لطالمِا أثارتْ جملةُ “تاريخ عائلة البشر السحيق”، فضولَ الكثيرِ من العلماء، والباحثين، والمنقبين عن الآثار… ومنهم نحن القارئون النهِمُونَ للعلم، وفقط العلم.

يعتبر قرد الأرض من أوائل أشباه البشر، إذ ينتمي لعائلة البشرانيات، ويعد أول من خطى على قائمتين، ويُعتقد أنه أولُ سلفٍ انفصل عن شمبانزي الكهوف القديم الذي تنحدر منه سلالة قردة الشمبانزي الحديثة، وقردة البونوبو، وبسبب بنيته التشريحية التي لا تشابه كثيراً بنية قردة الشمبانزي… يُعتبر أولُ سلفٍ لنا والذي جاء بعده جنس القرد الجنوبي أو Australopithecus.

– موطنه الأصلي وتاريخ اكتشافه:

بحسب علم الوراثة تعود أصول كل البشر وأشباه البشر إلى القارة الأفريقية، وهذا ما أكده أيضاً علماءُ الآثارِ، وتحديداً لدى تنقيبهم في ثلاثةِ أماكنٍ كانت غنيةً برُفاتِ أشباه البشر وهي:
١- إثيوبيا… التي وُجدت فيها آثار قرد الأرض الذي كان عبارة عن جنسين هما: Ar. ramidus راميدوس وهو أكثر من وُجدت رفاته، وAr. kadabba كادابا.
٢- كينيا والتي وجدت فيها آثار قرد اورورين توجيني Orrorin tugenensis.
٣- ومنطقة ساحل التشاد التي وُجدت فيها آثار جنس إنسان ساحل التشاد Sahelanthropus tchadensis.

اكتشف العلماء عام 1981 في أثيوبيا آثاراً مشوهةً جداً لا يمكن دراستها ومعرفة تاريخها وأصلها، ونسبوها إلى جنس دعوه “بالقرد الغريب”، حتى عام 1992، وفي شهر كانون الأول/ديسمبر جاء أول من اكتشف آثار قرد الأرض بالتنقيب، باحث الآثار القديمة الياباني جين شوا Gen Suwa، الذي عثر على رحى ثالثة علوية أو ما يدعى عامياً (ضرس العقل)، ولاحقاً بضعة أسنان تعود لأنثى من جنس قرد الأرض ثم فك طفل صغير وتوالت الاكتشافات بعد ذلك، وكان ذلك تحديداً في منطقة أراميس Aramis في أثيوبيا.

قدَّر العلماءُ عمرَ هذه الآثارِ بين 5.8 و4.4 مليونَ سنةٍ، وكان يُدعَى هذا العصر بالعصر الميوسيني Miocene Epoch.

– علم التشريح:

كانت الأسنان أكثر الآثار التي عُثر عليها، إذ لُوحظ أن ضواحكَه وأنيابَه كانت صغيرةٌ، وغيرُ حادةٍ، وسماكة طبقة الميناء في أضراسه كانت متوسطة وقواطعه وجمجمته تشبه تلك الموجودة لدى جنس إنسان ساحل التشاد، والذي يُعتبر أيضاً من أوائل أشباه البشر القدماء.

كانت عظام وجهه قصيرة، وسعة جمجمته تشبه سعة جمجمة قردة الشمبانزي، وبسبب صغر الحجم هذا كان فكه لا يدعم المضغ القوي.

عظام حوضه السفلي كانت تشبه عظام أشباه قردة العالم القديم؛ أي عريضة وبارزة تدعم استناد عضلات الأطراف السفلية عليها مما ساعده على تسلق الأشجار.

امتلك قرد الأرض أصابع طويلة، ورسغاً مرناً مميزاً يمكن ثنيه للأعلى، وعظام مشط يد قصيرة لا تدعم المشي عليها أي أنه كان يمشى على ساقين بالرغم من احتفاظ قدميه بالأُصبَع الكبير المعترض الموجود أيضاً لدى أشباه البشر القدماء مثل القرد الجنوبي والذي يساعد على التسلق.

ختاماً، ساهم اكتشاف هذه الآثار في سد الفجوة التي كانت تحير العلماء عن سلف القرد الجنوبي أو الأسترالوبيثكس والذي اعتبر ولفترة طويلة من الزمن السلف الأول، ويمكن رؤية آثاره في متاحف علوم الإنسان.

– ويبقى السؤال… هل تشعر مثلنا بالفضول حول ذلك؟

nasainarabic.net