الثلاثاء 21 يوليوز 2020 – 23:40
بتعاون مع المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي للشرق الأوسط وشمال افريقيا، ووحدة القانون الجنائي بالمركز الوطني للدراسات القانونية بالرباط، والمركز المتوسطي للدراسات القانونية والقضائية بطنجة، نظمت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، بشراكة مع شعبة القانون الخاص، “مختبرESSOR القانون والفلسفة والمجتمع” وماستر العدالة الجنائية والعلوم الجنائية بنفس الكلية، ندوة دولية عن بعد حول موضوع: “العدالة الجنائية في ظل التطور الرقمي.. التحديات والانتظارات”.
وافتتح أشغال الندوة، التي انطلقت أنشطتها يوم 17 يوليوز وتنتهي يوم 21 يوليوز، وزير العدل محمد بنعبد القادر، ورئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، رضوان مرابط، وعميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس، محمد بوزلافة، وتلتها كلمات المؤسسات والهيئات المشاركة.
ويأتي تنظيم هذه التظاهرة العلمية من حيث طبيعة موضوعها وسياقها الزمني والمشاركين في أشغالها من داخل المغرب ومن دول أجنبية، وفق بلاغ لمنظميها، “في إطار المساعي الحثيثة لهذه الكلية العتيدة لمواكبة مسار تطور البحث العلمي في مجال العدالة عموما ببلادنا، والمساهمة في إثراء النقاش حول الإشكاليات التي يطرحها هذا الموضوع ذو الراهنية الكبرى، والذي يعالج قضايا العدالة الجنائية في علاقتها بالتحول الرقمي بصفة خاصة. وذلك اعتبارا لكون المملكة المغربية بالرغم من قيامها في مجال ورش العدالة بإصلاحات جوهرية وعميقة، من خلال إطلاق حوار وطني ارتكز على بلورة مخطط شامل لإصلاح منظومة العدالة، ونهجها لخطط وبرامج للإصلاح سعيا إلى جعلها تتلاءم مع الهوية الوطنية والمعايير الأممية، بالإضافة إلى إصلاحات تشريعية ومؤسساتية أخرى أدت إلى تحقيق نتائج فضلى على مستوى منظومة العدالة، إلا أن الحاجة إلى رقمة العدالة أصبحت ضرورة ملحة تفرض نفسها في وقتنا الراهن”.
وأضاف البلاغ أن هذا ينسجم، إلى حد كبير، مع المبادئ الدستورية للتحول الرقمي للعدالة بالمغرب، والتوجيهات الملكية الواردة ضمن الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في الدورة الأولى لمؤتمر مراكش الدولي حول العدالة المنعقد أيام 2 و3 و4 أبريل لسنة 2018، والتي جاء فيها: “وإن تطوير العدالة الجنائية يقتضي دراسة الصيغ التي تجعلها تحقق الملاءمة المثلى بين واجب صيانة الحقوق والحريات، وبين هاجس الحفاظ على قيم وركائز المجتمع، ودرء كل خطر يهدده، في عالم كثرت فيه المخاطر وتشابكت فيه العلاقات، ونما فيه التواصل الرقمي، مع ما قد يصاحب ذلك من تهديدات وانحرافات، تتخذ أشكالا معقدة لابد من التصدي لها بكل مهنية وفعالية. ولعل الرفع من أداء العدالة يظل في مقدمة الانشغالات، نظرا لما هو منتظر منها، سواء من لدن الأفراد أو من قبل المجتمع. ولا سبيل إلى ذلك إلا بتطوير الإدارة القضائية، حتى تدعم جهود القضاة. وقد أبانت التجربة على الدور الذي يمكن أن تلعبه المحكمة الرقمية في هذا المجال. ويظل بلوغ الأهداف المرجوة في كل هذه المستويات رهينا بتحسين تأهيل نساء ورجال القضاء والرفع من القدرات المؤسسية للعدالة، ودعم تخليق جميع مكوناتها، ومؤازرة كل مجهود يبذل لهذا الغرض، بتنمية التعاون الدولي وتطوير مجالاته، كرافد للارتقاء بأداء أنظمة العدالة، يتيح تبادل التجارب والخبرات، واكتشاف الممارسات الفضلى التي يمكن الاستفادة منها والاستئناس بها”.
كما ينسجم مع الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في أشغال الدورة الثانية للمؤتمر الدولي للعدالة المنعقد بمراكش يومي 21 و22 أكتوبر 2019، إذ ورد في مقتطف منها: “ندعو لاستثمار ما توفره الوسائل التكنولوجية الحديثة من إمكانيات لنشر المعلومة القانونية والقضائية، وتبني خيار تعزيز وتعميم لامادية الإجراءات والمساطر القانونية والقضائية، والتقاضي عن بعد، باعتبارها وسائل فعالة تسهم في تحقيق السرعة والنجاعة… مع الحرص على تقعيدها قانونيا، وانخراط كل مكونات منظومة العدالة في ورش التحول الرقمي…”. بالإضافة إلى التزامات الحكومة، خصوصا بعد التجربة التي فرضتها حالة الطوارئ الصحية ببلادنا، ومنها كذلك المخطط التوجيهي للتحول الرقمي للعدالة بالمغرب الذي عرضه معالي وزير العدل يوم 02 يوليوز 2020 على أنظار المجلس الحكومي” بتعبير البلاغ.
وقد تدارست أشغال هذه الندوة الدولية هذا الموضوع في أربع جلسات علمية تضمنت أربعة محاور أساسية تشكل قطب الرحى في مجال العدالة الجنائية الرقمية؛ “أولها: تطوير أساليب الوقاية من الجريمة ذات الصلة بالفضاء الرقمي وآليات رصدها ومكافحتها، ثانيا: تعزيز دور القضاء وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة من منظور العدالة الرقمية، ثالثا: ضمان نجاعة آليات العدالة الجنائية وتحديثها لمواكبة التطور الرقمي، وأخيرا تفريد المعاملة العقابية وتفعيل البدائل الحديثة للعقوبات السالبة للحرية”.
وقد شكلت، وفق المصدر ذاته دائما، أشغال هذا اللقاء العلمي المتميز فرصة سانحة أمام نساء ورجال القانون والقضاء والخبراء والأكاديميين، “للمساهمة في إثراء النقاش، والتداول في الممارسات الفضلى، وتبادل الخبرات، وابتكار حلول جديدة وواقعية، للخروج بمقترحات وتوصيات من شأنها أن تساهم لا محالة في تطوير وتنمية مجال العدالة الجنائية، ولربما قد تكون موردا سينهل منه كل مهتم أو دارس وباحث في المجالات ذات الاهتمام المشترك”.