رسم توضيحي لمركبة بيرسيفيرانس التابعة لمهمة مارس 2020 من ناسا وهي تستكشف الكوكب الأحمر. (حقوق الصورة: © NASA/JPL-Caltech).
من المقرر إطلاق مركبة بيرسيفيرانس Perseverance الجوالة في 30 تمّوز/يوليو.
دخلت مركبة المريخ الجوالة القادمة مرحلتها الأخيرة.
ستُطلق مركبة المريخ الجوالة ‘بيرسيفيرانس’ التابعة لناسا خلال الشهر الحالي، وستبحث عن الحياة على الكوكب الأحمر، وتخزّن العينات. من المقرر أن ينطلق الروبوت الذي يعادل حجمه حجم سيارة بواسطة الصاروخ الحامل أطلس 5 Atlas V التابع لشركة ائتلاف الإطلاق المتحد United Launch Alliance من قاعدة كاب كانافيرال للقوات الجوية Cape Canaveral Air Force Station في فلوريدا خلال الفترة الممتدة من 30 تمّوز/يوليو حتى 11 آب/أغسطس.
لم يكن الوصول إلى هذه النقطة مهمةً سهلةً؛ فقد اضطرت فرق المهمة لتجهيز المركبة والصاروخ للإقلاع خلال جائحة فيروس كورونا الذي أدى إلى إغلاق العديد من مرافق وكالة ناسا، ولكن أعطت ناسا الأولوية لوضع بيرسيفيرانس على منصة الإطلاق في الوقت المحدد (مع حماية سلامة العمال أيضًا)، نظرًا لأن نوافذ إطلاق مهمات المريخ تُفتح مرةً واحدةً فقط كلّ 26 شهرًا.
قال مدير ناسا جيم بريدينستاين Jim Bridenstine خلال مؤتمرٍ صحفيٍّ عُقد يوم الأربعاء 17 حزيران/يونيو: “إذا كان علينا أن نضع بيرسيفيرانس في المخزن لمدة عامين لاستخدامها لاحقًا، فقد يكلّف ذلك نصف مليار دولار”.
سيكون ذلك بالاضافة إلى إجمالي السعر البالغ 2.7 مليار دولار لمهمة بيرسيفيرانس التي تُسمى مارس 2020 “Mars 2020“.
عندما تنطلق المركبة الجوالة ذات العجلات الست خلال نافذة الإطلاق القادمة، فإنها ستهبط في 18 شباط/فبراير عام 2021 داخل فوهة جيزيرو Jezero التي يبلغ عرضها 28 ميلًا (45 كيلومترًا). كانت فوهة جيزيرو تؤوي بحيرة ودلتا نهر منذ مليارات السنين، وستستخدم بيرسيفيرانس أدواتها العلمية السبع لتحديد خصائص تلك البيئة القديمة التي يحتمل أن تكون صالحةً للسكن والبحث عن أدلة على وجود حياةٍ قديمةٍ على المريخ، إلى جانب أمورٍ أخرى.
لم يبحث أي روبوت عن علامات وجود الحياة على سطح المريخ منذ هبوط مركبتي الفايكنج Viking landers التابعتين لناسا اللتين هبطتا في منتصف السبعينيات للبحث عن الحياة خارج الأرض.
لكن كما تُظهر نتائج الفايكنج المبهمة، فإن الكشف النهائي عن الحياة الفضائية أمرٌ صعبٌ على روبوتٍ وحيدٍ في عالمٍ بعيدٍ، لذلك ستجمع بيرسيفيرانس أيضًا عشرات العينات وتخزّنها بشكلٍ مؤقتٍ، وستُجلب إلى الأرض من خلال جهدٍ مشتركٍ بين وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية في عام 2031، إذا استمرت الخطط الحالية.
