يغلب التناقض الشديد على مواقف غالبية الدول الأوروبية تجاه الحرب الإسرائيلية على غزة، بين مساندة إسرائيل بشكل مطلق ثم إدانتها بسبب استهداف المدنيين ثم العودة للتأكيد على الدعم من جديد، فيما يبدو أن حالة من التخبط الشديد تحكم القرار الأوروبي في ضوء انقسامات حادة بدت واضحة خلال الأيام الماضية.

وتبدو سياسات إدارات الحكم في أميركا وأوروبا غير مرحب بها داخل دوائر صنع القرار، وتعكس انقسامات حادة في الداخل، لذلك نرى التصريحات تصل إلى حد التناقض، حسبما تحدث مصادر أوروبية لـ”سكاي نيوز عربية”.

 ازدواجية حول حقوق الإنسان

يقول رئيس المركز الأوروبي للدراسات، جاسم محمد إن حالة من الارتباك الشديد تغلب على قرارات دول الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالموقف المعلن من الحرب في غزة.

وبحسب محمد، تواجه غالبية الدول الأوروبية ضغوطا متزايدة بسبب الغضب الشعبي تجاه سياسة التعامل مع الحرب، وأصبحت الحكومات متهمة بازدواجية المعايير فيما يتعلق بحقوق الإنسان.

الصور المروعة للأطفال القتلى في غزة أثرت كثيرا على الشارع الأوروبي وعززت حالة الغضب ضد الحكومات التي أظهرت مساندة ودعما مطلقا لإسرائيل، وفق الخبير الأوروبي.

ويظهر التخبط الأوروبي واضحا بموقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يبدو حائرا بين التزامه بعدم التخلي عن دعم إسرائيل وأيضا التزامه بمواثيق حقوق الإنسان والقانون الدولي.

 خلافات داخل الاتحاد الأوروبي

ويقول محمد إن الموقف داخل الاتحاد الأوروبي يغلب عليه التباين أيضا، على سبيل المثال تبدو تصريحات جوزيب بوريل مسؤول العلاقات الخارجية داخل الاتحاد أكثر تعاطفا وإيجابية في دعم حقوق الفلسطينيين، على عكس رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.

في ألمانيا أيضا هناك خلافات بين رئيس الحكومة ووزير الخارجية، ففي حين يصر المستشار أولاف شولتس على عدم وقف إطلاق النار ومساندة إسرائيل، تتعالى الأصوات المعارضة داخل الحكومة بضرورة مراعاة الجانب الإنساني ووقف قتل الفلسطينيين.

وكانت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك قالت في وقت سابق إنه يتعين على المجتمع الدولي التركيز على الحد من تداعيات العمليات العسكرية الدائرة في غزة على السكان المدنيين.

وقالت بيربوك في مؤتمر صحفي بعد لقاء مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين “يجب أن تتعاون جميع الدول، التي ترغب في المساعدة على ضمان احتواء المعاناة الإنسانية بغض النظر عن الطرف الذي تدين له بالولاء، حتى لو اضطرت إلى مواجهة معارضة”.

 ملامح التوتر داخل أوروبا

الأسبوع الماضي أقال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك لوزيرة داخليته، في إطار تعديل وزاري ولكنه مرتبط بالحرب، في أعقاب اتهامها للشرطة البريطانية بالتساهل مع المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين التي وصفتها بـ “مسيرات كراهية داعمة للإرهاب”.

وأبرزت هذه الخطوة، بحسب مراقبين، إشارات بشأن ازدياد الاستقطاب حول تداعيات الحرب على غزة في أوروبا، من لندن إلى باريس وبرلين وبروكسل ومدريد، واتساع الهوة بين المطالب الشعبية الأوروبية عامة وقرارات الحكومات السياسية.

كذلك شهدت شوارع العواصم الأوروبية مسيرات متزايدة، تطالب بوقف الحرب فورا، عودة جزئية لليسار الأوروبي.

 قطع المساعدات وإحراج أوروبا

ربما ظهرت أبرز ملامح الارتباك الأوروبي مع بداية الأزمة، عندما أعلن أوليفر فارهيلي، المفوض الأوروبي لشؤون التوسع والجوار، التعليق الفوري للمساعدات المقدمة إلى فلسطين.

ويرى مراقبون أن هذا التصريح وضع المؤسسة الأوروبية في موقف محرج للغاية، حيث اضطر كبير دبلوماسيي الاتحاد جوزيب بوريل، للتدخل مباشرة والحد من الأضرار الناجمة عن الموقف، مؤكدا أن المساعدات لن تتوقف.

 استهداف المدنيين يحرج الداعمين لتل أبيب

ويقول ستيفن والت، أستاذ الشؤون الدولية في كلية كينيدي بجامعة هارفارد، إن الجرائم بحق المدنيين وحصار المستشفيات وقتل الأطفال الخدج أمر لا يمكن أن يقبل به المجتمع الدولي ولابد أن يكون هناك خطوات جادة لإجبار إسرائيل على التوقف عن ذلك.

ويضيف: “بالنسبة لبعض الدول، يبدو الأمر أشبه بالنفاق الغربي عندما تتم إدانة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا بشدة، لكن احتلال إسرائيل لغزة لا تتم إدانته، لابد من إلزام تل أبيب بالتوقف عن الجرائم الإنسانية”.

وينوه والت إلى أن احتجاج مؤيدين للفلسطينيين في واشنطن يوم السبت إلى وضع عشرات الآلاف من الأشخاص على بعد ميلين من مبنى وزارة الخارجية الأميركية، مطالبين بوقف المساعدات الأميركية للجيش الإسرائيلي، ما يمثل ضغط كبير على الإدارة الأميركية.

skynewsarabia.com