وعلى مدار ما يقرب من عقد، لعب بريغوجين أدوار مهمة وحساسة جدا للكرملين في الخفاء، من بينها إنشاء إمبراطورية إلكترونية تروج لأجندات معينة على الإنترنت، وقاد مجموعة “فاغنر” العسكرية الخاصة التي قاتلت في أوكرانيا وإفريقيا وأميركا الجنوبية.
ومع تصاعد حدة الخلاف مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو وقادة الجيش الروسي، خاصة خلال قيادته لمعركة باخموت في أوكرانيا، تزايد التركيز عليه في وسائل الإعلام الروسية والعالمية، في ظل تنامي المخاوف من أن يتجه لـ”تصفية الحسابات” في موسكو، وتحديدا في حي روبليوفكا الثري.
لكن بعد الاتفاق الذي أبرم بين السلطة الروسية وبريغوجين بوساطة رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، الذي بموجبه تم السماح لقائد “فاغنر” بالتوجه إلى بيلاروسيا مقابل إنهاء التمرد، فإن الرجل أصبح وكأنه “شبح”، إذ من غير المعروف مكانه بالتحديد، ولم تعد وسائل الإعلام الروسية تتطرق له البتة.
حرب إعلامية
والجمعة، حجبت روسيا مواقع وسائل إعلام إلكترونية هي “Ria Fan”، و”Politics Today”، و”Economy Today”، و”Neva News”، و”People’s News”، وهي جزء من مجموعة من المواقع على الإنترنت التي نشرت أخبارا مزيفة دعما لأجندة بريغوجين، وفقما ذكرت صحيفة “غارديان” البريطانية.
وذكر موقع Rotunda ومقره سان بطرسبرغ، أنه تم أيضا إغلاق وكالة أبحاث الإنترنت يملكها بريغوجين (Internet Research Agency)، التي “يبث العاملون فيها الغضب وعدم الثقة، من خلال كتابة تعليقات عدوانية على منشورات وسائل الإعلام الخبرية ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي”، وفق الصحيفة البريطانية.
وكان بريغوجين قد نفى لسنوات أنه كان مؤسس الوكالة حتى وقت سابق من هذا العام، عندما قال: “لم أكن ممولا لوكالة أبحاث الإنترنت. لقد اخترعتها وصنعتها وتمكنت من إدارتها لفترة طويلة”.
وأضاف: “تم تأسيسها لحماية فضاء المعلومات الروسي من الدعاية العدوانية الفاضحة للرواية الغربية المعادية لموسكو”.
وقال محرر سابق في وكالة أنباء روسية حكومية، نقلا عن اتصالات مع زملائه: “حتى وقعت الحرب وأحداث باخموت، كان من النادر أن نكتب عن بريغوجين. كان يُنظر إليه على أنه شخصية غير واضحة، فهو ليس مناهضا للحكومة لكن من الأفضل عدم المساس به. الآن يبدو الأمر كما لو أنه لم يكن موجودا”.
وقالت “غارديان” إن “المحررين الروس يقولون (حسنا، لقد تطرقنا للتمرد، لكننا الآن سنعود إلى الوضع الطبيعي، ولن تتم مناقشة بريغوجين أبدا، وبالتأكيد ليس على شاشة التلفزيون)”.
ومن المفترض أن يكون بريغوجين في بيلاروسيا، رغم أنه لم يتم تصويره هناك مؤخرا، إلا أن كثيرين طرحوا السؤال التالي: “إلى متى يمكنه البقاء على قيد الحياة؟”.
وتعليقا على هذه الزاوية، قال محرر أخبار سابق في وسيلة إعلامية روسية رسمية عندما سئل عما إذا كانوا قد أعدوا نعيا لبريغوجين: “لقد فكرت عدة مرات فيما سأكتبه إذا مات. لا أستطيع أن أتخيل أنه سيبقى على قيد الحياة لفترة طويلة”.