مازالت العقوبات الزجرية المتعلقة بالمخالفاتِ لقانون حالة الطوارئ الصحية تثير تفاعلات على المستوى القانوني؛ إذ وجّه الوكيل العام للملك رئيسُ النيابة العامة، محمد عبد النباوي، دورية جديدة إلى الوكلاء العامين ووكلاء الملك، تتضمن مجموعة من الإجراءات المتعلقة بالتصالح بشأن خرق بعض التدابير المقررة في إطار حالة الطوارئ الصحية.

وكانت الحكومة قد عدّلت المرسوم بقانون 2.20.292 المتعلق بسَنّ أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، بمرسوم قانون آخر يحمل رقم 2.20.503، صدر يوم 7 غشت الجاري، يتيح إمكانية إجراء مصالحة بين الضابط أو العون الذي يعاين الجنحة من جهة، والشخص الذي ارتكبها من جهة أخرى.

وتتم المصالحة، وفق ما هو منصوص عليه في مقتضيات مرسوم قانون 2.20.503 مقابل أداء مرتكب جنحة مخالفة إجراءات حالة الطوارئ الصحية لغرامة تصالحية جزافية قدرها 300 درهم، تُؤدّى فورا، وتتم الإشارة إلى الأداء في المحضر الذي يحرره الضابط أو العون المُعاين للجنحة، وتُسلَّم نسخة من المحضر للمخالِف بمثابة وصْل الأداء.

التوجيهات الجديدة التي وجهها رئيس النيابة العامة إلى الوكلاء العامين ووكلاء الملك تضمّنتْ دعوة إلى تغليب قاعدة الصلح في قضايا مخالَفة قانون حالة الطوارئ الصحية؛ إذ حثهم على توجيه مصالح الشرطة القضائية إلى المبادرة، حين معاينتها مخالفات حالة الطوارئ الصحية، بعرض إمكانية التصالح بشأنها على الشخص المخالف، مقابل أدائه فورا لمبلغ 300 درهم، ويسلم له محضر يشار فيه إلى الأداء.

وحصرت رئاسة النيابة العامة مفهوم “الأداء الفوري”، في كونه “الأداء في الحال بين يدي الضابط أو العون الذي عاين الجنحة، أو بعد ذلك بوقت قصير جدا، يكون فيه المعني بالأمر بين يدي مصالح الشرطة القضائية”.

وفي حال عدم وقوع الصُّلح، برفْض المخالف الغرامة المترتّبة عن المخالفة المرتكَبة، فورا، فقد حث رئيس النيابة العامة الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية، في حالة تقديم المخالفين أمامهم، على تطبيق مقتضيات الصلح الجنائي المنصوص عليه في المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية.

وتسمح المادة المشار إليها بالتصالح في مثل هذه الحالة مع المخالف الذي يرفض أداء الغرامة الجزافية التي حددتها الحكومة في 300 درهم، مقابل أداء غرامة لا تتجاوز 650 درهما. وأشارت دورية رئيس النيابة العامة إلى أن هذه الغرامة التصالحية هي نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة في المرسوم بقانون المتعلق بحالة الطوارئ الصحية (1300 درهم).

ويظهر من خلال الدورية الجديدة أن رئاسة النيابة العامة تسعى إلى إقامة نوع من “المساواة في العقاب” بين المخالفين لقانون حالة الطوارئ الصحية؛ ذلك أنّ منهم مَن يستطيع أداء غرامة 300 درهم فورا، في حين إن آخرين قد لا تسعفهم ظروفهم على أداء الغرامة فورا، لسبب من الأسباب، وهو ما يجعلهم أمام المتابعة القضائية ووضعهم تحت تدابير الحراسة النظرية.

ويتطلّب أداءُ الغرامة التصالحية بالنسبة للمخالفين الذين يرفضون أداء الغرامة لحظة معاينة المخالفة، وإحالة محضر المخالفة على النيابة العامة، موافقةَ المُخالف؛ وفي حالة أدائه لغرامة 650 درهما، فإن من شأن ذلك إيقاف سيْر الدعوى العمومية، وتجنُّب صدور حكم قضائي من الممكن أن يُقيّد بالسجل العدلي الخاص به.

وعلى الرغم من أن دورية رئيس النيابة العامة تحمل دعوة إلى “تغليب الصلح”، إلا أنها تضمّنت أيضا توجيهات بتطبيق القانون “رعيا للمصلحة العامة وتوخيا للردع الخاص والعام”، حيث دعا المسؤولين القضائيين المعنيين إلى “الاضطلاع بصلاحياتكم القانونية في حالة عدم الأداء الفوري لمبلغ الغرامة التصالحية”.

وفي هذه الحالة، فإن الوكلاء العامين ووكلاء الملك يعطون التعليمات القانونية اللازمة والملائمة لضابط الشرطة القضائية المختص حول الكيفية التي يتعين أن يحال بها محضر معاينة الجنحة عليهم، خاصة في الشق المتعلق بما إن كان الأمر يتطلب إيداع المخالف رهن الحراسة النظرية وفقا لمقتضيات حالة التلبس بالجنحة، بمجرد عدم الأداء الفوري للغرامة الجزافية التصالحية، أو إحالة المحضر على شكل “معلومات قضائية”.

hespress.com