ويشدد الخبراء على أنه لا بديل عن تعاون كبير بين دول العالم الغنية والنامية معا لأن تأثير تغير المناخ وما يصحبه من ظواهر بيئية ضارة أبرزها الاحتباس الحراري سيصل تأثيرها الضار لمختلف دول العالم مع تباين درجة الضرر وسبل التعامل معه.
وحذر عماد الدين عدلي، الخبير في الشؤون البيئية، ورئيس المنتدى المصري للتنمية المستدامة، في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية” من انعكاسات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغيره من المخلفات التي تؤدي إلى تغير المناخ وآثار شديدة الضرر.
ويربط “عدلي” بشكل مباشر بين التقدم العلمي بوجه عام وبين مدى تأثر كل دولة بالتغيرات المناخية التي وجد العالم نفسه محاطاً بها بسبب عدم تعاونه من قبل في مواجهة تلك التحديات.
ويؤكد الخبير البيئي أن دول العالم الغنية لا تزال إلى الآن أقل تضرراً مما أصاب العالم من التغيرات المناخية كالسيول والجفاف والحرائق وارتفاع درجات الحرارة أو حتى ذوبان الجليد، لأن هذه الدول أعدت العدة مسبقا لمجابهة هذه الاضرار من بنية تحتية قوية وطرق علمية لإجلاء النازحين المتضررين من حدوث أي تغير مفاجئ.
على النقيض، فإن الأرقام بالنسبة لدول العالم الثالث مخيفة، ذلك بأن التقديرات الأممية المنشورة حتى عام 2021 تأثر ما لا يقل عن 30 مليونا على مستوى العالم جراء التغيرات المناخية معظمهم في دول إفريقيا أو شرق آسيا، جراء السيول والفيضانات والجفاف.
الأرقام تشير، والحديث لا يزال على لسان الخبير المصري، إلى أن دول غرب إفريقيا مثل نيجيريا والسنغال وغيرها، فقط مهددة إلى حدوث نزوح داخلي فيها لنحو 32 مليون نسمة بحلول عام 2052 إذا لم يتم التعامل مع مشكلات التغيرات المناخية بشكل مباشر وسريع من الآن فصاعداً.
الأمر نفسه، حسب الخبير البيئي، يتكرر مع دول جنوب الصحراء التي تقول تقارير البنك الدولي إن نحو 86 مليون نسمة سيكونون عرضه للنزوح بحلول عام 2050 إذا لم يتم التكافل الدولي لحمايتهم.
قضية القرن
ويعتبر الخبير المصري أن التحدي الدولي الكبير والذي يسميه قضية القرن، هو تجانس وتقارب دول العالم لمنع الأسباب التي تؤدي إلى زيادة الانبعاثات التي تخرج غازات وتؤدي إلى الاحتباس الحراري، مثل ثاني أكسيد الكربون وغيره.
ويضيف أن استمرار ظهور تلك الانبعاثات سيؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية ومؤدى ذلك أن العالم سيصاب بدرجات حر شديدة وهطول أمطار في أوقات غير متوقعة، كما أن نسبا كبيرة من جليد القطب الشمالي ستذوب وترتفع مستوى المياه في المحيطات والبحار وسيكون مؤدى ذلك إلى غرق مدن وبلدان وخسائر فادحة في الممتلكات والأرواح في شتى دول العالم.
ومن جهته، يرى محمود النادي الباحث في العلوم البيئة والتغيرات المناخية بجامعة بون الألمانية، أن التأثيرات الاقتصادية المباشرة للتغيرات المناخية أدت بشكل مباشر على نظام الزراعة في العالم وبالتالي انعكس الأمر على تداول المنتجات وجودة ونوعية المواد الزراعية بشكل عام.
ويري النادي أنه من المؤسف أن الدول التي تتنبه وتتحرك بالفعل لمواجهة التغيرات المناخية هي الدول الغنية والأقل تضرراً عن غيرها، حسب الإحصائية الصادرة عن الجهة المختصة لبحث مؤشر أداء تغير المناخ في العالم، حيث أظهرت أن دول أوروبا و60 دولة أخري مسؤولة عن 75% من الانبعاثات تصدرها الدنمارك والسويد في القائمة كأكثر الدول التي تبذل جهودا في مجال مكافحة التغيرات المناخية.
وأبدى الباحث في علوم البيئة تعجبه من عدم تضمن هذه القائمة أي دولة من إفريقيا رغم أنها القارة الأكثر تعرضاً للمشكلات المناخية في العالم، فيما تعتبر دول كمصر من الدول التي تسبق دول أوروبية كبيرة في مؤشر مواجهة التغيرات المناخية حيث تحتل المرتبة 21 مقارنة بدول كبرى كروسيا وبلجيكا اللتين تحتلان مراكز متدنية في ترتيب المواجهة.