سجال داخلي جديد تعيشه الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أكبر تنظيم حقوقي في البلاد، عقب تسريب مراسلة داخلية وجهها العديد من الأعضاء إلى الأجهزة التقريرية، قصد التداول في نقاط متفرقة، تهم المواقف من قضايا آنية، وبعض التفاصيل المالية.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها تشنج تنظيمي داخل الجمعية، خصوصا في ملفات الصحافي سليمان الريسوني، كما يطرح أعضاء من الجمعية خلافات بين النهج والطليعة داخليا، وهو ما ينفيه عزيز غالي، رئيس “AMDH”.

وفي المراسلة الداخلية التي سربت تطرق 17 عضوا في اللجنة الإدارية لما رصدوه من “تجاوزات”، على حد تعبيرهم، لتتم برمجة لقاءات عاجلة بين جميع الأعضاء لتبديد الخلافات الحاصلة، وفق مصادر من داخل الجمعية الحقوقية المغربية.

لا وجود لصدامات

عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أورد أن “الأمر لا يصل بتاتا إلى مستوى الصدام، فكل ما في ذلك نقطة نظام طرحها رفاق وستناقش بشكل داخلي”، مسجلا أن الأمر يدل على الحيوية والغيرة التي تطبع علاقة الأعضاء بإطارهم الحقوقي.

وأضاف غالي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “لا وجود لانسحابات في صفوف الجمعية، بل هناك من جمد عضويته، وفي غضون الأيام القليلة المقبلة سيكون هناك لقاء بين جميع الأطراف”، مؤكدا أن الجمعية ترحب بالاختلاف وحرية التعبير.

وأوضح رئيس أكبر جمعية حقوقية مغربية أن اجتماع اللجنة الإدارية الماضي شهد حضور 75 عضوا من أصل 96، أي 20 غائبا، 16 منهم كانوا في اللائحة، مشيرا إلى أن اجتماعات الجمعية لا تتم بمنطق “قوالب السكر”، بل هناك اختلافات وسجالات بينية، وفق تعبيره.

وأردف المتحدث بأن الكل مصر على ضمان استمرارية روح الجمعية، شارحا أن غياب اللقاءات الحضورية عمق بدوره السجال الحاصل، ومذكرا بالاجتماعات السابقة التي كانت تشهد نقاشات قوية لكنها تنتهي بالتوافق بين جميع الأعضاء.

وأكمل غالي قائلا: “أهم نقطة أن النقاش يدور تحت خيمة الجمعية”، منبها إلى كون هذا لا يجري في باقي الإطارات، وزاد: “مررنا بنقاشات أصعب أبرزها الصحراء، وتمكنا من الخروج بمواقف قوية”، مؤكدا أن الخط الأحمر الوحيد هو وحدة الجمعية.

وأشار غالي إلى أن الجمعية تصدر 5 بيانات كل نصف شهر، وبالتالي من العادي أن تكون هناك اختلافات، متأسفا لـ”التأويل المغرض الذي تناول به بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي مالية الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، من خلال بيان الرفاق”.

كما أوضح المتحدث ذاته أن مالية الجمعية تتكون من ثلاث نقاط؛ “الأولى هي بطائق الانخراط، ويستفيد منها الفرع المحلي والجهوي، وبالتالي لا علاقة للمكتب المركزي بها، ثم دعم بعض الرفاق، ويعطى جهارا أثناء المؤتمر، ثم البرامج التي تلقى تمويلات خارجية”.

وبخصوص هذه التمويلات، قال غالي: “هناك شروط صارمة في هذا الباب”، مذكرا بزيارة قضاة جطو لافتحاص الجمعية، حيث وجدوا الأمور مضبوطة، فضلا عن التقليد السنوي بوضع مسار الأنشطة والمصاريف المالية لدى الأمانة العامة للحكومة.

وأوضح الحقوقي ذاته أن البرنامج التمويلي الوحيد الذي تتوفر عليه الجمعية حاليا هو مع وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان، ويبلغ 10 ملايين، فيما الجمعية تضم 12 ألف منخرط، متسائلا حول جدوى هذا القدر مقارنة بعدد المنخرطين.

وأكمل غالي التصريح ذاته بالقول: “في عز أزمة كورونا ساهمنا في الصندوق بمبلغ قدره 15 مليونا”، مسجلا أنه “في كل ما يتعلق بالمال هناك فقط اختلافات، فهناك من يريد كرسيا وآخرين يريدون طاولة”، وزاد: “من يشك فمرحبا به لافتحاص مالية الجمعية منذ تأسيسها إلى الآن”.

تأويلات خاطئة

إبراهيم ميسور، نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وأحد الموقعين على الرسالة، أورد أن الوضع عادي داخل التنظيم، متسائلا حول من سرب الوثيقة، ولماذا كل هذه التأويلات التي ضخمت من حجم الموضوع.

وأضاف ميسور، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن جميع التأويلات التي تروج على مواقع التواصل الاجتماعي خاطئة، مؤكدا تشبث الموقعين بالعمل الوحدوي، وأنه “لا يمكن طرح الأمر بتاتا على أساس كونه انفجارا داخل الجمعية”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن كل ما في الأمر هو اختلاف في التدبير، نافيا أن يكون هناك اصطدام بين رفاق النهج والطليعة؛ “بل هناك جهات خارج الجمعية تحاول تقديم هذا الطرح والتأثير على قرارات التنظيم”، ومؤكدا أن التعامل بين الأعضاء رفاقي ومتشبث بالوحدة.

وبخصوص النقطة المالية، أورد المتحدث أن الأمر لا يتعلق بالفساد أو باختلاسات، مردفا: “ما قصده الموقعون أن الاجتماعات الدورية لا تدرج نقطة المصاريف، وبالتالي تحدثت الرسالة عن الضبابية”، مقرا بأن التعبير “جانب الصواب في الوثيقة”.

hespress.com