وشارك “هوكستين” في اجتماع عقده رئيس الجمهورية اللبناني ميشال عون، مع رئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي في القصر الرئاسي؛ لبحث الموقف اللبناني الموحد من مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع تل أبيب.
وفي يونيو الماضي، زادت حدة التوتر المحفوف بالمخاطر على جانبي الحدود، بعد وصول الباخرة اليونانية “إنرجان باور”، إلى حقل كاريش الواقع عند الخط 29، المدرج في أجندة التفاوض غير المباشر بين لبنان وإسرائيل.
وكان الجانب الإسرائيلي قد أعلن أن الباخرة اليونانية المخصصة للحفر والاستخراج تمركزت على مسافة كيلومترات جنوب حقل كاريش، وأن أعمالها ستنحصر بما وراء الخط 29 الذي يفاوض عليه لبنان، مما فُسر بأنه التزام بضوابط التفاوض، وكذلك بضوابط القانون الدولي التي تعتبر الخط 23 هو الحدود القصوى لحقوق لبنان، استنادا إلى وثيقة لبنانية رسمية معتمدة في الأمم المتحدة.
وقالت المتحدثة الإقليمية باسم وزارة الخارجية الأميركية، جيرالدين غريفيث، لـ”سكاي نيوز عربية”، إنَّ الخارجية الأميركية أصدرت بيانًا بشأن زيارة “هوكستين” إلى لبنان بشأن ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل.
وأوضحت الخارجية الأميركية، أن آموس هوكستين وهو المنسق الرئاسي الخاص للشراكة من أجل البنية التحتية والاستثمار العالمية، غادر إلى بيروت لمناقشة الحلول المستدامة لأزمة الطاقة في لبنان، بما في ذلك التزام إدارة بايدن بتسهيل المفاوضات بين لبنان وإسرائيل حول الحدود البحرية.
وشددت على أن “التوصل إلى حل لهذه الأزمة أمر ضروري وممكن، ولكن لا يمكن تحقيقه إلا من خلال المفاوضات والدبلوماسية”.
وقال هوكستين في تصريحات للصحفيين، عقب مشاركته في الاجتماع الثلاثي بلبنان: “ما زلت متفائلا بإحراز تقدم مستمر كما فعلنا طيلة الأسابيع الماضية، وأتطلع قدماً للعودة إلى المنطقة والتمكن من المضي في الترتيبات النهائية”.
وكانت الجولات الخمس الأخيرة من المفاوضات غير المباشرة بين الوفدين اللبناني والإسرائيلي، قد تمت بموجب المرسوم 6433 للعام 2011، الذي حدد الحقوق اللبنانية في المناطق البحرية المتنازع عليها بمساحة تبلغ 860 كيلومترا مربعا، وفقًا للخرائط التي سلمها لبنان حينها للأمم المتحدة في نيويورك.
لكن الوفد العسكري اللبناني طالب لاحقا بإضافة 1430 كيلومترا مربعا إلى المساحة المذكورة بسبب “عدم دقة الخرائط القديمة”، على حد قوله، مما أدى إلى توقّف المفاوضات في مايو 2021.
عرض جديد
وقال مسؤول إسرائيلي لوكالة “فرانس برس”، إن الوسيط الأميركي يحمل عرضاً إسرائيلياً يعتبر “تنازلاً بالنسبة للطرفين”، ويتيح للبنان تطوير “حقل قانا” في المنطقة المتنازع عليها مع الحفاظ على مصالح إسرائيل الاقتصادية.
وقبيل الاجتماع مع المبعوث الأمريكي، قال “عون” إن “هدف المفاوضات الحفاظ على حقوق لبنان والوصول من خلال التعاون مع الوسيط الأميركي الى خواتيم تصون حقوقنا وثرواتنا وتحقق فور انتهاء المفاوضات فرصة لاعادة انتعاش الوضع الاقتصادي في البلاد”.
من جانبها، قالت الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن المبعوث الأميركي يأمل في تحقيق انفراجة في مسار أزمة ترسيم الحدود بين بيروت وتل أبيب، ولذا التقى خلال تواجده في لبنان مع وزير الطاقة وليد فياض، ثم مع الرئيس ميشال عون ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي؛ لمناقشة المنطقة البحرية المعنية والتي تبلغ مساحتها حوالي 860 كم في البحر الأبيض المتوسط، ويُعتقد أنها تحتوي على احتياطيات هائلة من الغاز الطبيعي.
وأشارت “توسكرمان” إلى أنه “من غير الواضح مدى إمكانية إدراج حزب الله اللبناني في المفاوضات الجارية، وما إذا سيوافق على أي اتفاق محتمل بين الجانبين، أم يسعى إلى تخريبه”.
وبالتزامن مع زيارة “هوكستين”، نشر حزب الله، مقطع فيديو قائلا إنه يرصد فيه منصة استخراج الغاز قبالة السواحل الإسرائيلية وسفن أخرى مرتبطة بقطاع النفط والغاز في تاريخين مختلفين.
وسبق أن أرسل حزب الله مسيرات غير مسلحة باتجاه حقل كاريش واعترضها الجيش الإسرائيلي، في يوليو الماضي.
وأوضحت الخبيرة الأميركية في الشؤون الاستراتيجية أن “إسرائيل تحتفظ بالسيادة على حقل غاز كاريش وتسعى إلى تطويره في الوقت الذي تحاول فيه وضع نفسها كمورد للغاز الطبيعي إلى أوروبا، حيث ترى أن هذه الخطوة ليس لها عواقب اقتصادية كبيرة فحسب، بل أهمية استراتيجية أيضًا”.
وقالت: “لكن الإشارات المختلطة سواءً التفاؤل من جانب المسؤولين اللبنانيين من جهة، وتهديدات حزب الله من جهة أخرى، تجعل من الصعب التنبؤ باتجاه المفاوضات أو ما إذا كانت هذه استراتيجية منسقة لدفع إسرائيل إلى تنازلات أكبر”.
وهذا ما ذهب إليه وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب الذي قال إن هناك تقدمًا هائلًا في المفاوضات، مضيفًا: “الموقف اللبناني موحد وقد لاحظ الموفد الأميركي ذلك”.