وتهدد التطورات الجديدة بتفجير الوضع في مالي، وامتداده إلى النيجر المجاورة، في منطقة الساحل الواسعة التي أصبحت مسرحا لعدة أطراف وحركات مسلحة، أضيفت إليهم مليشيات فاغنر الروسية، التي استدعتها مالي لمساندتها في السيطرة على إقليم أزواد.
وتتعلق المخاوف الحالية، بقرار الجيش المالي المدعوم من فاغنر بالتقدم نحو مناطق أزواد شمال البلاد، حيث الحركات الأزوادية المسلحة، وحيث تنشط أكبر جماعات متطرفة في العالم، على رأسها تنظيم “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” التابع للقاعدة الذي يسعى لإعلان دولة في المنطقة، إضافة إلى التنظيم الإرهابي الأكثر دموية “الدولة الإسلامية في الساحل” التابع لداعش.
تسلسل الأحداث
- مالي كانت قد طلبت أولا مغادرة القوات الفرنسية في 2021، ثم قوات الأمم المتحدة في يونيو الماضي، بعد تعاقدها مع قوات فاغنر الروسية.
- كان التواجد الفرنسي، وكذا تواجد قوات الأمم المتحدة من ضمن إطار وجهود السلام بين مالي والحركات السياسية الأزوادية عبر اتفاق الجزائر 2015 الذي ينص على مسار سلام بين الطرفين.
- اتهم الأزواديون مالي بتجاهل اتفاق الجزائر بعد استفتاء على دستور جديد في يوليو الماضي، تجاهل القضية الأزوادية برمتها، فتمت مقاطعته من قبل الطرف الأزوادي.
- أعلنت الأمم المتحدة جدولا زمنيا لانسحابها من مالي، ينتهي بنهاية العام الجاري، وبدأت في إخلاء قواعدها العسكرية.
بداية المشكلة
- بدأت المشكلة عند أول قاعدة لقوات مينوسما في أزواد بمنطقة تينبكتو لأصحاب القبعات الزرقاء في الأمم المتحدة (ينتمون لقوة من بوركينا فاسو) حليفة مالي، فتقدمت القوات المالية وقوات فاغنر لاحتلالها دون أي اتصال أو تنسيق مع قوات الحركات الأزوادية المتمركزة في بلدة بير.
- دارت أول معركة بين الطرفين، اعتبرت انتهاكا لاتفاق الجزائر وإعلان حرب من مالي وفاغنر، وكانت قبل الموعد المقرر لانسحاب قوات الأمم المتحدة بيومين.
- سلمت قوات مينوسما القاعدة للقوات المالية وفاغنر، ما اعتبره الطرف الآخر تواطؤا ضدهم.
- لا تزال قوات مينوسما في قواعدها بمعقل الأزواديين في الشمال (كيدال وتيسليت وأجلهوك)، ما يعني معارك حتمية إذا ما قررت مالي وفاغنر التقدم واحتلال هذه القواعد في مواعيد مغادرة قوات مينوسما لها.
- الحركات الأزوادية يضمها سياسيا “الإطار الاستراتيجي الدائم” الذي رفع خطابا لمجلس الأمن الدولي عن التطورات الحاصلة، وأخطر الجزائر وبقية شركاء عملية السلام.
مخاوف البلقنة
- إقليم أزواد في الشمال، وأيضا مناطق وسط وجنوب مالي، تعد مسرحا لأكبر تواجد للحركات المتشددة حاليا على مستوى العالم، تحديدا “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” التي بايعت القاعدة، وتنظيم “الدولة الإسلامية” في الساحل الذي بايع داعش، وكلاهما يسعى لإعلان “دولة” في الساحل.
- تجاهل اتفاق الجزائر، وعدم العودة لأي عملية سياسية، ومضي مالي وفاغنر في السيناريو الحالي، يعني حتمية الحرب بين جميع هذه الأطراف، وأزواد قد يكرر إعلان استقلاله عن مالي كما حدث في 2012.
النيجر
ما يحدث في أزواد، له مخاطر كبيرة على النيجر، ويخشى امتداده لصنوه “أزواغ” شمال النيجر إذا لم تتجاوز نيامي أزمتها بعد بدء توغل تنظيمي القاعدة نحو أراضيها بعد الانقلاب، وبعد إعلان “غيسى بولا”، الذي كان مستشارا أمنيا لبازوم وقاد ثورة ضد النيجر سابقا، معارضة الانقلاب وتأسيس حركة ضده.
أخيرا تبرز تحليلات الخبراء المتشائمة من تأثير صراع القوى العالمية على المنطقة، مع ارتفاع وتيرة تصريحات قادة الغرب، التي قسمت المنطقة بين معسكرين روسي يريد طرد الغرب، وغربي يريد المحافظة على وجوده، وأبرزهم الولايات المتحدة التي لا تريد أي تأثير على وجود قواعدها العسكرية التي تتابع من خلالها تحركات الجماعات الإرهابية المتنامية في الساحل.