- باتريك هيوز
- شؤون العلم والمناخ، بي بي سي نيوز
قبل 57 دقيقة
تعرض كوكبنا لفناء غالبية مظاهر الحياة عليه خمس مرات في تاريخه نتيجة لبعض الظروف العصيبة.
والآن، يقول العلماء إن الأرض تواجه الكثير من المشكلات التي تهدد الحياة عليها، بل ويذهب بعضهم إلى حد القول بأننا ربما نقف بالفعل على أعتاب انقراض جماعي للمرة السادسة.
لا يختلف أي من العلماء الجديرين بالثقة على أننا في أزمة، فيما يتعلق بالسرعة التي تتعرض بها الطبيعة للتدمير.
لكن هل يمكن أن نكون بالفعل في طريقنا إلى فقدان غالبية مظاهر الحياة على كوكب الأرض؟
التغير المناخي الذي يتسبب فيه البشر، والتغيرات التي طرأت على استخدام الأرض، والتلوث، كلها أدت إلى تغيير طبيعة الكوكب بسرعة هائلة، وزادت من صعوبة تكيف الكائنات وبقائها على قيد الحياة.
وفي قمة “كوب-15” المنعقدة حاليا في كندا، والتي وصفت بأنها “الفرصة الأخيرة” للطبيعة، يسعى العلماء والقادة جاهدين إلى توضيح نطاق الأزمة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لدى افتتاحه مؤتمر القمة بمونتريال إن مليون نوع من الكائنات أصبح الآن “على حافة الهاوية”.
وأضاف: “في شتى أنحاء العالم، وعلى مدى المئات من السنين، ظللنا نعزف سيمفونية من الفوضى على آلات الدمار “.
ما هو الانقراض الجماعي؟
الانقراض الجماعي هو فترات زمنية في تاريخ الأرض يفقد خلالها الكوكب ثلاثة أرباع أنواع الكائنات الحية التي تعيش عليه بسرعة كبيرة.
ويشير العلماء الذين يدرسون السجلات الأحفورية إلى حدوث خمسة انقراضات جماعية هائلة النطاق خلال الـ 540 مليون عام الماضية.
أحدث تلك الانقراضات هو أيضا أكثرها شهرة – عندما ارتطم كويكب بسطح الأرض وتحطم فوق ما يعرف حاليا بدولة المكسيك قبل 66 مليون سنة، ما أدى إلى إشعال النيران في النصف الغربي من الكرة الأرضية وفناء الديناصورات غير الطائرة.
من بين الأمثلة الأخرى “الفناء العظيم” الذي شهده كوكب الأرض قبل 250 مليون عام، عندما انقرض 90 في المئة من أنواع الكائنات التي كانت موجودة في ذلك الحين.
الأسباب التي أدت إلى كافة فترات الانقراض الجماعي ليست معروفة على وجه الدقة، ولكنها تضمنت تغيرات سريعة ودراماتيكية طرأت على المناخ والمحيطات واليابسة.
هل يتسبب البشر في انقراض جماعي سادس؟
يقول الخبراء إننا نفقد أنواعا من الكائنات بسرعة أكبر من السرعة التي تنشأ بها تلك الأنواع وتتطور، ويرى البعض أن ذلك قد يضعنا على طريق حدوث انقراض جماعي جديد – والذي سوف يشمل الجنس البشري.
يقول الدكتور جيراردو سيبالوس الخبير في مجال علم البيئة بجامعة يو إن إيه إم بمكسيكو سيتي: “إننا نغير مسار النشوء والارتقاء … حتى لو لم نكن بصدد انقراض جماعي، ما نفعله الآن هو تعريض النظام الذي جعل بقاءنا أمرا ممكنا للخطر”.
من الصعب قياس معدلات الانقراض لأنه، حتى في عصرنا هذا، لا زلنا لا نعرف الكثير عن غالبية الأنواع – أو مدى التهديد الذي قد تتعرض له.
السجلات المحدودة المتاحة تظهر أننا فقدنا أقل من واحد في المئة من الأنواع خلال الأعوام الـ 500 المنصرمة، لكن العديد من العلماء يرون أن النسبة الحقيقية قد تكون أعلى بكثير، لأن غالبية الأنواع التي نحن على دراية بها لم يتم وصفها حتى منتصف القرن التاسع عشر.
في عام 2015، عكف علماء على دراسة المجموعات المحفوظة بالمتاحف والسجلات وتدوينات الخبراء للأنواع المعروفة للحلزون البري والتي يبلغ عددها 200 نوع. اكتشف العلماء أن الكثير من تلك الأنواع لم يُرصد في البرية منذ تصنيفه للمرة الأولى، وأن عشرها على الأرجح قد تعرض للفناء بالفعل.
وإذا ما اعتبر ذلك مثالا على اتجاهات أوسع نطاقا، يقدر العلماء أنه قد يعني أننا فقدنا بالفعل ما بين 7.5 إلى 13 في المئة من كافة أنواع الكائنات المعروفة.
