تصعيد جديد بصمتْ عليه النقابات الأكثر تمثيلية في قطاع الصحة، فبعد أن كانت تخوض إضرابات لمدة 48 ساعة في جميع المصالح الصحية، عدا أقسام المستعجلات والإنعاش، قررت خوض إضرابات لمدة 3 أيام كل أسبوع، وذلك بهدف الضغط على الحكومة لتفعيل الاتفاق الموقع يوم 29 دجنبر 2023، الذي مازال مجمدا إلى الآن.

ويطرح قرار التنسيق النقابي الذي يضم ثماني نقابات الإضراب عن العمل لمدة ثلاثة أيام كل أسبوع سؤال حق المواطنين في الرعاية الصحية بالقطاع العمومي، خاصة الذين لديهم عمليات جراحية أو فحوصات، بينما تقول النقابات إن لجوءها إلى الإضراب جاء نتيجة استنفادها كل الوسائل الممكنة لدفع الحكومة إلى تنفيذ اتفاق 29 دجنبر، وإنها “تتفهم” الضرر الذي يلحق المواطنين، مقدمة “اعتذارها” لهم عن ذلك.

ولم يوضح التنسيق النقابي، في البلاغ الذي أصدره مساء أمس الأحد، ما إن كانت الإضرابات التي ستخوضها النقابات ستكون متواصلة أو متقطعة، غير أن مصدرا من التنسيق أفاد بأن المرجح هو أن تكون الإضرابات متواصلة، أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس من كل أسبوع، لافتا إلى أن النقابات ستحسم في هذا الأمر.

عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، اعتبر أن التوتر المخيم على قطاع الصحة العمومية “لا يجب حصره في الجانب المتعلق بالمطالب المادية للكادر الصحي، بل هو تجلٍ للأزمة العميقة التي يعاني منها القطاع الذي أصبح في مرحلة أشبه بالسكتة القلبية، نتيجة تراكم سياسات حكومية فاشلة”.

واعتبر الخضري، في تصريح لهسبريس، “أنه إذا كان من المشروع أن يطالب الأطباء بحقوقهم فهناك في المقابل حقوق المواطنين”، وزاد: “نناشد الحكومة والنقابات أخذ هذا الأمر على محمل الجد، بما يمكن من الوصول إلى حل، وتفادي الإضرابات عن العمل التي ستترتب عليها ولا شك كوارث، لأن حياة الإنسان مرهونة بوجود الأطر الصحية”.

وتُبدي نقابات قطاع الصحة بدورها تفهّمها الضرر الذي يَلحق بالمواطنين نتيجة إضراب الأطر الصحية، غير أنها تَعتبر أن “إضراب الأطر الصحية أقل ضررا من إضراب قطاعات أخرى، لأن الإضراب لا يشمل أقسام المستعجلات والعناية المركز ومصالح الولادة، ما يعني أن خمسين في المائة من مصالح المستشفيات تشتغل”، بحسب مصطفى جعا، الكاتب الوطني للنقابة المستقلة للمرضين، عضو التنسيق النقابي الثماني.

وقلّل جعا، في تصريح لهسبريس، من تبعات إضراب الأطر الصحية على المواطنين، مبرزا أنه “حتى في أيام الإضراب ستكون المداومة متوفرة ابتداء من الساعة الرابعة والنصف، إضافة إلى استمرار عمل أقسام المستعجلات والعناية المركزة ومصالح الولادة”.

واعتبر الفاعل النقابي ذاته أن “الحكومة هي المسؤولة عن هذا الوضع، لأننا ظللنا ننتظر مدة خمسة أشهر بعد توقيع الاتفاق (اتفاق 29 دجنبر 2023) الذي وصلنا إليه بعد خمسين جلسة حوار، دون أن نخوض أي احتجاج، ولكن لم يكن أي تجاوب من الطرف الحكومي”.

وتابع المتحدث ذاته: “نحن لا نريد الإضراب، رغم أنه حق دستوري، ولكن لا توجد بيدنا آلية أخرى غير هذا الحق الذي نجد أنفسنا مضطرين إليه”.

وفي وقت لا يلُوح في الأفق ما يشير إلى اقتراب حلّ الأزمة القائمة بين نقابات الصحة والحكومة، إذ لم تتفاعل هذه الأخيرة إلى حد الآن مع النقابات، حتى بعد المسيرة التي خاضتها الأطر الصحية بالعاصمة الرباط يوم الخميس الماضي، وإعلانها عن تصعيد احتجاجاتها، يرى عبد الإله الخضري أن “على الحكومة أن تستجيب لمطالب الأطر الطبية”.

وأضاف رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان أن “ورش الحماية الاجتماعية الذي تريد الحكومة تطبيقه لا يمكن أن ينجح طالما بقي القطاع الصحي على ما هو عليه، لأنه عمود الحماية الاجتماعية”، مردفا: “حين نتحدث عن مشاكل الأطر الصحية فإننا لا نتحدث فقط عن الجانب المادي، بل عن بيئة العمل بشكل عام، والتي لا تتوفر فيها الشروط الضامنة لمزاولة مهنتهم بشكل لائق”.

وحذّر الفاعل الحقوقي ذاته من أن استمرار التوتر بين الحكومة والنقابات “سيعمّق أزمة الصحة العمومية، التي يستغلها القطاع الخاص للتغول أكثر، في وقت يتم تكريس تسليع الصحة العمومية”.

The post إضرابات الصحة تطرح ملف حق المغاربة في العلاج.. النقابات: "مضطرون" appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.

hespress.com