكنولوجيا والمرافق Science and Technology Facilities Council وإختصار (STFC) في حرم هارويل في المملكة المتحدة.
قال البروفيسور كين لونج Ken Long من قسم الفيزياء في إمبريال والمتحدث الرسمي بإسم التجربة: “إن الحماس والتفاني والعمل الجاد من التعاون الدولي والدعم المميز من موظفي المختبرات في STFC ومن المعاهد في جميع أنحاء العالم جعل هذا الإنجاز الثوري ممكناً.”
تولد الميونات بواسطة قذف حزمة بروتونات نحو هدف معين. يمكن بعد ذلك يمكن فصل الميونات عن الحطام الناتج عند الهدف، وتوجيهها خلال سلسلة من العدسات المغناطيسية. الميونات المجمعة تُشكل سحابة منتشرة، لذلك عندما يتعلق الأمر بتصادمها، تكون فرص إصابة بعضها البعض وإنتاج ظواهر فيزيائية مثيرة، ضئيلة جداً.
لجعل تلك السحابة أقل إنشاراً، تسخدم عملية تسمى بتبريد الحزمة. تتضمن هذه العملية جعل الميونات تقترب من بعضها وتتحرك في إتجاه واحد. لكن حتى الأن يمكن للعدسات المغناطيسية إما تقريب الميونات، أو جعلها تتحرك في إتجاه واحد، لكن ليس كلامهما.
تبريد الميونات
أختبر فريق MICE طريقة جديدة كلياً لمواجهة هذا التحدي الفريد من نوعه، وذلك بتبريد الميونات عن طريقة وضعها في مواد مصممة خصيصاً لإمتصاص الطاقة، وفي الوقت ذاته رُكزت الحزمة بإحكام بواسطة العدسات المغناطيسية فائقة التوصيل القوية.
بعد تبريد الحزمة إلى سحابة كثيفة يمكن تسريع الميونات بواسطة مُسرع جسيمات عادي في إتجاه دقيق، مما يجعل إحتمال إصطدامها أكبر بكثير. أو بدلاً من ذلك يمكن إبطاء الميونات الباردة لدراسة مكوناتها المُتحللة.
يوضح الدكتور كريس روجرز Chris Rogers، الذي يعمل في منشأة ISIS التابعة STFC والمنسق الفيزيائي للفريق: ” أظهر فريقنا طريقة جديدة تماماً لتركيز شعاع جسيمات إلى حجم أصغر، وهذه التقنية ضرورية لصنع مصادم ميونات ناجح، الذي يمكن أن يتفوق حتى على مُصادم الهدرونات الكبير“.
تم نشر “مبرهنة التبريد بواسطة تجربة التبريد الميوني المؤين” “Demonstration of cooling by the Muon Ionization Cooling Experiment” في مجلة نيتشر.