الخميس 10 شتنبر 2020 – 07:50
تعيش العشرات من الأسر بالجماعة الترابية بوتفردة، الواقعة في نفوذ إقليم بني ملال، وضعا “صعبا” جراء غياب الماء الصالح للشرب وبُعد منبعه عن المنازل، يزيد من محنة الساكنة بعدد من دواوير هذه المناطق الجبلية.
حسن أبقي، طالب جامعي يقطن بدوار إضيس بجماعة بوتفردة، قال في تصريح لهسبريس إن “الحياة أضحت صعبة جدا في ظل هذا الوضع المتسم بغياب الماء الكافي للشرب”، مضيفا أن “همّ الناس بات يتلخص في البحث عن جرعة ماء عوض التطلع الى حياة أفضل إسوة بباقي المناطق الأخرى”.
وتابع أبقي أن “مئات الأسر بمناطق جبلية تابعة لإقليم أزيلال، أو ما كان يسمى بالمغرب العميق، استفادت من الربط الفردي بالماء ومن الكهرباء والمسالك الطرقية، في الوقت الذي ما تزال فيه العشرات من الدواوير التابعة إداريا لإقليم بني ملال تنتظر منذ سنوات مبادرة جادة من المسؤولين لوقف هذه الحياة المأساوية”.
وبهذه المناطق التي تشكو من غياب الماء والكهرباء والمسالك، إلى جانب كل متطلبات الحياة الأساسية، بحسب المتحدث ذاته، “لا تطالب الساكنة بالكماليات، إنما بالماء جوهر الحياة وأساسها”، معتبرا أن “لا شيء أهم لنا ولأسرنا من الماء في الوقت الراهن”.
وطالب لحسن الكندي، مستشار جماعي سابق، بتنزيل بعض البرامج الإنمائية لتحسين ظروف عيش الساكنة، مثيرا انتباه السلطات المعنية إلى تداعيات غياب الماء الشروب على قاطني المنطقة الذين “فضّل كثيرون منهم الرحيل إلى حواشي المدن والمراكز الحضرية”.
وشدد الكندي على “ضرورة الإسراع في إيجاد حل لمشكلة الماء الصالح للشرب لحماية ساكنة دائرة إضيس من العطش، ومن معاناة التنقل لجلب المياه من منبع يتواجد على بعد أزيد من ثلاثة كيلومترات وسط غابة كثيفة تثير الخوف وسط النساء اللواتي غالبا ما يتكلفن بمهمة السقي والغسيل”.
وذكر أبقي، الطالب الجامعي، أن “هناك من الساكنة من ينتظر ساعات أمام الخزانات البلاستيكية دون أن يحصل على جرعة ماء، ما يعني أن مشروع الشاحنات المتنقلة غير مجدٍ ويتسبب في أزمات نفسية للأسر المتضررة التي تُضيع من وقتها الكثير بُغية الحصول على بضعة لترات من الماء لا تكفي للشرب، فما بالك بباقي الاستعمالات الأخرى”.
ويطالب العشرات من الشباب الذين رافقوا هسبريس إلى منبع مائي يبعد عن الساكنة بحوالي ثلاثة كيلومترات بـ”ضرورة العمل على ضمان وصول هذه المادة الحيوية إلى المنازل بوتيرة يومية ودائمة، وذلك عبر إحداث صهريج مائي بتجهيزات أساسية وقنوات للربط قد توقف رحلات جلب الماء السيزيفية”.
وفي السياق ذاته، دعا العمراوي موحا، واحد من قاطني دوار إضيس، إلى ربط منازل إضيس بشبكة الكهرباء، واصفا مشروع الطاقة الشمسية الذي استفادت منه الساكنة بالمهم، “إلا أن مفعوله يبقى ضعيفا، خاصة في موسم الثلوج، حيث يضطر المواطن إلى الاستعانة بالخشب وقنينات الغاز”.
[embedded content]
وفي تصريحات متطابقة لهسبريس، اعتبر المتدخلون “سياسة الوعود” التي تنهجها المجالس الجماعية على امتداد سنوات سببا في رحيل العشرات من الأسر بعيدا عن هذه المنطقة التي يقولون إنها تزخر بمؤهلات طبيعية هامة لو تمّ استثمارها بشكل جيد لكانت لها أثار إيجابية على الساكنة، مشيرين إلى أن “أزمة الماء على سبيل المثال لا تتعلق بضعف الفرشة المائية أو نقص في مياه الآبار، إنما فقط بغياب التجهيزات وضعف التدبير”.
وأثار المتدخلون انتباه السلطات إلى أنه في غياب حلول واقعية لمشكل الماء الشروب، تبقى حقوق النساء والأطفال في العيش الكريم مثار أسئلة مقلقة، ما دام الحديث عن صون كرامة المرأة والطفل في ظل هذا الواقع المأساوي لا يتجاوز هذه الجبال الشامخة التي تصدح بأنين أمهات أفنين أعمارهن بحثا عن جرعة ماء بين الشعاب والكهوف في زمن الألفية الثالثة.
وفي تعليقه على الموضوع، أوضح كمان زايد، رئيس جماعة بوتفردة، أنه منشغل “جدا” إلى جانب السلطات الإقليمية بالماء الشروب بدوار اريران ودوار إضيس، وقد أجرى خلال الأيام الأخيرة الماضية عدة اتصالات مع جهات مختصة حول الموضوع ذاته.
وذكر رئيس الجماعة الترابية ذاتها أن “السلطات الولائية قامت بعدة مبادرات في هذا الإطار، حيث أشرفت على حفر 5 ثقوب مائية بمناطق مختلفة تبيّن في الأخير أن البعض منها غير مجدٍ والآخر غير كافٍ بسبب ضعف الفرشة المائية”، مضيفا أن الجماعة قامت، هي الأخرى، في الإطار نفسه، بحفر بئر يقترب عمقه من 200 متر، إلا أن المشروع توقف بعد صرف الاعتمادات المخصصة له.
وأكد المسؤول ذاته أن السلطات الولائية تتابع عن كتب موضوع الماء الشروب الذي أضحى إكراها بعدد من الدواوير جراء قلة التساقطات المطرية، ما أثر على الفرشة المائية، وتسبب في هذه الوضعية الصعبة.