الجمعة 20 نونبر 2020 – 23:00
يخلّد العالم اليوم الجمعة، 20 نونبر، اليوم العالمي للطفل، في ظروف استثنائية وسمت هذه السنة بفعل انتشار جائحة فيروس كورونا، التي كانت لها انعكاسات سلبية على الأطفال وحرمتهم من عدد من حقوقهم.
وإذا كان الأطفال المنتمون إلى الطبقة الاجتماعية الهشة أكثر الأطفال الذين تُهضم حقوقهم، فقد كرّست جائحة فيروس كورونا هذه القاعدة أكثر؛ ففيما يتعلق بالحق في التعليم، برز تفاوت كبير بين الأطفال الفقراء ونظرائهم من أبناء الطبقتين المتوسطة والغنية بعد اعتماد التعليم عن بعد.
وعانى الأطفال المنتمون إلى الطبقة الاجتماعية الهشة في المغرب من صعوبات في مواصلة تعليمهم خلال الموسم الدراسي المنصرم، بسبب افتقارهم إلى الأدوات التقنية لمواكبة التعلم عن بعد عقب توقف الدراسة الحضورية، أو عدم ارتباطهم بشبكة الأنترنت، وحتى الكهرباء، في بعض المناطق القروية.
يرى محمد النحيلي، رئيس منظمة بدائل للطفولة والشباب، في تصريح لهسبريس، أن التعليم عن بُعد خلال فترة الحجر الصحي، أفرز وجها جديدا من أوجُه عدم المساواة، وبيّن الفجوة الرقمية بين أطفال الأسر الفقيرة وأطفال الأسر ذات تموقع مجتمعي أفضل، معتبرا أن الدولة “لم تكن مستعدة لهذا الظرف لضمان المساواة بين أبناء الوطن الواحد”.
منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” اعتبرت أن أزمة كوفيد-19 هذه السنة أدت إلى أزمة في حقوق الطفل، مشيرة إلى أن الجائحة أفرزت آثارا واضحة وراهنة على الأطفال إذا لم تتم معالجتها فقد تستمر مدى الحياة.
وبذل المغرب مجهودات لتحسين وضعية الأطفال؛ إذ كان من أوائل الدول التي صادقت على حقوق الطفل منذ سنة 1993، وكرّس هذا التوجه الرامي إلى صيانة حقوق الأطفال من خلال نصوص تشريعية وقانونية محلية، مثل الدستور ومدونة الأسرة.
هذه المجهودات، حسب محمد النحيلي، حسّنت من وضعية حقوق الأطفال، حيث حرى رفع سنّ التشغيل إلى ستة عشر عاما، وتعميم التعليم، ومكتسبات أخرى، لكنه شدد على أن ثمة حاجة إلى بذل مزيد من الجهود لتحسين وضعية الأطفال وضمان حقوقهم.
وأشار في هذا الإطار إلى أن سنّ تشغيل الأطفال يجب أن يرتفع إلى ثمانية عشرة سنة، وتحديد سنّ الزواج أيضا في السن نفسه، بهدف وضع حد نهائي لتزويج القاصرات، مبرزا أن المغرب مُلزم بتطبيق المواثيق الدولية التي يصادق عليها، والتي يعطيها دستور المملكة في ديباجته الأولوية على القوانين المحلية.
وأضاف النحيلي أن “وزارة الشغل حددت السن الأدنى لتشغيل الأطفال في ستة عشرة سنة مع رفعه تدريجيا، ولكن تستطيع الوزارة أن تعطينا إحصائيات حول العدد الحقيقي للأطفال المشتغلين، ومعطيات دقيقة حول ظروف عمل هؤلاء الأطفال داخل البيوت، وهل يتمتعون بالحماية والحقوق المكفولة لهم قانونيا”.
يونيسيف وضعت، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للطفل هذه السنة، خطة من ست نقاط ودعت الحكومات إلى تحقيقها، وهي ضمان التعليم لجميع الأطفال، بما في ذلك رأب الفجوة الرقمية، وضمان الوصول إلى الخدمات الصحية والغذائية، وجعل اللقاحات ميسرة التكلفة ومتاحة لكل طفل، ودعم وحماية الصحة النفسية للأطفال والشباب ووضع حد لسوء المعاملة والعنف الجنسي والإهمال في مرحلة الطفولة.
ودعت يونيسيف كذلك الحكومات إلى زيادة الوصول إلى المياه النظيفة والصرف الصحي والنظافة الصحية ومعالجة التدهور البيئي وتغير المناخ، وعكس ارتفاع معدلات فقر الأطفال وضمان النمو عمومي النفع، ومضاعفة الجهود لحماية ودعم الأطفال وأسرهم الذين يعيشون في ظل النزاعات والكوارث والتهجير.
وقال محمد النحيلي إن القوانين التي يضعها المغرب من أجل ضمان حقوق الأطفال يجب أن تلقى التطبيق الفعلي على أرض الواقع، “لا نريد قوانين لحملها إلى المنتديات الدولية في حين نجد أن فئات كبيرة من الأطفال لا يتمتعون بحقوقهم الأساسية”، يقول المتحدث.
وعلى الرغم من أهمية القوانين في حماية حقوق الأطفال، إلا أن العمل ينبغي أن يتم أيضا على مستوى “تغيير العقلية السائدة والسلوك المرفوض”، بحسب النحيلي، الذي أوضح أنه “لكي نقضي على تزويج القاصرات، يجب أن يواكَب القانون بحملات تحسيسية لتغيير العقليات، لأن المعركة الأساسية هي تغيير السلوك والمعايير الاجتماعية، حتى يكون للقانون انعكاس قوي، وألا يُنظر إليه كآلية غريبة عن الثقافة السائدة في المجتمع”.