صورة: المياه، المياه في كل مكان.
(حقوق الصورة: Shutterstock)
تشير المواد الكيميائية في الصخور إلى أن عالمنا كان بلا قارات.
كيف بدت الأرض قبل 3.2 مليار سنة؟ تشير الأدلة الجديدة إلى أن الكوكب كان مغطى بمحيط شاسع ولا توجد به قارات على الإطلاق.
أفاد العلماء مؤخراً أن القارات ظهرت لاحقاً عندما قامت الصفائح التكتونية Plate tectonics بدفع كتل صخرية هائلة إلى الأعلى بحيث تخرق أسطح البحار.
وقد وجدوا أدلة تشير إلى وجود هذا العالم المائي القديم محفوظة في قطعة من قاع البحر القديم، والذي يقع الآن في المناطق النائية من شمال غرب أستراليا.
قبل حوالي 4.5 مليار سنة، شكلت التصادمات ذات السرعة العالية بين الغبار والصخور الفضائية بدايات كوكبنا: كانت الأرض جسمًا كرويا بعمق آلاف الأميال مكون من الماغما المليئة بالفقاعات. بردت الأرض خلال دورانها، وأخيراً، وبعد 1000 إلى مليون سنة، شكلت الماغما التي تمر بعملية التبريد أول البلورات المعدنية على القشرة الأرضية.
أما بالنسبة للمياه الأولية للأرض، فيعتقد بأنها إما قد جاءت بواسطة المذنبات الغنية بالجليد القادمة من خارج نظامنا الشمسي، أو جاءت في وقت تكوّن الأرض تقريباً، مع غبار سحابة الجسيمات التي شكلت الشمس والكواكب التي تدور حولها.
عندما كانت الأرض مجرد محيطٍ من الماغما الساخنة، صعدت الغازات وبخار الماء إلى الغلاف الجوّي. يقول المؤلف الرئيسي للدراسة، بنجامين جونسون Benjamin Johnson وأستاذ مساعد في قسم العلوم الجيولوجية والغلاف الجوي بجامعة ولاية أيوا: “ثم أمطرت من الجو حينما أصبح المناخ أبرد.”
قال جونسون لـموقع لايف ساينس في بريد إلكتروني: “لا يمكننا حقاً تحديد مصدر المياه من خلال دراستنا، ولكننا نقترح أنه مهما كان المصدر، فإنه كان موجودًا عندما كان محيط الصهارة لا يزال موجودًا.”
في الدراسة الجديدة، قام جونسون والمؤلف المشارك بوزويل وينغ Boswell Wing، وهو أستاذ مساعد في قسم العلوم الجيولوجية في جامعة كولورادو بولدر، بالالتفات للطبيعة الفريدة بالمناطق النائية في استراليا، فطبيعتها الصخرية تحافظ على نظام حرمائي hydrothermal system يعود تاريخه إلى 3.2 مليار سنة مضت. يقول جونسون: “وتحتوي على سجل لكامل القشرة المحيطية من السطح وإلى المحرك الحراري الذي يدفع عملية الدوران.”
إن قاع البحر الصخري ذلك يحتفظ بأشكال ونظائر isotopes مختلفة من الأكسجين. وبمرور الوقت، ستمكن العلاقة بين هذه النظائر العلماء من حل لغز التحولات في درجة حرارة المحيطات القديمة والمناخ العالمي.
ومع ذلك، فقد اكتشف العلماء شيئًا غير متوقع من خلال تحليلهم لأكثرمن100 عينة من الرواسب، حيث وجدوا أنه قبل 3.2 مليار سنة، كانت تحتوي المحيطات على نظير الأكسجين-18 بنسبة أعلى من نظير الأكسجين-16 (والثاني هو الأكثر شيوعًا في المحيط الحديث). أظهرت نماذجهم الحاسوبية أن كتل اليابسة القارية تمتص الأكسجين-18 من المحيطات على نطاق عالمي. في غياب القارات، ستحتوي المحيطات على المزيد من الأكسجين-18. ووجدت الدراسة أن النسبة بين هذين النظيرين للأكسجين أوحت إلى أنه في ذلك الوقت لم تكن هناك قارات على الإطلاق.
وقال جونسون في رسالة عبر البريد الإلكتروني: “إن هذا الاختلاف في القيم يمكن تفسيره بسهولة، حيث أنه يُعزى إلى قلة القشرة القارية الناشئة.”
يقول جونسون: “اقترح باحثون آخرون في السابق فكرة أن الأرض في وقت ما كانت مغطاة بالمحيط.” ولكن، كان هناك قدر أقل من الاتفاق حول حجم القشرة التي كانت بارزة فوق مستوى سطح البحر. وفسر الأمر قائلاً أن: “هذا الاكتشاف الجديد يوفر قيودا جيوكيميائية geochemical على وجود يابسة فوق مستوى سطح البحر.”
كتب الباحثون في الدراسة أن احتمالية وجود عالم مائي قديم على كوكب الأرض يقدم أيضاً منظوراً جديداً لسؤال آخر مثير للاهتمام، وهو: مكان ظهور أول أشكال الحياة على كوكب الأرض وكيفية تطورها.
يقول جونسون: “تنقسم نظريات أصل الحياة إلى قسمين رئيسيين: المنافس المائية الحرارية hydrothermal vents، والبرك على اليابسة” ويضيف: “إن كانت دراستنا على صواب، فهذا يعني أن عدد البيئات المتواجدة على اليابسة والملائمة لنشأة الحياة وتطورها كانت ضئيلة جداً أو معدومة حتى فترة ما بعد 3.2 مليار سنة مضت.”