يقول دكتور ألكسندر ليز، عالم الطيور بجامعة مانشستر متروبوليتان، والذي لم يشارك في الدراسة المشار إليها، إن “هناك إشارة إلى فقدان عدد كبير للغاية [من الأنواع] لا تعكسه البيانات الحالية”.
وعلى الرغم من أننا لا نعلم بالضبط عدد الأنواع التي تعرضت للفناء في الأعوام الأخيرة، فإن أعداد الحيوانات البرية آخذة في التناقص بمعدل سريع.
يقدر أن عدد الحيوانات البرية حول أنحاء العالم تقلص بنسبة 69 في المئة في المتوسط خلال الخمسين عاما الماضية فقط.
يقول البروفيسور أنثوني بارنوسكي أستاذ علم الأحياء بجامعة كاليفورنيا ببركلي: “لن يستغرق الأمر الكثير من الفترات التي يبلغ كل منها 50 عاما حتى نصل إلى مرحلة تتعرض فيها تلك الأنواع للانقراض”.
يقدر العلماء السرعة التي نفقد بها أنواع الكائنات الحية من خلال فحص السجلات الأحفورية واستخدامها لحساب معدل متوسط لعملية الانقراض خلال الفترات التي لا يحدث فيها انقراض جماعي.
ثم يقارنون ذلك المعدل بمعدلات الانقراض الحديثة التي يتم جمعها من السجلات ليروا كيف يتماثل الاثنان أو يختلفان.
وبأخذ المتوسط التقريبي لتلك التقديرات التي توصلت إليها الدراسات، نستطيع أن نرى أن معدلات الانقراض أعلى بكثير في الوقت الحالي – بنسبة 100 إلى 1000 ضعف، كما يقول الدكتور روبرت كاوي العالم البيئي بجامعة هاواي في مانوا.
بعض العلماء لديهم شكوك بشأن دقة تلك النتائج، لكن غالبية الخبراء يتفقون على أن معدلات الانقراض اليوم أعلى مما كانت عليه في معظم الحقب الماضية.
وما إذا كان ذلك يعني أننا نمر بمرحلة انقراض جماعي أم لا هو محل الكثير من الجدل والنقاشات.
يقول الدكتور سيبالوس العالم البيئي بجامعة يو إن إيه إم إنه يعتقد أننا سنكون قد دخلنا بالفعل في مرحلة انقراض جماعي بشكل كامل بحلول عام 2150، وأننا قد نفقد 70 في المئة من كافة النباتات والحيوانات خلال القرنين المقبلين.
ولكنّ علماء آخرين أكثر تحفظا، إذ يقولون إننا لا نعرف بالضبط كم من الوقت سيستغرق انقراض الأنواع.
يقول الدكتور ليز: “لم ننته من مرحلة انقراض جماعي، ولكن السؤال هو – هل من الممكن أن نكون بالفعل في مرحلة انقراض؟… ليس باستطاعتنا معرفة ذلك. قد يستغرق الأمر آلاف السنين قبل أن يكتمل تسلسل الانقراض”.
تقول البروفيسورة بينتشيللي هَل، عالمة الحفريات بجامعة يايل، إن البشر ليسوا بحاجة إلى حدوث انقراض جماعي لكي يشعروا بلدغة الأثر السلبي الذي تركناه في الطبيعة، لذا لا ينبغي أن نستخدم ذلك كمعيار للحاجة إلى التحرك.
وتضيف: “لقد أدت اضطرابات مناخية أصغر بكثير إلى محو مجتمعات بأكملها من الوجود… على سبيل المثال، جفاف حاد يستمر 20 عاما بإمكانه أن يؤدي إلى انهيار حضارة عن بكرة أبيها – هذا هو النطاق الذي يهمنا”.
ما الذي يمكن أن نفعله؟
بينما يحاول القادة المشاركون في قمة كوب-15 تحديد أهداف لحماية الطبيعة خلال العقد المقبل، يأمل خبراء البيئة في أن تتعهد القمة الدولية بحماية 30 في المئة من المساحة الكلية لليابسة والبحار والمحيطات بحلول عام 2030.
يقول خبراء إنه لا يزال هناك أمل في أن نتمكن من مساعدة الحياة البرية على التعافي وإنقاذ الكثير من الأنواع من الانقراض إذا ما أبقينا الاحتباس الحراري عند مستوى 1.5 درجة مئوية على مستوى العالم، وقمنا بحماية الموائل الطبيعية الحيوية.
يقول البروفيسور ديفيد جافلونسكي، عالم الحفريات بجامعة شيكاغو، إن الموائل الطبيعية التي بإمكانها أن تأوي شبكات إيكولوجية (بيئية)، وليس فقط أنواعا فردية من الكائنات، تبدو هي الطريقة المثلى لمساعدة الطبيعة على التعافي.
ويقول البروفيسور ستيوارت بيم المتخصص في علم الأحياء بجامعة ديوك: “هناك أنواع كانت ستتعرض للفناء لو لم نعكف على حمايتها”.
“نعرف بالفعل أن إجراءات الحفاظ على الطبيعة نجحت في إبطاء معدل الانقراض. بعبارة أخرى، نحن نحدث أثرا”.