الأربعاء 05 غشت 2020 – 09:24
قالت حكومة الشباب الموازية إن “الاختلالات التي تعرفها منظومة التخطيط الحضري ترجع بالأساس إلى الإطار القانوني المنظم للتخطيط الحضري في المغرب، خاصة القانون رقم 12-90 الخاص بالتعمير ومراسيمه التنفيذية، الذي أصبح متجاوزا بعد تطبيقه لأكثر من 30 عامًا؛ ومن ثمة لم يعد بإمكانه موازاة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمجالات”.
وأضافت الحكومة الشابّة، ضمن مذكرة حول التعمير والتهيئة المجالية ما بعد كوفيد-19، أن المغرب “على مشارف صياغة نموذج تنموي جديد، ومع اقتراب الرفع التدريجي للحجر الصحي فهذه فرصة حقيقية لإصلاح عميق لنظام التخطيط الحضري والمجالي”، لافتة إلى أن “المشهد الحضري المغربي يعرف كتلة من الاختلالات”.
وتورد المذكرة المثال بكون “التحول الديمغرافي المقترن بالهجرة القروية ينتج عنه زحف عمراني غير معقلن، وتفاوتات اجتماعية ومجالية أكثر حدة، بالإضافة إلى نقص في التجهيزات الأساسية، واستنزاف الموارد الطبيعية والأوعية العقارية، وزيادة الهوة بين المناطق الحضرية والقروية، ما يؤدي إلى اختلال مجالي ديمغرافي واقتصادي”.
كما أشارت حكومة الشباب الموازية إلى “قدم وتدهور البنية التحتية الطرقية التي لم تعد تتوافق مع القدرة الاستيعابية للمدن، إلى جانب ضعف وسائل النقل العام، وأزمات التنقل التي تسبب المزيد من التلوث، وتؤثر بشكل سلبي على الصحة العامة وعلى البيئة؛ ناهيك عن ترسانة قانونية غير مواكبة للعصر، ما يجعلها السبب الأساسي لمشاكل التعمير”.
وتقترح المذكرة مخططا للنهوض بقطاع التعمير والتهيئة المجالية، يقوم على التعمير التفاوضي؛ من خلال تعديل القانون 12-90 الخاص بالتعمير، إذ ترى أنه يجب “إحداث لجنة خاصة لتتبع وتفعيل مضامين وثائق التعمير، وتغيير مدة صلاحية وثائق التعمير، وضمان التقائية السياسة المتعلقة بالضرائب والسياسة التعميرية”.
ويرتكز المخطط المقترح، كذلك، على التعمير الذكي، عبر إدراج المقاربة التكنولوجية من أجل تصور مبتكر لبيئة عيش المواطن، نظرا للتحديات التي تواجه المجال؛ سواء المخاطر الطبيعية، أو التكنولوجية، أو الصحية، أو الأمنية، أو التوسع العمراني غير المعقلن، موردا أن التحول الرقمي للمجالات أمر حتمي، خاصة مع ظهور مفهوم المدينة الذكية “smart city”.
وينادي المخطط بالحد من التوسع العمراني بطرق علمية، مشيرا إلى أن “المغرب يعرف توسعا عمرانيا متسارعاً، فالأرقام تشير إلى أن ما يقارب ثلثي السكان يعيشون في المجالات الحضرية، وهذه النسبة مرشحة لتصل إلى 75 في المائة بحلول سنة 2035″، داعيا إلى الاعتماد على مقاربات علمية دقيقة لمعرفة منحى توطين الإسقاطات الديمغرافية، وتوجيهها نحو المناطق المؤهلة لاستقبال الساكنة.
كما تقترح الوزارة الشابة المكلفة بإعداد سياسة التراب الوطني والتعمير في حكومة الشباب الموازية ما أسمته “التعمير الآمن”، الذي يهدف إلى “تعزيز الأمن الحضري، والحد من انتشار العنف والانحراف، من خلال اعتماد تصميم للأمن الحضري المحلي للمدينة أو الحي، يمكن من توطين المناطق التي تعاني من انعدام للأمن في المجال الحضري، وكذا استباق سيناريوهات التدخل”، بتعبير المذكرة.
وتشير الوزارة الشابة، أيضا، إلى ما يسمى “التعمير والتنقل الإيكولوجي”، عبر إنجاز تصميم للتنقل الإيكولوجي، وذلك بهدف تخفيف الضغط على وسائل النقل العام، وضمان الامتثال لتدابير حماية الأفراد، خاصة التباعد الاجتماعي الذي يصعب ضبطه في وسائل النقل العام.
وتتضمن المذكرة ما أطلقت عليه حكومة الشباب الموازية مصطلح “التعمير المواطن”، بواسطة خلق مجلس شباب المدينة، الرامي إلى إدراج الشباب كشريحة مجتمعية نشيطة في اتخاذ القرار حول مستقبل فضاءات العيش، من خلال إنشاء مجلس للشباب في المدينة، بما يتماشى مع توصيات قمة إفريقيا التي عقدت في 2018، التي تدعو إلى إشراك الشباب في بناء المدينة.
وتلفت المذكرة إلى أهمية “التعمير التنافسي”، من خلال استجابة التخطيط الحضري لمتطلبات إنعاش الاستثمار؛ ومن ثمة ينبغي إعداد دليل للمستثمر، يهدف إلى تعزيز مقومات المجال وتحسين جاذبيته، عبر تحديد موقع المناطق الصناعية والزراعية واللوجستيكية والتجارية والخدماتية، لكي يسهل على المستثمر إيجاد مجال مناسب لاستقبال مشروعه.
وتشدد الوزارة الشابة على أهمية الوظيفة السكنية للتعمير، موردة أن “السكن حق دستوري مازال بعيدا عن متناول الطبقة المتوسطة في المغرب، التي تشكل 58.7٪ من السكان حسب تقرير المندوبية السامية للتخطيط سنة 2014؛ فالفجوة بين أسعار العقار والدخل الفردي لا تزيد إلا اتساعا بسبب الزيادة السريعة في أسعار السكن (سوق البيع والإيجار)”.
وترى المذكرة أنه يجب إعمال “التعمير المرن”، عبر تطبيق ما تسمى “المرونة الصحية”؛ ذلك أن انتشار الفيروس كشف عن ضعف النظم الصحية في المدن حول العالم، وأظهر صعوبة التعامل مع هذا الفيروس، وتقليل التأثير الهائل على الجانب الإنساني والاقتصادي والاجتماعي، مشيرة، كذلك، إلى ما تسمى “المرونة التكنولوجية”؛ فالثورة الرقمية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بشبكات المعلومات والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، ما يتطلب تصميم أنظمة أمنية قوية ومقاومة للهجمات على الكمبيوتر.
أما في ما يتعلق بالتعمير على مستوى الأحياء فإن المذكرة تدعو إلى العمل على تطوير الأحياء وجعلها أكثر مرونة في هذا النوع من الأزمات، بواسطة إحياء الفضاءات العامة بتكلفة منخفضة، وإعادة النظر في السكن الجماعي والفردي، باعتباره الوظيفة السائدة في الأحياء.
وتلفت المذكرة إلى محور التنمية في العالم القروي، مؤكدة ضرورة “إرساء سياسة عمومية للعالم القروي تتمحور حول الرأسمال البشري، من أجل توحيد رؤية جميع الفاعلين وضمان التقائية البرامج التنموية الحالية، بهدف خلق أقطاب تنموية تنافسية بالعالم القروي، وتفعيل أسس اقتصاد قروي قائم بذاته لا يعتمد فقط على النشاط الفلاحي”.