الخميس 04 يونيو 2020 – 06:00
في قلب أزمة جائحة كورونا، يشتكي المساعدون الطبيون استمرار مراوحة ملفّهم مكانه في غياب قانون أساسي ينظّم عملهم مثل باقي موظّفي قطاع الصحة.
وتتكوّن فئة “المساعدات والمساعدين الطبيين” من خريجين في الجامعات من مختلف التخصّصات العلمية، يشتغلون مع وزارة الصّحّة، يحملون شهادات مختلفة، من ماستر ودكتوراه ودراسات عليا معمّقة ودراسات عليا متخصّصة.
وتشتكي هذه الفئة غياب قانون أساسي يخصّها، وعدم استفادتها من تعويضات مناسبة تراعي المهامّ والأدوار التي تقوم بها، وتأخذ بعين الاعتبار مستواها في البحث العلميّ والتّأطير والتّدبير، علما أنّ “المساعد الطبي لا يترقى إلا مرة واحدة، ويتلقى تعويضات عن الأخطار المهنية في حدود 1400 درهم في الشهر، قارّة من بداية الخِدمة إلى نهايتها، في حين تتراوح تعويضات بعض الفئات بين 2600 درهم و5900 درهم شهريا”.
كما تنادي هذه الفئة بتغيير تسميتها، لتتلاءم مهامّها مع الشواهد التي تحملها، واحترام الأدوار المنوطة بها.
ويأتي خروج فئة المساعدين الطبيّين إعلاميا بعد عدم التفاعل مع رسالتهم الأخيرة التي وجّهوها الشّهر الماضي إلى خالد آيت الطالب، وزير الصحة. وهو ما أكده في تصريح لهسبريس محمد الخطاب، المنسق الوطني للمساعدين الطبيين عضو المكتب الوطني للجمعية المغربية للأطر العلمية.
الخطاب قال إنّ الخروج الإعلامي للمساعدين الطبيّين جاء طلبا للإنصاف، بعدما لم تهتم لأمرهم الوزارة الوصية أو النقابات نظرا لعددهم القليل.
وأضاف: “لدينا زخم وأطر رغم قلة عددنا؛ فمدير المعهد الوطني للصّحّة مساعد طبي، وكذلك الفريق المشتغل معه، وأيضا الأطر الذين يجرون تحليل (بي سي إر) العلميّ المتعلّق بفيروس كورونا، وهم من ركّبوا حافلة متجوِّلة تجوب المدن ومختبرَها الدّاخليّ الذي تفحَص فيه مئات التحاليل التي يجرونها. وهم أيضا من يأخذون العيّنات من الأنف والفم لتُفحَص، كما يتابعون المصابين بالفيروس والمخالطين لهم، ويشتغلون في مراكز تحاقن الدّم…”.
وزاد الخطاب قائلا إن “هذه الفئة المهمة أسهمت في بناء قسم الصيدلة منذ سنة 1996، وشريحة مهمة منها عُيِّنَت بالمختبر الوطني لمراقبة الأدوية، وكانت بدايتها في سنة 1997، وعملت بكل تفانٍ ونكران للذّات، وأسست أولى لبنات المختبر العلمية، وكان لها الفضل في حصوله على علامة الجودة (iso 17025)، ليكون المغرب أوّل بلد في القارة الإفريقية يحصل على هذه العلامة في سنة 2007”.
وأضاف المصرّح: “منذ ذلك الحين والمساعدون الطبيون يجدّدون المختبر على رأس كل أربع سنوات، كما أنهم مكنوه من الحصول على ما يعرف بالتأهيل (prėqualife) للمنظمة العالمية للصحة (…)، وبفضلهِم ما يزال المختبر الوطني لمراقبة الأدوية ذائع الصيت”. وأبدى استغرابه “غضّ الوزارة الطرف عنهم رغم كل هذا، وعدم إيلائها اعتبارا لهذه الفئة”، على حد تعبيره.
وواصل المتحدّث بأنّ “وزارة الصحة إذا أرادت أن يبقى المساعدون الطبيون، فعلى الأقلّ يجب أن يكونوا معروفين، ويكون عملهم معلوما، ويغيَّر اسمهم غير اللائق، وتغيَّر وضعية ترقياتهم؛ لأنهم الآن يدخلون الوظيفة العمومية بسلّم 11، ويظلّون 14 سنة في انتظار الترقي درجة واحدة، مع العلم أن أمام الجهات المماثلة التي تلج الوظيفة العمومية بسلمّ 11 ثلاث درجات، وهم أحسن في تعويضات الخطر”.
ومن بين المطالب التي ظلّت في الرفوف منذ سنوات دون تفاعل، مطلب البحث العلمي، يقول المنسق الوطني للمساعدين الطبيين، داعيا إلى ضرورة “تعميم البحث العلمي على جميع المختبرات التي نشتغل بها، ودعمه”، كما يجب “إعطاء هذه الفئة فرصَ التدريس بالمعهد العالي لمهن التمريض وتقنيات الصحة، حتى يستفيد الطلبة الممرضون من خبراتها وتكوينها العالي”.
وسجّل المتحدّث أنّ الحيف الأساسي الذي يعاني منه “المساعدون الطبّيّون” يتمثل في عدم تنظيم المهنة بقانون أساسي، مما يجعل بعض المساعدين يشتغلون في المختبرات 12 ساعة، و16 ساعة في المرحلة الراهنة، دون أن يكون تعويضهم عن الحراسة مثل تعويض الأطبّاء والممرّضين، وكذلك الأمر في “وحدة اليقظة”، علما أنّ المساعدين الطبيين سيتحمّلون، إذا وقع خطأ، المسؤولية في غياب تحديد المهامّ قانونا.
وزاد موضّحا: “لو كان لدينا قانون أساسي لكنّا نستشهد به، حتى لا يتمّ تشغيلنا أكثر من ثماني ساعات، وحتى تكون أعمالنا محدّدة، ولكن الآن لا يحمينا القانون”.
تجدر الإشارة إلى أنّ مجموعة من المراسلات قد دعت وزارة الصحة إلى “إنصاف فئة المساعدين الطبيين التي لم تأخذ نصيبها من الإنصاف والتّحفيز من أجل العطاء”، علما أنّها “تلعب دورا مهمّا في تطوير المنظومة الصحية في كل المواقع، بفعل تنوّع روافدها العلمية، والديبلومات العليا التي تتوفّر عليها”، كما جاء في رسالة الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للصّحّة، المنضوية تحت لواء الاتحاد العامّ للشّغّالين بالمغرب، إلى وزير الصحة، في شهر ماي الماضي.
وكانت “تسوية ملف المساعدين الطبيّين” أيضا موضوع مراسلة للجمعية المغربية للأطر العلمية بقطاع الصحة، وموضوع سؤالين كتابيَّين في مجلس النواب لفريقَي حزبَي الاستقلال والأصالة والمعاصرة، كل على حدة.