الخميس 08 أكتوبر 2020 – 18:25
في تفاعل مع الخرجات الإعلامية الأخيرة لحارس الأمن السابق حسن الكرواني، المحال على التقاعد لأسباب صحية، أوضح مصدر أمني أن المديرية العامة للأمن الوطني تجاوبت في العديد من المناسبات مع ملتمسات المعني بالأمر، وأنها كانت حريصة على تمكينه من المساعدات الضرورية الممكنة في إطار ما يسمح به القانون وتتيحه المقتضيات التنظيمية ذات الصلة.
مُدخلات أساسية لفهم القضية
وأكد المصدر الأمني أن قرار الإحالة على التقاعد لأسباب صحية يقرره المجلس الصحي التابع لوزارة الصحة ولجنة الإعفاءات، وذلك بعد الاطلاع على وضعية الموظف والشواهد الطبية المدلى بها؛ وهو قرار يكون ملزما للمديرية العامة للأمن الوطني متى كان الموظف غير قادر تماما على النهوض بالأعباء الوظيفية التي تفرضها مهام الشرطة.
ويجد هذا الموضوع تقعيده القانوني في أحكام المادتين 45 و45 مكرر من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، حيث تنص المادة الأولى على أن “الموظف الذي أصيب بمرض أثناء أو بمناسبة مزاولة عمله أو على إثر حادثة سير وقعت له أثناء أو بمناسبة عمله، تقاضى مجموع أجرته إلى أن يصير قادرا على استئناف عمله أو إلى أن يتم الاعتراف نهائيا بعدم قدرته على العمل ويحال على التقاعد وفق الشروط المنصوص عليها في القانون”.
أما المادة 45 مكرر من القانون نفسه، فتنص على ما يلي: “إذا لاحظ المجلس الصحي، وقت انقضاء الرخصة لأسباب صحية، أن الموظف غير قادر نهائيا على استئناف عمله، أحيل المعني بالأمر على التقاعد إما بطلب منه أو تلقائيا”.
واستنادا إلى هذه المقتضيات القانونية، يؤكد المصدر الأمني أن قرار إحالة مقدم الشرطة السابق حسن الكرواني على التقاعد لأسباب صحية هو قرار طبي ملزم لإدارة الأمن الوطني، بدليل أحكام المادتين 10 و13 من المرسوم الذي يحدد كيفية تطبيق النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية في الشق المتعلق بالرخص لأسباب صحية.
كما أن هذا القرار يجعل ملتمس المعني بالأمر الرامي إلى الالتحاق مجددا بصفوف الأمن الوطني في وظيفة مكتبية غير ممكن من الناحية القانونية والعملية، وهو ما استقر عليه الاجتهاد القضائي الإداري بالمغرب، إذ سبق لمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط في قرارها الصادر بتاريخ 19 نونبر 2014 أن قضت برفض طلب شرطي محال على التقاعد لأسباب صحية، معللة حكمها بأن “مرفق الأمن الوطني ينفرد بخصوصيات تفرض على المنتمي إليه أن يكون في وضعية صحية جيدة تلزمه بالتدخل لحماية الأشخاص والمؤسسات، ولو خارج أوقات العمل. وحيث إن استعانة الطاعن في نازلة الحال بكرسيّ متحرك للقيام ببعض المهام، والتماس إعادة تأهيله، بما يجعله غير قادر على ممارسة مهام ذات الصلة بالأمن الوطني”.
وأردف المصدر الأمني تصريحه بأن النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية الذي يؤطر وضعيات جميع الموظفين العموميين، بمن فيهم موظفو الأمن الوطني، حدد في الفصل 76 منه حالات الانقطاع النهائي عن العمل، الذي يؤدي إلى الحذف من الأسلاك وفقدان صفة الموظف، في ما يلي: “الاستقالة المقبولة بصفة قانونية؛ والإعفاء؛ والعزل؛ وأخيرا الإحالة على التقاعد، سواء لأسباب صحية أو بسبب بلوغ السن القانوني”. وتأسيسا على هذا المقتضى القانوني، فإن الموظف المتقاعد يفقد قانونيا وتنظيميا صفة “الموظف” وتكون وضعيته المالية موكولة إلى صندوق التقاعد وليس للإدارة التي كان ينتمي إليها.
