رسم فنان صورة توضيحيّة لصاروخٍ ينقل على متنه البشر إلى الفضاء. (حقوق الصورة: NASA/John Frassanito and Associates©)
 

قد يكون هذا أقل تكلفةٍ و أكثر سرعة حيث تكون الرحلة إلى كوكبين بتكلفة رحلةٍ إلى كوكبٍ واحد.

يبدو أن طريق كافة الرحلات البشريّة يؤدي إلى كوكب المريخ، منذ عقودٍ حتى الآن كان هو الوجهة المنطقية التالية بعد القمر. في حال كنت رائد فضاء أو رجل فضاء وفي طريقك من او إلى المريخ، فقد تتوقف فجأة على طول الطريق عند: كوكب الزُهرة.

قال ناعوم إيزنبيرج Noam Izenberg، عالم جيولوجيا الكواكب بجامعة جونز هوبكنز لموقع Space.com: يمكن للرحلة من وإلى المريخ أن تتم بشكل اسرع وارخص إذا كانت “تنطوي على التحليق إلى كوب الزُهرة على طريق الرحلة من وإلى كوكب المريخ.”

إيزنبيرغ هو واحدٌ من مجموعة من العلماء والمهندسين الذين يدعون طاقم بعثة المريخ أن يقوم بزيارة الزُهرة أيضاً. أعدت هذه المجموعة من الباحثين حلقة بحثية لدراسة الموضوع، لعرضها للمراجعة في مجلة Acta Astronautica. وفقاً لما جاء في البحث، فإن اعتبار كوكب الزُهرة كمحطة للانطلاق التالي إلى المريخ ليس مجرد خيارٍ بل هو جزءٌ أساسيٌّ من مهام البعثة المأهولة إلى المريخ.

صرّح كيربي رانيون Kirby Runyon، عالِم جيوكومورفولوجيا الكوكبي في جامعة جونز هوبكنز، وهو من فريق الباحثين الذين أعدّوا الحلقة البحثيّة، لموقع Space.com: “الزُهرة هي طريقة الوصول إلى المريخ”.

هناك خياران للتنقل بين الأرض والمريخ، الخيار الأول والأبسط، هو أن تكون مهمة اثناء فترة الاندماج، حيث تحلق المركبة الفضائية بين الكواكب عندما تصطف في مداراتها، وبعد الوصول إلى المريخ، سيحتاج روّاد الفضاء أن تعاود الكواكب الاصطفاف مرة أخرى قبل أن يتمكنوا من العودة إلى الأرض، قد يستغرق هذا الإنتظار ما يقارب عامٍ ونصف.

أما الخيار الثاني هو مهمة المقاومة حيث يقذف كوكب الزُهرة المركبة الفضائية بإستخدام جاذبيته لتغير مسارها، وذلك إما في طريقها الى المريخ او في رحلة العودة منه، فإن استخدام كوكب الزُهرة لجاذبيته كعامل مساعد من شأنه أن يقلل بشكل كبير من كمية الطاقة اللازمة للرحلة، وكذلك توفير الوقود والوزن، وبالتالي توفير في التكلفة، هذا الخيار هو الذي يدعمه هؤلاء الباحثون.

مخطط لصورة مقطعية لصاروخ مستوحى من مهمة أبولو يمكنه نقل البشر مروراً بكوكب الزُهرة. (حقوق الصورة: NASA)

مخطط لصورة مقطعية لصاروخ مستوحى من مهمة أبولو يمكنه نقل البشر مروراً بكوكب الزُهرة. (حقوق الصورة: NASA)

أوضح بول بيرن Paul Byrne عالم جيولوجيا الكواكب بجامعة ولاية نورث كارولينا وهو أيضاً أحد أعضاء فريق إعداد الحلقة البحثيّة لموقع Space.com قائلاً: “ستكون الجاذبية في خدمتنا في حال قمنا بالتحليق من الزُهرة ومن ثمّ إلى المريخ وهذا هو الخيار الأفضل.”

قد تبدو مهمة فترة الاندماج على الورق أبسط مما هي عليه في الواقع، لكن فرص عمليات التنقل هذه قليلة ومتباعدة، حيث تتم محاذاة مدارات المريخ والأرض فقط للسماح بمهمة الاقتران كل 26 شهراً. في المقابل، يمكنك أن تفكر نظرياً في البدء بمهمة المقاومة كل 19 شهراً.

