تُظهر هذه الصورة موقع جمع العينات المُسمى نايتنجيل، لمركبة أوسايريس ركس على الكويكب بينو. تم تركيب صورةٍ فنية للمركبة الفضائية لتوضيح حجم الموقع.

حقوق الصورة: NASA/Goddard/University of Arizona


 

سوف تهبط مركبة أوسايريس ركس الفضائية على موقعٍ يُدعى نايتينجيل (العندليب) Nightingale بالقرب من القطب الشمالي لكويكب بينو Bennu الذي يبلغ قطره 1650 قدماً (500 متر) والذي يدور حوله المسبار منذ ديسمبر/كانون الأول 2018، حسبما أعلن أعضاء فريق المهمة في 12 ديسمبر/كانون الأول خلال مؤتمر صحفي في اجتماع الخريف السنوي للاتحاد الجيوفيزيائي الأمريكي (AGU).

 

قال دانتي لوريتا Dante Lauretta، الباحث الرئيسي في المهمة وعالم كواكب في جامعة أريزونا، لموقع Space.com بعد المؤتمر الصحفي: “كنت أحلم بهذا اليوم منذ أكثر من عقد. هذا نتاج جهد مئات الأشخاص الذين عملوا لآلاف الساعات لدراسة البيانات التي أرسلتها المركبة الفضائية على مدار العام الماضي.”

 

تبحث مهمة أوسايريس ركس التي بلغت تكلفتها 800 مليون دولار فترة بداية النظام الشمسي والدور الذي لعبته الكويكبات الغنية بالكربون مثل بينو في جلب لبنات الحياة إلى الأرض. قال لوريتا أنّ نايتنجيل يمنح الفريق أفضل فرصة لإحراز تقدم كبير في هذا الموضوع.

 

على سبيل المثال، يحتوي الموقع على الكثير من المواد الدقيقة التي يمكن امتصاصها بسهولة من خلال آلية جمع العينات الخاصة بالمركبة الفضائية. يقع نايتنجيل بالقرب من القطب الشمالي لبينو، حيث ظلت درجات الحرارة باردة نسبياً على مدار الزمن. لذلك، شهدت الأنقاض والركام هناك تغيراً طفيفاً مقارنةً مع الأشياء الموجودة بالقرب من خط الاستواء للكويكب، مما يزيد من احتمال جمع المواد العضوية البدائية والمعادن المتحدة مع الماء.

 

قال لوريتا خلال المؤتمر الصحفي أنّ نايتنجيل يحتوي على الكثير من المواد الداكنة، والتي قد تكون مؤشراً على وجود المواد العضوية. كما أنّ موقع نايتنجيل هو عبارة عن فوهةٍ نيزكية صغيرة في المساحة والعمر- ما يعني أنّ مسبار أوسايريس ركس سيكون قادراً على جمع عينات انكشفت مؤخراً (وبالتالي تعرضت لظروف تجوية طفيفة في الفضاء).

 

قال لوريتا خلال المؤتمر الصحفي أنّ نايتنجيل “لديه بعض المخاطر المرتبطة به.”

 

على سبيل المثال، يبلغ قطر الفوهة 65 قدماً فقط (20 متراً) أو نحو ذلك، مما يجعلها ضيقةً للمركبة الفضائية الممتدة لحوالي 20 قدماً (6 أمتار)، بما في ذلك الألواح الشمسية. تُحاط الفوهة ببعض الصخور الوعرة، بما في ذلك صخرةٌ أطلق عليها لوريتا اسم “جبل الموت” إذ ترتفع مسافة 33 قدماً (10 أمتار) تقريباً فوق أرضية الفوهة.

نايتنجيل هو الموقع الشمالي الأقصى من ضمن مناطق الهبوط الأربعة المرشحة التي اختارتها ناسا للهبوط عليها بواسطة مركبة أوسايريس ريكس. حقوق الصورة: NASA/University of Arizona

نايتنجيل هو الموقع الشمالي الأقصى من ضمن مناطق الهبوط الأربعة المرشحة التي اختارتها ناسا للهبوط عليها بواسطة مركبة أوسايريس ريكس. حقوق الصورة: NASA/University of Arizona

 

سوف تقضي أوسايريس ركس الأشهر الثمانية المقبلة في أداء أعمالٍ استطلاعية والتدرب على مناورة جمع العينات. ثم، في 25 أغسطس/آب، سيهبط المسبار على موقع نايتنجيل.