قالت كاتي ستاك مورغان Katie Stack Morgan، عالمة مساعدة في المشروع مارس 2020، من مختبر الدفع النفاث التابع لناسا (Jet Propulsion Laboratory (JPL في مدينة باسادينا بولاية كاليفورنيا، خلال المؤتمر الصحفي الذي عُقد يوم الأربعاء: “من ناحية بيرسيفيرانس، نرى أنه من واجبنا تحديد البصمات الحيوية biosignatures المحتملة، وهي أشياء تستحق المزيد من الدراسة على الأرض في مختبراتنا الخاصة التي تحتوي على ترسانة كاملة من القدرات التحليلية. أعتقد أن هذه هي الطريقة التي سنتناول بها مسألة سطح المريخ”.
يقول مسؤولو ناسا أن بيرسيفيرانس ستختبر أيضًا التكنولوجيا اللازمة لعمليات الاستكشاف المستقبلية؛ على سبيل المثال، ستنتج إحدى أدوات المركبة المتجولة الأكسجين من الغلاف الجوي للمريخ، وهو غلافٌ رقيقٌ ويهيمن عليه ثاني أكسيد الكربون؛ يمكن لهذه التقنية أن تساعد الرواد الأوائل على العيش والعمل على الكوكب الأحمر في يومٍ من الأيام.
تضم مهمة مارس 2020 كذلك طائرة هليكوبتر صغيرة تُدعى إنجنويتي Ingenuity ستسافر إلى الكوكب الأحمر على متن بيرسيفيرانس. ستُجري إنجنويتي بعض الرحلات التجريبية القصيرة في سماء المريخ، ما قد يمهّد الطريق أمام الطائرات ذات الأجنحة الدوارة rotorcraft في المستقبل، والتي من الممكن أن تكون بمثابة روفر الكشافة و/أو ستجمع الكثير من البيانات بمفردها.
قال مات والاس Matt Wallace، نائب مدير مشروع مارس 2020، عن إنجنويتي: “سوف نتعلم الكثير من إيصالها إلى المريخ وإنزالها عن متن المركبة بنجاح. نحن لا نتطلع إلى عائد شامل وطموح من هذه التكنولوجيا، بل فقط نسعى إلى معرفة الأشياء القليلة الأولى التي نحتاج إلى تعلمها”.
كما أن بيرسيفيرانس، التي تعمل بالطاقة النووية، مجهزةٌ أيضًا بـ 23 كاميرا وميكروفونين. إذا سارت الأمور وفقًا للخطة، فإن البعثة ستلتقط فيديو عالي الدقة لهبوط بيرسيفيرانس الدراماتيكي الذي سيُنفّذ بواسطة الرافعة السماوية، وستسجل أصوات سطح المريخ. لم يسبق وأن استُخدِمت هاتان الطريقتان في جمع البيانات من قبل.
تقول لوري جلاز Lori Glaze، مديرة قسم العلوم الكوكبية في ناسا: “بيرسيفيرانس هي المهمة الأكثر تعقيدًا من بين المهام التي أرسلناها إلى سطح الكوكب الأحمر”.
يوجد في الوقت الحالي روبوتان آخران تابعان لناسا على سطح المريخ، وهما: إنسايت InSight Mars lander، التي تعمل على مراقبة الزلازل منذ هبوطها على سطح المريخ في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2018، وكوريوسيتي Curiosity، التي تستكشف فوهة غيل Gale التي يبلغ عرضها 96 ميلًا (154 كم) منذ آب/أغسطس عام 2012.
يعتمد هيكل بيرسيفيرانس بشكلٍ كبيرٍ على هيكل مركبة كيوريوسيتي التي كانت أيضًا رائدةً في استراتيجية الهبوط بواسطة الرافعة السماوية التي ستستخدم في مهمة مارس 2020. أثبتت كيوريوسيتي أن بعض أجزاء المريخ كانت قادرةً على دعم حياةٍ شبيهة بالحياة على الأرض في الماضي القديم، ما يمهد الطريق أمام بيرسيفيرانس لاتخاذ الخطوة التالية والبحث عن علامات تدل على وجود كائناتٍ حيةٍ مريخيةٍ.