قبل 17 دقيقة
إنه يشبه، إلى حد ما، مخلوقا هجينا من فيلم خيال علمي: آكل النمل العملاق يمد كفيه البنيتين ذواتي الشعر الكثيف وقد غطاهما … جلد السمك.
وهذه مجرد تقنية تُستخدم للمساعدة في استعادة الحيوانات المحاصرة في أسوأ حرائق الغابات التي أصابت منطقة بانتانال، أكبر الأراضي الاستوائية الرطبة في العالم، منذ عقود.
وقد اجتاحت النيران 27 في المئة من المنطقة، وهي واحدة من أكثر مناطق التنوع البيولوجي في العالم، وتمتد على طول الطريق من البرازيل إلى بوليفيا وباراغواي المجاورتين.
وتتمتع بانتانال أيضا بأعلى نسبة كثافة من أنواع الثدييات على وجه الأرض، بما في ذلك الجاغوار، وآكلات النمل، والحيوانات الأخرى التي تتأثر بشدة بالحرائق.
علاج بجلد السمك
مازال جلد سمك البلطي، وهو من أسماك المياه العذبة، يستخدم حتى الآن في علاج جروح بعض الحيوانات، مثل، أشبال الغزلان، وحيوانات التابير البالغة، وأشبالها، وآكل النمل العملاق البالغ، وثعبان الأناكوندا.
ويأتي بعد ذلك حيوان التويويو، وهو طائر اللقلق الكبير، الذي يعد رمزا لمنطقة بانتانال.
ويقول فيليبي روشا، الباحث في جامعة سيارا الفيدرالية، التي تطور فيها هذه التقنية: “يحتوي جلد البلطي على طبقة كبيرة جدًا من الكولاجين، الذي يؤدي دورا مهما في عملية الشفاء من الحروق”.
وتجلب الجلود من مزارع الأسماك التي عادة ما تتخلص منها.
وتجفف البقع التي تلصق بمكان الجرح وتعقم وتحفظ في درجة حرارة عادية. وهي تعمل كضمادة بيولوجية للجروح، ويساعد هذا في عملية الشفاء.
انفجار مرفأ بيروت
يستخدم الباحثون هذه التقنية لعلاج ضحايا الحروق في المستشفيات منذ عام 2015.
وفي أغسطس/آب الماضي، أرسلت الجامعة 40 ألف سم مربع من جلود الأسماك للمساعدة في علاج الجرحى بعد انفجار ميناء بيروت، الذي أسفر عن مقتل 203 أشخاص وإصابة الآلاف.
كما تعاون العلماء أيضا مع باحثي جامعة ديفيز للمساعدة في علاج الدببة المصابة في حرائق كاليفورنيا في عام .2018
وشعر روشا وزملاؤه بتأثير انتشار صور الحياة البرية المصابة بجروح الحروق بعد اندلاع الحريق في بانتانال.
ومن خلال الاتصالات مع منظمة الحياة البرية غير الحكومية، المعروفة باسم أمبارا، تواصلوا مع المستشفى البيطري في جامعة ماتو غروسو الفيدرالية في كويابا، حيث يشاركون الآن التقنية مع العاملين هناك.
ويقول روشا إن رؤية الحيوانات وهي تتعافى أمر “مؤثر”.
ألم أقل وفقدان السوائل
ما يحدث عادة هو وضع مرهم على جروح الحيوانات، بعد تخدير الأطباء البيطريين لها كل يوم قبل تغيير الضمادة.
ويقول روشا: “باستخدام جلد سمك البلطي، نخفض تكلفة تغيير الضمادة يوميا، ونحد من آلام الحيوان، ونخفف عبء العمل الجماعي”.
ويلصق جلد السمك بإحكام بالأنسجة المعالجة، ويمنع هذا فقدان السوائل ويحافظ على الجرح رطبا وخاليا من الجراثيم.
ولا يعد المظهر الهجين دائما. إذ سرعان ما يلتصق الجزء الأبيض من جلد السمكة، الذي يحتوي على الكولاجين، بالجرح بينما يتساقط الجزء الداكن، بحسب ما يقوله روشا.
ويعود جلد الحيوان إلى مظهره الأصلي.
ويضيف أن الحيوان “سيعاود جريه إلى الماء والخروج منه، كما كان يفعل من قبل”.
ويقول إن شبل غزال أحترقت أرجله الأربعة، وكان أول حيوان مصاب يتلقى هذا النوع من العلاج بجلد السمك. ثم جاء دور التابير البالغ، وشبله.
ويقول روشا إن أحد حيوانات التابير أصيب بجروح بالغة، وكان يرفض تناول الطعام أو اللعب في الماء.
وبعد أن ضمد فريق العلاج ظهره، كان في اليوم التالي ” في الماء”، كما يقول روشا.
ويضيف: “كان يهرب من الماء ويعاود دخوله مرة أخرى. على الرغم من أننا لم نتمكن من رؤية حدوث عملية الشفاء الجسدي، لكن يمكننا أن نرى [التغيير] في سلوك الحيوان”.
بعد ذلك كان هناك آكل النمل العملاق وثعبان الأناكوندا، الذي احترق جلده بشدة وانكشف اللحم تحته.
ويقول روشا إن حالة الثعبان كانت تمثل تحديا “لكننا نعتقد أنها ستنجح”. وكان الحيوان التالي في الخط هو اللقلق الذي احترق جناحه.
“رضا كبير”
يقول روشا إن مساعدة الحيوانات في تخطي الألم “يشعرها بالرضى كثيرا”.
ويضيف: “نحن سعداء ومتحمسون للمساعدة في هذا الوقت الحزين في البلاد”.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن منطقة بانتانال تشهد أسوأ موجة جفاف لها منذ 60 عاما، وهو ما يؤجج الحرائق.
ويقول الخبراء أيضا إن الحرائق نتجت جزئيا عن أفعال بشرية. وتنتقد جماعات البيئة حكومة الرئيس جايير بولسونارو وحكومة الولايات لأنها استغرقت وقتا طويلا حتى تتصرف من أجل السيطرة على الحرائق.