وختم المصدر الأمني تصريحه في هذا الصدد بالتأكيد على أن تقدير قيمة مبلغ التقاعد الشهري لا تتدخل فيه المديرية العامة للأمن الوطني، وهي غير مسؤولة نهائيا عن تقدير الراتب الذي يتقاضاه الشرطي المعني، وإنما صندوق التقاعد هو الذي يحدد ذلك على ضوء معطيات كثيرة من بينها سنوات الخدمة الفعلية والراتب السابق ومدة العجز، مضيفا (أي المصدر الأمني) بأن الموظف المتقاعد حسن الكرواني كان قد خدم ثلاث سنوات فعلية عندما وقعت له حادثة السير المؤسفة.
توضيحات
ولتوضيح بعض مكامن سوء الفهم التي طالت وضعية الموظف المتقاعد حسن الكرواني، أبرز المصدر الأمني أن المعني “لم يشتغل نهائيا ضمن مديرية أمن القصور والإقامات الملكية التي تشرف على الأمن الخاص لجلالة الملك نصره الله وأيده، كما أنه لم يسبق له أن اشتغل ضمن الوحدات الأمنية المرافقة لجلالته”.
“فالموظف المذكور كان يعمل ضمن قسم الأسفار الرسمية التابعة لمديرية الأمن العمومي، برتبة حارس أمن، ولم يسبق له أن اشتغل في أي وقت من الأوقات ضمن مديرية أمن القصور والإقامات الملكية كما يتم الترويج لذلك بشكل مغلوط”، يشدد المصدر الأمني، الذي دحض، بشكل قاطع، المزاعم والادعاءات التي تحدثت عن “إصلاح السيارة التي كان على متنها المعني بالأمر ساعة الحادثة، واستبدال عجلاتها بعين المكان”.
وتابع أن هذه الاتهامات خطيرة وترتب المسؤولية الجنائية لصاحبها، إذ ينفيها محضر سرية الدرك الملكي التي عاينت الحادثة ووثقت وضعية العجلات، وكذا الخبرة التي أجرتها لجنة مركزية من المديرية العامة للأمن الوطني، كما يفندها أيضا محضر “إخراج السيارة من الخدمة نهائيا” لكونها لم تعد صالحة للاستعمال، بخلاف ما يتم الترويج له زورا بأن السيارة تم إصلاحها في اليوم نفسه بمدينة طنجة.
وبخصوص تصريحات الموظف المتقاعد من كونه “لم يستفد من حصص الترويض الطبي”، يؤكد المصدر الأمني أن مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية سددت جميع مصاريف الأدوية التي تلقاها المعني بالأمر، وسددت أيضا مبالغ حصص الترويض داخل المستشفى التي ناهزت 104 آلاف درهم، وأشرف عليها مركز الترويض نور الكائن مقره الاجتماعي بمدينة بوسكورة، وهي أمور موثقة بسجلات وفواتير يمكن الرجوع إليها عند الاقتضاء.
مساعدات مالية وتحفيزات إدارية
أكد المصدر الأمني أن المديرية العامة للأمن الوطني بذلت جميع المساعي الممكنة قانونا وتنظيميا لمساعدة الموظف المتقاعد حسن الكرواني، توطيدا منها للعناية الموكولة لأسرة الأمن الوطني، إذ قامت بترقيته إلى رتبة مقدم شرطة في فاتح يناير 2016، على الرغم من أنه كان في وضعية استيداع مرضي طويل الأمد منذ سنة 2013، أي منذ تاريخ الحادثة. كما أن مصالح الأمن الوطني واصلت صرف بعض المساعدات المالية للمعني بالأمر، على الرغم من انقطاع علاقته الإدارية بالمرفق العام الشرطي بمنطوق المادة 76 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية.
فعلى الرغم من قرار المجلس الطبي القاضي بإحالة المعني بالأمر على التقاعد في دجنبر 2016، فقد استقبلته مصالح المديرية العامة للأمن الوطني في العديد من المناسبات بعد هذا التاريخ، وصرفت له مساعدات مالية عديدة تراوحت ما بين 10 آلاف و50 ألف درهم، فضلا عن اقتناء كرسي متحرك لمساعدته على التنقل بمبلغ 23 ألفا و310 دراهم.
وختم المصدر الأمني تصريحه بالتأكيد على أن المديرية العامة للأمن الوطني لا يمكنها قانونا الاستجابة لطلبات المعني بالأمر، المتمثلة أساسا في إرجاع راتبه الشهري؛ لأن ذلك من اختصاص صندوق التقاعد ويخضع لأحكام تنظيمية ومالية محددة. كما لا يمكنها أيضا تلبية طلبه، الذي يلتمس فيه إرجاعه إلى وظيفته الأصلية؛ لأنه أحيل على التقاعد من طرف المجلس الطبي لأسباب صحية.