علاوة على ذلك، ستسمح بعثات المقاومة بإقامات أقصر بكثير في المريخ؛ ما يُمكّن روّاد الفضاء من الذهاب في رحلات قصيرة الأمد لمدة شهر واحد، على عكس بعثات الاندماج والتي تستغرق السنة والنصف، في حين أن المقدار الفعلي للوقت الذي قد تستغرقه هذه الرحلة يمكن أن يكون أطول، فإن إضافة الزهرة إلى خطة رحلة المريخ تعني أن رواد الفضاء يمكن أن يعودوا إلى الأرض قبل عامٍ واحد.

بالإضافة إلى ذلك، في حال حدوث خطأ ما أثناء هذه المهمة، فإن الذهاب إلى الزهرة أولاً يسمح بإمكانية تغيير المسار بسرعة والعودة إلى الأرض في إطار زمني أقصر بكثير من مهمة الاندماج.

على حد تعبير رانيون: “إنك بهذه الفرضية تبسط بشكلٍ كبير لوجستيات الرحلة إلى كوكب المريخ، خاصة من منظور صحة الطاقم.” إلا أن إيزينبيرغ وزملاؤه لا يعدون كوكب الزُهرة كمحطة وقوفٍ مؤقتة، بل يعتقدون أنَّ الزُهرة وجهة قيّمة لهم. أضاف بيرن: “لدينا إدراكٌ أن البعثة المأهولة إلى كوكبين معاً ستكون بتكلفةٍ أقل من بعثتين منفصلتين”.

التقطت المسابر الآليّة كمية لا تصدق من البيانات خلال عمليّات الرصد في كوكب الزهرة، لكن يعتقد العلماء أن زيارة كوكب الزهرة بمهمةٍ مأهولة ستفتح أمامهم سُبلاً جديدة، خاصة إذا كان هؤلاء الروّاد سيجلبون معهم المسابر أو العربات الجوّالة. كما أدلت مارثا جيلمور Martha Gilmore، وهي عالمة في جيولوجيا الكواكب في جامعة ويسليان، وليست ضمن الفريق المشارك في إعداد الحلقة البحثيّة بتصريحها لموقع Space.com: “ما يمكن للبشر القيام به بصورةٍ أفضل من المعدات الآلية هو الاستجابة لعمليات الرصد أثناء الرحلة”

رسم تخطيطي يوضح المسار المحتمل لبعثة الطاقم من الزهرة ومن ثمّ المريخ. (حقوق الصورة: (Izenberg, et. al./(JHUAPL)

رسم تخطيطي يوضح المسار المحتمل لبعثة الطاقم من الزهرة ومن ثمّ المريخ. (حقوق الصورة: (Izenberg, et. al./(JHUAPL)

لا يتعين على روّاد الفضاء التعامل مع الفارق الزمني والذي يتراوح في أي مكانٍ بين 5 و 28 دقيقة، وذلك بفضل الوقت الذي يستغرقه الضوء للسفر بين الأرض والزُهرة. لذلك، وفقاً لرانيون “فقد يتمكن الطاقم من السيطرة على المركبات على سطح الكوكب وعلى الطائرات في الجوّ في الوقت الفعلي وذلك باستخدام سماعة رأس الواقع الافتراضي ومقبض التوجيه.”

وأضاف إيزنبيرج: “لن تتمكن من تحقيق النتائج بسهولة إذا فعلت ذلك بمهمة آلية بحتة من الأرض.”

يعتقد فريق إعداد الحلقة البحثيّة أن فكرة تجريب الطائرات بدون طيار أثناء التحليق ليست مجرد حلم. ويقول رونيون: أنه في حال نظرت بين السطور، فستجد دليلاً على أنَّ ناسا تخطط لمهمة من نوع المقاومة. كما يشير تقرير وكالة ناسا الذي صدر في نيسان/ أبريل إلى “مهمات فئة المريخ لمدة عامين” كهدفٍ مستقبلي.

كما أفاد رانيون قائلاً: “بافتراض أن هذا التقرير يتحدث عن الدفع التسارعيّ للأحداث بأشكاله العاديّة، فإنَّ الطريقة الوحيدة للوصول إلى المريخ والعودة في غضون سنتين هو تضمين خطة التحليق إلى الزُهرة.”

nasainarabic.net