جاءت الانفجارات بعد أيام من تصريحات قائد عسكري روسي، أكد خلالها أن “السيطرة على جنوب أوكرانيا ستوفر مخرجًا في ترانسنيستريا التي تشهد اضطهادًا للسكّان الناطقين بالروسية”، الأمر الذي أدى إلى استدعاء السفير الروسي لدى مولدوفا للاحتجاج على التصريحات.

ومساء الجمعة، حذّر الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، من أنّ الاجتياح الروسي لبلاده مجرّد بداية، وأن موسكو لديها خطط للاستيلاء على دولٍ أخرى، مضيفًا، في كلمة مصورة: “يتعيّن على جميع الأمم التي تؤمن مثلنا بانتصار الحياة على الموت أن تقاتل معنا. يجب أن تساعدنا، لأننا أول من يقف في الصف، ومن سيأتي بعد ذلك؟”.

إخضاع الجيران

وتعقيبًا على ذلك، قال المحلل السياسي آرثر ليديكبرك إنه لطالما استخدمت روسيا ما يسمى بالنزاعات المجمدة لتوسيع نفوذها خارج الحدود، فعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، دعمت نظامًا مواليًا لها في منطقة ترانسنيستريا الانفصالية في مولدوفا.

ولم يستبعد ليديكبرك، في حديث لـ”سكاي نيوز عربية”، أن يقوم بوتن بتوسيع عمليته العسكرية من منطقة دونباس جنوب شرقي أوكرانيا إلى مولدوفا المجاورة، إلا أنه اعتبر أن ما يحدث قد يكون بمثابة رسائل فقط سواء لمولدوفا أو غيرها من الدول الحدودية مع روسيا والتي لها علاقات جيدة مع الغرب.

وأكد المحلل السياسي على أن تحركات بوتن تلائم نمطًا حديثًا في العمليات العسكرية الروسية، بهدف إخضاع الجيران وإحباط تطلعاتهم نحو الغرب، ومن ثم وقف أي توسع إضافي لحلف شمال الأطلسي.

وأشار إلى أن وجود السكان من أصل روسي قدم لروسيا ذريعة للتدخل بصفة الحماية، فهو كان نفس المنطق خلال خطابه الذي أعلن فيه الحرب على أوكرانيا، حيث أكد على أن المواطنين الأوكرانيين الناطقين بالروسية يتعرضون للإبادة.

واعتبر أن سقوط ماريوبول قد يسهم بشكل كبير في إنشاء الممر البري الذي كان هدفًا استراتيجيًّا لبوتن من دونباس وصولًا إلى مولدوفا.

منطقة شبه مستقلة

وتقع مولدوفا بين رومانيا وأوكرانيا، وهي دولة صغيرة حيث يقل عدد سكانها عن ثلاثة ملايين نسمة، أعلنت استقلالها عام 1991 عقب انهيار الاتحاد السوفييتي، وبالتزامن مع ذلك، أعلنت ترانسنيستريا استقلالها عن مولدوفا من جانب واحد.

عقب ذلك، اندلعت اشتباكات بين مولدوفا وترانسنيستريا، حيث انتهت بهدنة أبرمت عام 1992، بينما تتواصل منذ العام 1993 محادثات لحل أزمة المنطقة تحت مظلة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

ومنطقة ترانسنيستريا غير معترف بها من قبل أي دولة عضو في الأمم المتحدة، إلا أن لديها كيانها السياسي وبرلمانها وجيشها وجهاز شرطتها الخاص بها، في حين تطالب مولدوفا بضم المنطقة إلى أراضيها حيث تعدها جزءًا منها، بينما يطالب الطرف الآخر المدعوم من روسيا الاعتراف بها كدولة.

وترانسنيستريا لها علمها الخاص، المكون من مطرقة ومنجل على الطراز السوفيتي، وهوية منفصلة عن بقية مولدوفا، وتعود جذورها إلى عشرينيات القرن الماضي، عندما أنشأ الاتحاد السوفيتي جمهورية صغيرة في نفس المنطقة، قبل دمج أجزاء منها في جمهورية مولدوفا الاشتراكية السوفيتية خلال الحرب العالمية الثانية.

وتبلغ مساحة الإقليم الانفصالي نحو 4 آلاف كيلومتر مربع، ثلث سكانه من الناطقين بالروسية والثلثان الآخران يتحدثون الأوكرانية والمولدافية، ويبلغ عدد سكانه نصف مليون نسمة.

وحول أسباب اهتمام روسيا بـ”ترانسنيستريا”، قالت “واشنطن بوست” إن فكرة سعي روسيا لإنشاء رابط جغرافي مع ترانسنيستريا كانت في خطاب موسكو منذ التسعينيات على الأقل حيث لطالما سعت روسيا إلى الاحتفاظ بنفوذ في أوروبا الشرقية.

وتواصل موسكو دعم ترانسنيستريا بالغاز الطبيعي مما يبقي الجمهورية الانفصالية واقفة على قدميها، لكن المنطقة نفسها ليس لها قيمة استراتيجية كبيرة بالنسبة إلى موسكو، وفق الصحيفة.

تصاعد الأزمة

مساء الجمعة، نقلت وكالات أنباء رسمية روسية عن نائب قائد قوات المنطقة العسكرية الوسطى في الجيش الروسي روستام مينيكايف، قوله إن السيطرة الكاملة على جنوب أوكرانيا من شأنها أن تتيح لبلاده الوصول إلى ترانسنيستريا، وهو ما أدى إلى استدعاء وزارة الخارجية في مولدوفا السفير الروسي للتعبير عن “القلق البالغ” إزاء تصريحات القائد العسكري التي أكد خلالها أن السكان الناطقين بالروسية في البلاد يتعرضون للقمع.

وكتبت الوزارة على موقعها على الإنترنت: “هذه التصريحات لا أساس لها.. مولدوفا دولة محايدة ويجب احترام هذا المبدأ من قبل جميع الأطراف الدولية بما في ذلك الاتحاد الروسي”.

skynewsarabia.com