 

سيكون الأمر أقرب للملامسة من القيام بهبوطٍ الفعلي. إذ سيقرع المسبار سطح الكويكب بذراع جمع العينات، التي ستنثر الغبار من على السطح باستخدام غاز النيتروجين، ليتم امتصاصه بعد ذلك. (يمكن لأوسايريس ركس جمع ما يصل إلى 4.4 رطل، أو 2 كجم، من المواد، ولكن الحد الأدنى لنجاح المهمة هو 2.1 أونصة، أو 60 غرام).

 

 سيجري تنفيذ جميع هذه التحركات المعقدة بشكلٍ آلي. إذ من غير الممكن التحكم بالمركبة من الأرض بالوقت الحقيقي، نظراً للمسافة الكبيرة بين بينو والأرض (ستحتاج الإشارة لعدة دقائق لقطع هذه المسافة.)

 

لكن المهمة لن تضيع لو تبين أنّ الكويكب صعب المراس. إذ قال أعضاء الفريق أنّ المركبة الفضائية ستقوم بتقييم المخاطر على طول الطريق أثناء هبوطها، وإذا شعرت بوجود مشكلةٍ ما، يمكنها إلغاء الهبوط والعودة إلى مدار الكويكب.

 

إذا أضطرت المركبة للعودة بالقرب من سطح بينو، فقد يتم رفض نايتنجيل كموقعٍ لجمع العينات، فقد تُصبح تربة الموقع ملوثةً بنفّاثات المركبة الصاروخية. ثم سيجتمع فريق المهمة للبدء بالتخطيط للموقع الثانوي – وهو موقع يُطلق عليه اسم أوسبري (العُقاب) Osprey. (كان كل من نايتنجيل وأوسبري من بين المواقع الأربعة المُرشحة النهائية لجمع العينات التي اختارها فريق المهمة. يتمتع المواقعان الأخيران بإسمي طيورٍ أيضاً – ساندبايبر (الطيطوي) Sandpiper وكينغفيشر (الرفراف) Kingfisher).

 

لن يعني الفشل في جمع العينات من أول مرةٍ فشل المهمة بشكلٍ كامل. إذ تحتوي المركبة على ثلاث زجاجات من النيتروجين على متنها، ما يعني إمكانية جمع العينات ثلاث مرات للحصول على الـ 60 جراماً المطلوبة.

 

عندما تُخزن هذه العينة بأمان على متن المركبة، ستنتقل المهمة إلى مرحلة جديدة. إذا سارت الأمور وفقاً للخطة، فسوف تغادر أوسايريس ركس كويكب بينو في مارس 2021 لبدء رحلة العودة إلى الأرض. (هذا ليس موعداً نهائياً ثابتاً؛ فنافذة العودة تمتد حتى شهر أيار/مايو من نفس العام وفقاً لما قال لوريتا).

 

ستستغرق تلك الرحلة 2.5 عاماً تقريباً. بعد ذلك، في سبتمبر/أيلول 2023، سيطلق المسبار كبسولة العودة الخاصة التي تحتوي على العينات، والتي سوف تهبط في صحراء يوتا. بعد ذلك، سيجري دراسة مواد بينو بواسطة فرقٍ من العلماء في مختبرات مجهزة تجهيزاً جيداً في جميع أنحاء العالم على مدى العقود القادمة.

 

أوسايريس ركس ليست مهمة إرجاع العينات الكويكبية الوحيدة قيد العمل حالياً. إذ نجحت المركبة الفضائية هايابوسا2 اليابانية بجمع عيناتٍ من كويكب ريوجو Ryugu، إذ من المقرر أن تصل إلى الأرض لتهبط في أستراليا في ديسمبر/كانون الأول عام 2020.

 

 يهتم فريق أوسايريس ركس بالإجابة على عددٍ من الأسئلة، كما يشير الاسم الكامل للمهمة – “مُسكشف الأصول، والتفسير الطيفي، والتعرف على الموارد، والأمن، والتراب.” على سبيل المثال، قد تساعد بيانات المهمة العلماء في تقييم الكويكبات الشبيهة ببينو التي قد تحتوي على موارد مهمة، على حد قول أعضاء الفريق.

 

يمكن أن تساعد تحليلات حركة بينو الباحثين على التنبؤ بشكلٍ أفضل بمسارات الكويكبات التي يحتمل أن تكون خطرة – وهي فئة تضم بينو.


 

nasainarabic.net