يوم أمس الثلاثاء، حُسم، رسميا، في تأكيد فشل نظام المساعدة الطبية “راميد”، الذي كانت تعوّل عليه الحكومة لتحسين الرعاية الصحية للفئات الهشة، بعد إعلان محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، أن النظام سالف الذكر سيُلغى، ليحُل محله التأمين الإجباري عن المرض.

ويندرج مشروع تمكين الطبقة الهشة من التأمين الإجباري عن المرض ضمن حُزمة القرارات المتعلقة بتعميم التغطية الاجتماعية التي أعلنها الملك محمد السادس في خطاب العرش الأخير، والتي سيتم تنفيذها بتدرج على مدى الخمس سنوات المقبلة.

وتبعا لذلك سيُطوى ملف “راميد”، الذي أثار جدلا واسعا، بعدما أظهرت جائحة “كورونا” بشكل أكبرَ قصورَه وعجزه عن تحقيق الهدف الإستراتيجي الذي وُضع من أجله؛ وهو تعميم التغطية الصحية لفائدة الفئات الهشة، انطلاقا من مبدأ المساعدة الاجتماعية والتضامن الوطني لفائدة المعوزين.

وبلغ عدد المغاربة الحاملين لبطاقة المساعدة الطبية “راميد” اثنيْ عشر مليون شخص؛ لكنّ نتائج هذا النظام الصحي المعتمد منذ سنة 2008 ظلت جدّ محدودة، ما دفع الملك محمدا السادس إلى دعوة الحكومة، سنة 2018، إلى تقويم الاختلالات التي تشوبه، وجاء خطاب العرش الأخير ليضع نهاية له.

وفيما لمْ يتّضح بعد التصوّر العام للتأمين الإجباري عن المرض الخاص بالمعوزين، يحذّر المتابعون لشؤون القطاع الصحي من أن يلقى هذا المشروع نفس مصير نظام المساعدة الطبية “راميد”، في حال إذا لم تلتزم الحكومة بتوفير الموارد المالية اللازمة لإنجاحه.

ويُعدّ ضعف التمويل من أبرز الأسباب التي أدّت إلى فشل نظام “راميد”، بينما يَنتظر النظام الجديد “التزاما ماليا حكوميا، أما إذا لم تكن الحكومة ستلتزم بتوفير الغلاف المالي لدفع مساهمات المعوزين في صندوق التأمين الإجباري عن المرض، فإن هذا المشروع سيكون مجرّد شعار”، يقول علي لطفي، رئيس «الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة».

وتنبع المخاوف من أن يَلقى التأمين الإجباري عن المرض الخاص بالمعوزين نفس مصير نظام “راميد”، أوْ تأخر أجْرأته في أحسن الأحوال، من كون التغطية الصحية الخاصة بالمستقلين وأصحاب المهن الحرة نفسُها لم تخرج إلى حيز الوجود بعد، على الرغم من صدور القانون المنظم لها ومراسيمه التطبيقية منذ سنة 2016؛ لكنها لا تزال حبرا على ورق.

وفيما تعذر لم يتسنّ الحصول على توضيحات من الوكالة الوطنية للتأمين الصحي حول طريقة استفادة الفئات المعوزة من التأمين الإجباري عن المرض، وما إن كان المستفيدون سيساهمون بنسبة معينة في الصندوق المؤمِّن لهم، رجّح علي لطفي أن تتولى الدولة دفع سومة سنوية عن كل مستفيد لصندوق التأمين الصحي الذي سيتولّى هذه العملية.

وفي حال وفّرت الحكومة الموارد المالية الضرورية لنظام التأمين الإجباري عن المرض الخاص بالمعوزين، وعددهم المتوقع هو اثني عشر مليونا، استنادا إلى عدد الحاملين لبطاقة “راميد” حاليا، فإنّ هذا النظام لن يواجه أيّة مشاكل ولن يعاني صندوق التأمين الذي سيضمن لهم التغطية الصحية من أي عجز، حسب توقع لطفي.

وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن جائحة “كورونا” وضّحت أن ضمان الحماية الاجتماعية، من تغطية صحية وتقاعد، لجميع المواطنين أمر حتمي، وأن الحق في الصحة هو واحد من أهم الحقوق الأساسية للإنسان، “ولا ينبغي أن يكون هذا الحق مجالا للمتاجرة أو التمييز بين المواطنين حسب طبقتهم الاجتماعية، بل يجب أن يكون حقا مكفولا للجميع”.

واعتبر علي لطفي، رئيس «الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة»، أن تمتيع جميع المواطنين المغاربة بالتأمين الإجباري عن المرض، كما دعا إلى ذلك الملك في خطاب العرش الأخير، “سيشكّل قفزة نوعية وتطوّرا مهما في مقاربة الحكومة لحق التغطية الصحية للمغاربة، بعدما كانت تَتخذ هذا الحق مثل صدقة تتصدق بها على المواطنين”.

hespress.com